ليس هناك ثمة شك في أنّ بناء الإنسان والاستثمار في عقله هو محور العملية التنموية وإحدى أهم دعاماتها الأساسية لتطوير ونهوض أي مجتمع، وتلك هي رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله– والتي تنظر إلى الفرد السعودي بأنّه هو عنصر التنمية المستدامة، وعليه يستحق إعطاءه الأولية والاهتمام الكبير والرعاية الشاملة. ومن المؤكّد أنّ إسهامات خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في بناء وتنمية الإنسان السعودي قلّ نظيرها عالمياً فهي بحق كبيرة في الحجم والأهمية، ومتعددة ومتنوعة من بناء جامعات عالمية المستوى لإعداد الإنسان السعودي لينافس عالمياً، إلى تبني برنامج ابتعاث تنفرد في كل المقاييس عالمياً ولا يوجد لها مثيل، بالإضافة إلى برامج ومبادرات تطوير كافة جوانب التعليم؛ للرقي بالمواطن، وكذلك تسخير جزء كبير من الميزانية لتنمية الموارد البشرية في المملكة، وغيرها الكثير من الإسهامات أنها جهود وإنجازات. اكتساب المعرفة في البداية أوضح «د. فهد بن معيقل العلي» -أكاديمي بجامعة تبوك– أنّ تصنيف المملكة قد ارتفع بحسب تقرير التنمية البشرية لعام 2014م والصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، حيث حققت المركز (34) من بين دول العالم، مبيناً أنّ هذا التقرير انعكاس حقيقي لرؤية خادم الحرمين الشريفين وتوجهاته الكريمة بشأن التركيز على التنمية البشرية في هذا العهد الزاهر واهتمامه حفظه الله ببناء الفرد والحرص على تنمية مهارته وتطوير مداركه، لافتاً إلى أنّ اكتساب المعرفة للفرد في هذا الوطن يعد من أهم الإنجازات التي تحققت في عهد الملك عبدالله، حيث يخصص أكثر من (25%) من ميزانية الدولة على التنمية البشرية في مجالات التعليم والتدريب. وقال إنّ عدد الجامعات قد قفز في عهد خادم الحرمين الشريفين إلى أكثر من (25) جامعة حكومية، وأكثر من (13) جامعة وكلية أهلية، والتي تحتوي على جميع التخصصات الطبية والهندسية والأدبية، وتم إنشاء المدن الجامعية في كل منطقة ومحافظة في مملكتنا الغالية، وبهدف قيام الجامعات بدورها بالتنمية البشرية تم دعمها بميزانيات ضخمة وبكوادر بشرية مؤهلة، كما تم تحفيزها واستقطابها من خلال قرار التوسع بالبدلات والمكافآت لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات، مبيّناً أنّ كل ذلك يأتي من حرص القيادة الحكيمة على توفير التعليم العالي لكل شاب وشابة بالقرب من مقر إقامته. وأضاف أنّه تم دعم الطلاب والطالبات في الجامعات والكليات الأهلية، من خلال التوسع في المنح الدراسية لهم بدفع الرسوم الدراسية عنهم، إضافةً إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي أتاح الفرصة إلى أكثر من (150.000) مبتعث ومبتعثة إلى العديد من دول العالم وفي جامعات عريقة، كما تم دعم صندوق الموارد البشرية لأداء دوره لتدريب وتأهيل الشباب للعمل في مختلف القطاعات، من خلال برامج تدريبية متخصصة وفي مجالات مختلفة. خيار استراتيجي من جانبه بيّن «د. عبدالرحمن بن أحمد هيجان « -عضو بمجلس الشورى– أنّ جميع الدول تلجأ في عصرنا اليوم إلى إعداد خططها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، غير أنّه ومع إدراك أهمية هذه الخطط ودورها بالنسبة لتنمية المجتمعات، إلاّ أنّ هناك عنصرا هاما في ترجمة هذه الخطط إلى واقع عملي وهو الموارد البشرية، مؤكّداً أنّ خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- أدرك الأهمية الكبرى لدور الموارد البشرية في تفعيل خطط التنمية. وقال إنّ المليك -حفظه الله- قد أدرك أنّ إعداد الشباب من خلال تعليمهم وتأهيلهم إلى المستوى الجامعي هو الخيار الاستراتيجي الأمثل لتنمية وتطوير الموارد البشرية بالمملكة، حتى شهدنا في هذه الأيام توافر العديد من الكوادر العلمية الجامعية المؤهلة في جميع التخصصات، مبيّناً أنّ هذا الاهتمام بالتعليم الجامعي سانده مشروعات وبرامج أخرى لخادم الحرمين الشريفين، تمثلت في برامج الابتعاث التي كانت فرصة لجميع أبناء هذا المجتمع من الأبناء والبنات للالتحاق بهذه البرامج، حتى إنّه مع توسع وتنوع مناشط هذا البرنامج أطلق علية بعض المفكرين «جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث». وأضاف إنّ اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالتعليم لم يقتصر على التعليم العام والتعليم العالي، بل كان التعليم المهني والتقني أيضاً من بين المجالات التي حظيت باهتمام خادم الحرمين الشريفين، سواء من حيث الدعم المالي أو المتابعة، حيث أصبح التعليم التقني والمهني من أبرز مصادر التنمية البشرية في المجتمع التي تدعم توجه المملكة في مجال الصناعة والتطور التقني، موضحاً أنّ هذا الاهتمام بالتعليم المهني والتقني تمت معاضدته من خلال برامج التدريب والتأهيل بمختلف أنواعها. وأشار إلى أنّ اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالموارد البشرية لم يقتصر على الجانب المدني والحكومي فقط، بل شمل هذا الاهتمام القطاع الحكومي والقطاع العسكري والقطاع الخاص وجمعيات النفع العام، مؤكّداً أنّ جميع المواطنين فخورين اليوم بما تم إنجازه في عهد الملك في مجال تنمية الموارد البشرية، حتى أننا نستطيع أن نقول اليوم انّ لدينا احتياطاً مميزاً في الكفاءات البشرية، واستعدادا للمستقبل أسوة باحتياطاتنا واستعداداتنا في مجال الأمن والاقتصاد. الاستثمار في المواطن ورأى «د. عبدالله بن علي المباركي» -باحث متخصص في تنمية الموارد البشرية عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- أنّه لو استعرضنا الإنجازات والجهود التنموية خلال (84) سنة من تأسيس المملكة لوجدنا أنّ الإنسان هو دائماً محور العملية التنموية، بل الأساس الذي تقوم عليه خطط التنمية المتعاقبة، ويوجه استراتيجياتها وسياساتها؛ لأنّ الاستثمار في العنصر البشري يمثل الركيزة الأساسية التي يعول عليها تحقيق أهداف التنمية الوطنية الشاملة، كون الاستثمار في تنمية الموارد البشرية تمثل بحق مبدأ الاستدامة في أوجه التنمية المختلفة، بل وتوجه استراتيجيات التنمية الشاملة وسياساتها على المدى القريب والبعيد. وقال إنّ استئثار هذا القطاع المهم بأكبر مستوى من قيمة الإنفاق على خطط التنمية، ومن مخصصات ميزانية الدولة للقطاعات التنموية المختلفة، وخلال خطط التنمية السابعة إلى التاسعة -مثلاً- استأثر قطاع تنمية الموارد البشرية بمعدل نسبة إنفاق بلغت (55%) تقريباً من إجمالي ما أنفق على قطاعات التنمية، مبيّناً أنّ إجمالي ما أنفق على خطط التنمية الثلاث ارتفع من (485.3) مليار ريال في الخطة السابعة، إلى (863.9) مليار ريال في الخطة الثامنة، ثم (1444.6) مليار ريال في الخطة التاسعة، ومن عام 2006م إلى 2013م يخصص لقطاع التعليم وتنمية الموارد البشرية بمعدل نسبة إنفاق بلغ (25%) من إجمالي ما أنفق على قطاعات التنمية المختلفة. وأضاف أنّ هذين المؤشرين يمثلان بحق وبوضوح الاهتمام المستمر بالاستثمار في المواطن، الذي يمثل الهدف الأسمى الذي تسعى إلى تحقيقه حكومة هذا الوطن الغالي، وقد تترجم ذلك في تطوير التعليم، وزيادة عدد الجامعات، والابتعاث، والتدريب، والتغير الواضح في مخرجات التعليم، ومن ثم تلبية سوق العمل المحلية، حيث انّ تنمية الموارد البشرية وجعلها على رأس أولويات الاستراتيجيات التنموية هو في الواقع استثمار بعيد المدى ذو بعد تنموي مستدام. صناديق التنمية وفي ذات السياق نوّه «د. فضل بن سعد البوعينين» –خبير اقتصادي– بأنّه يمكن النظر إلى تحسين مستوى المعيشة من جوانب مختلفة، إلاّ أنّ أهمها وأساسها هو الاهتمام بأسس التعليم وإعادة هيكلته، من خلال مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم، لافتا إلى مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي يتعامل باحترافية مع التعليم العالي؛ للحصول على الكفاءات القادرة على الإسهام بقوة في التنمية والتعليم، فتحدث مخرجات التعليم العالي الناتجة عن الابتعاث الخارجي أثراً مباشر على أسس التعليم، ونمطه، والتنمية البشرية بشكل عام؛ مما يقود بالفعل إلى تنمية المهارات البشرية، والوصول بها إلى مستوى الكفاءة المطلوبة. وأضاف أنّ دعم خادم الحرمين الشريفين لصناديق تنمية الموارد البشرية جزء رئيس من عملية التطوير الشاملة، والتي أسهمت في تقدم موقع المملكة على قائمة التصنيف العالمي للتنمية البشرية واحتلالها المركز (34)، بعد أن كانت في المركز (57)، معتبراً أنّ هذا تحسن كبير ومهم في مسيرة تطوير الموارد البشرية، موضحاً أنّ صناديق الدعم الحكومية أسهم في توفير التمويل المناسب لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأسهم أيضاً في توفير السيولة الكافية لدعم الموارد البشرية وتطويرها. دعم المرأة فيما أوضحت «د. هيا عبدالعزيز المنيع» -عضو مجلس الشورى- أنّ قطار التنمية تحرك في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله-، وحمل ملف المرأة لتستعيد الكثير من حقوقها الغائبة؛ بسبب سطوة الأعراف، حيث تبوأت المرأة اليوم الكثير من المواقع القيادية في الكثير من المواقع الحكومية والأهلية، وأكبر خطوة تم فيها تمكين المرأة السعودية هي إدخالها مجلس الشورى، وعبر ثلاثين سيدة؛ بهدف مضاعفة تحريك ملف المرأة، وإخراجه من حالة التردد الذي أخر كثيراً من خدمتها لوطنها ولنفسها. وقالت:»من المؤكد أن ذلك يتطلب المزيد لنختصر الوقت الذي ضاع على المرأة، وبالتالي خسر المجتمع الكثير»، مبيّنةً أنّ تمكين المرأة تم في غير مكان، خاصةً في التعليم العام والعالي، عبر توليها نائب الوزير في وزارة التربية والتعليم، وإدارة جامعة بحجم جامعة الأميرة نورة في التعليم العالي، معتبرةً ذلك جزءا من حالة التمكين التي يريد الجميع أن تتسع قاعدتها، فتشمل القطاعات الخدمية، خاصةً وزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارة الصحة، ووزارة العمل. وأضافت أنّ وجود المرأة في مجلس الشورى للمشاركة في صياغة وبناء القوانين والتشريعات يشكل أهم القرارات التي يتوقع أن تخدم المرأة في مستقبل الأيام، بالإضافة لوجودها في المجالس البلدية كمرشحه وصوت انتخاب، إلى جانب إدراج المرأة في برنامج الابتعاث مثل أخيها الرجل، وكل ذلك من المكاسب التي ستجني المرأة والوطن ثمارها في قادم الأيام، حيث العمق العلمي مع الانفتاح الحضاري على ثقافات أخرى متنوعة وثرية بعمق التجارب الإنسانية، خاصةً وأن المبتعثة ستكون أيضاً أماً تربي الأجيال، وبالتالي سيتسع الثراء ويمتد لأجيال الغد. وأشارت إلى أنّ المرأة حظيت بالكثير من الاهتمام في الفترة الأخيرة، وكان آخرها القوانين التي اتخذتها وزارة العدل، وتعد مكسباً حيوياً، مشددةً على أنّ المرأة تعيش الكثير من التحديات والصعوبات، وجزء من المكاسب القادمة مرهون أيضا بقدراتها وعدم استكانتها والاستمرار في المطالبة بحقوقها عبر القنوات الرسمية. د. فهد العلي د. عبدالرحمن هيجان د. عبدالله المباركي فضل البوعينين