أنهى الحجاج شعائرهم بكل أمن وأريحية، ما يزيد عن مليوني حاج أتوا إلى مكان واحد، وبوقت واحد، أدوا مناسكهم وأتموا فرضهم، منهم من يهم بالعودة لدياره، ومن ينوي زيارة المدينةالمنورة، إلاّ أنّ هناك من فضل التخلف والبقاء بقرب بيت الله الحرام، الأمر الذي يعدّ مخالفة لقوانين نظام الحج. وقد تأهبت المملكة للتصدي لظاهرة "تخلف" الحجاج عن ديارهم، خاصةً حجاج الدول التي تعاني من اضطرابات سياسية؛ مما دعا إلى تكوين لجان من جميع الإدارات المعنية بالموضوع، وتراهن الجهات الأمنية على قرار عدم تأخير رحلات الحجاج -دون استثناء-، لتخفيض نسب المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل من الحجيج الذين لا يعودون لبلدانهم بعد أداء المناسك؛ مما يؤزم وضعهم القانوني ويضعهم أمام عقوبات السجن والإبعاد. كما أن الجهات الأمنية تنظم حملات تفتيش دائمة وواسعة النطاق للمتخلفين بعد انتهاء المناسك مباشرة، فالإجراءات النظامية تسمح ببقاء الحجيج بعد موعد المغادرة المقرر لهم في حالتين فقط: الأولى صحية تستلزم البقاء في المستشفيات الحكومية، أو أن يكون الحاج موقوفاً على ذمة قضايا أمنية، ويتم هنا مراجعة الجهة المختصة بالأمر حتى التأكد من مغادرته لبلده. توعية الحجيج وكشف "مسعود العلياني" - مطوّف- أنّ الحج هذا العام كان بفضل الله موفقاً، حيث إنّه رغم كثرة الحجيج، إلاّ أنّه كان ميسراً، وفيما يتعلق بحجاج الداخل مشيراً إلى أنّه كل عام تكون هناك معاناة تواجه حكومة المملكة، تتمثل في بقاء بعض الحجاج بمكة بعد قضاء مناسكهم؛ مما يعدّ مخالفة صريحة للأنظمة والتعليمات، مشدداً على ضرورة توعية وتوضيح النظام وقوانين المملكة للحجاج، حيث يتم إجبار الحملات وشركات الطوافة على شرح الأنظمة للحجاج قبل وصولهم، وإعطاهم منشورات توضح لهم ما يجب عليهم فعله بعد قبل وأثناء وبعد الوصول لأرض المملكة. عقوبات رادعة وأوضح "فهد الشهري" -إعلامي- أنّ الشركات الخاصة بالحج ملتزمة بالاتفاقيات التي فرضتها وزارة الحج، والتي تعرضها للعقوبات المالية الكبيرة في حال تخلف أحد حجاجها عن المغادرة، مضيفاً: "أننا نلحظ التزام الجميع، سواءً من الداخل أو الخارج بهذه الأنظمة، وأيضاً الحملات الأمنية المستمرة التي تسعى لتطبيق النظام مع الحجاج أو الشركات والمؤسسات، لافتاً إلى أنّ الاستثناءات التي تسمح بها الجهات الرسمية بالتخلف هي في حال المرض، ويتم متابعة الحاج لحين الانتهاء من العلاج المقرر له، ومن ثم إرساله إلى بلده، أو من قبض عليه بدواع أمنية، وهذه تتولى الجهات الأمنية المسؤولة حالته. حاج يسجد لله شكراً بعد إتمام مناسكه ذكرى ناصعة وبيّن "محمد السيد" -حاج مصري- أنّ مؤسسات الطوافة قد أبلغت الحجاج بنظام المملكة والشروط والقوانين التي يجب على الحجاج الالتزام بها، ومنها عدم التخلف عن موعد العودة إلى البلد، مؤكّداً على جميع الحجاج الالتزام بما ورد في شروط المؤسسات، وأن لا يضروا أنفسهم بالغرامات أو السجن قبل الإبعاد، مبيّناً أنّ على كل حاج أن يحتفظ بكل ذكرى جميلة في هذا الموسم ناصعة وخالية من الشوائب، ولتكن حجة العمر التي قام بها خالية من المخالفات. توظيف التقنية وذكر "حاتم قاضي" -وكيل وزارة الحج لشؤون الحج- أنّ الحجاج يأتون للمملكة تحت مظلتين: بعثات الحج أو شركات سياحية، مبيّناً أنّ التقنية خدمت الوزارة بعدم تخلف أي حاج؛ لأنّ كل حاج يأتي إلى المملكة لديه ملف إلكتروني يكشف عن مواقع تواجده، وسكنه، فضلاً عن أنّ جواز سفره يكون مع شركة الطوافة؛ لذلك فنسبة التخلف تكاد لا تذكر، حيث أنّ كل شركة أو مؤسسة تقع عليها مسؤولية حجاجها الذين جاؤوا عن طريقها، وتعقب مغادرتهم، حتى لا تتعرض لإيقاف النظام إلى أن يتم مغادرة كل حاج عن طريقها، مفيداً أنّ التخلف سابقاً كان بسبب العشوائية، ولكن اليوم مع التقنية فقد حدّت من التخلف وفرضت إجراءات حازمة، سواءً على شركات الحج أو العمرة، مشيراً إلى أنّ بعض المتخلفين يتلقون العلاج في المستشفيات؛ نظراً لتعرضهم لعارض صحي، وآخرون عليهم قضايا أمنية، مشدداً على أنّ وزارة الحج تتابع عن كثب مع المديرية العامة للجوازات إجراءات مغادرة المتخلفين. اتفاقيات وتعاون ولفت "فيصل بن محمد نوح" -رئيس المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية- إلى أنّ مكاتب البعثات وقعت على اتفاقيات موثقة بمحاضر رئيسة تلزم حجاج الدول العربية التي تعاني اضطرابات سياسية وعسكرية بالعودة الفورية لبلدانهم، بعد انتهائهم من نسك حج بيت الله الحرام دون تأخير أو تغيير في جدول رحلات مغادرتهم، مشيراً إلى أنّ هذه الاتفاقيات التي وقعت عليها مكاتب شؤون بعثات حجاج الخارج تعد اشتراطاً مهما لأدائهم نسك الحج، مشيداً بتجاوب مؤسسات الطوافة الواسع مع هذا القرار، معتبراً أنّ ذلك يساعد في تنظيم عمليات الحج بشكل منهجي وعملي، مستدركاً: "الذي يبقى من الحجيج بعد تجاوز موعد المغادرة المحدد لسبب ما تبلغ بعثته بذلك الجهات المعنية؛ لمتابعة ملفه مع المؤسسات المعنية بالطوافة". الجميع مسؤول وقال "د.محمد الخطري" -مدير فرع الشؤون الإسلامية بالمدينةالمنورة- أن كل مواطن أو مقيم بأرض المملكة هو مسؤول عن أمنها واستقرارها، وعلى الجميع أن يساهم في توعية الحجاج، ويقف الكل يداً واحدة في مساعدة رجال الأمن، من أجل التعريف بعقوبات التخلف عن المغادرة بعد انتهاء الحج، والتوعية بمخاطر تهريب الحجاج أو مساعدتهم بالتخلف؛ لما لذلك من آثار اقتصادية ونظامية وأمنية، مشيداً بالجهود المبذولة من وزارتي الداخلية والحج في الموضوع، والتي تبيّن مدى التنظيم والتوافق والتعاون. وأضاف: "ما قرأناه وسمعناه عن فرض العقوبات هو كفيل ورادع لكل الشركات والمؤسسات الخاصة بالطوافة، والتي أيضا تلزمهم بعمل التوعية للحجاج قبل مغادرتهم لبلدانهم لتجنب العقوبات والغرامات المفروضة في حال التخلف"، مشدداً على سماحة المملكة وإنسانيتها في مساعدة المرضى والمتعبين، وذلك من خلال علاجهم ومتابعة صحتهم حتى يحين موعد مغادرتهم، ويسمح لهم التمديد في حال لم تسمح ظروفهم الصحية. تجهيزات مبكرة وقد بدأت المديرية العامة للجوازات في توديع حجاج بيت الله الحرام وفق الخطة التي أعدتها المديرية لهذه المرحلة ممثلة في توديع ضيوف بيت الله الحرام وتسهيل سفرهم في مختلف المنافذ، بعد أن جندت جميع إمكاناتها وطاقاتها الآلية والبشرية لتنفيذ هذه المرحلة من خطتها وتقديم كل التسهيلات لمغادرة الحجاج، وقد دعت المديرية العامة للجوازات حجاج بيت الله الحرام مغادرة المملكة بعد الانتهاء من مناسكهم مصحوبين بالسلامة وحسب برنامج التفويج المعد لكل حاج، مؤكّدة على أنّ الأنظمة بالمملكة لا تسمح بتأخر أي حاج عن رحلة العودة إلى وطنهم. وشددت المديرية العامة للجوازات على أنّ الحجاج المتخلفين عن المغادرة يتم التعامل معهم وفق ما يخص نظام الجوازات، بالتنسيق مع الدوريات الأمنية وإدارة الوافدين التابعة للجوازات، عبر أخذ الخصائص الحيوية وبصمة الإبهام والعين، ومن ثم يتم البحث عن الشركة التي قدم عن طريقها هذا الحاج وسمحت له بالتخلف، لبدء تطبيق النظام ضدها، وكل ما من شأنه تطبيق التعليمات والإجراءات الكفيلة بإبعادهم إلى بلدانهم. غرامات مالية ومن جهة أخرى أكّدت هيئة الطيران المدني على الشركات المشغلة لرحلات نقل الحجاج بالالتزام بالتعليمات الخاصة بنقل ضيوف الرحمن في مرحلة القدوم والمغادرة، لافتةً إلى ضرورة الحرص على جدولة الرحلات والمصادقة على أرقام حجز المجال الجوي، وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في التعليمات؛ ضماناً لانسياب حركة النقل وتوخياً للسلامة الجوية، حيث فرضت هيئة الطيران المدني عقوبات مالية تصل إلى (200.000) ريال على شركات الطيران المخالفة للأنظمة الخاصة بموسم الحج، ضمن خطة كاملة تشمل استعدادات الهيئة لموسم الحج.