من لا يُحب وطنه؟ سؤال في ظاهره يبدو باهتاً لا معنى له، لكن إثارته الآن كما أظن لها دلالات عدة ولا سيما وقد اتضحت اليوم حقائق لم تظهر من قبل فيما يتعلق بالولاء للوطن. فهل من بايع أو أيّد من سمى نفسه خليفة المسلمين يحب وطنه أو يُدين له بالولاء؟؟ وطننا هذا لنا جميعاً نحبّه ونُوالي من يُحبه كما نُعادي من يُعاديه. إذا بالفعل يهمنّا أمره يفترض بنا الحرص التام على صيانة أمنه وتماسكه ووحدته. صيانة أمنه ليس فقط بعدم إثارة القلاقل والفتن أو عدم التشجيع علناً على تعكير صفو أمنه العام، بل يُفترض الحذر حتى من اللمم. نعم.. فقد يظن أحدهم بأن (ذب) كلمة هنا ومفردة مريبة هناك واستخدام اللغة العنترية في وسائل الإعلام الجديد المفتوحة (ع الآخر) كما يقول إخوتنا في مصر لا تؤثر ولا تُهيّج مشاعر الناس.! العاقل يُدرك بأن هناك من ينتظر شرارة صغيرة بل في منتهى الصغر لينفخ فيها أملاً باشتعال الحرائق في جسد الوطن. يريدون أن نحترق ونعود عدماً بعد أن كافحنا وفرضنا وجودنا بين الأمم. من يهمّه أمر الوطن بحق فليُشارك في إصلاح الأخطاء لا الرقص فرحاً بوجودها. من يهمّه أمر الوطن فليشمّر عن ساعديه للمساهمة في البناء لا أن يسنّ فؤوس الهدم الغادرة بحجّة النقد. من يقلقه وضع الوطن فليقدّم حسب اختصاصه ومقدرته خطّة أو فكرة يراها تساعد في الإصلاح لا كلاماً إنشائياً لا يقدّم شيئاً. من يهمّه حال وطنه وأهله فليتراص مع صفوف الشرفاء لا أن يقف في المنطقة الرمادية يخرج منها وقت يشاء ليتلون بألوان كل مرحلة. كلنا كمواطنين ومعنا الأجهزة الرسمية نعترف بوجود أخطاء وقصور في بعض الأجهزة الخدمية وتعثر في المشاريع وخلافه وبالمقابل نعرف أيضاً بوجود من يشحن نفوس الناس ويتمنى لو تستمر هذه الأخطاء حتى (يسترزق) ويبرز وتصبح له كلمة مسموعة حاله كحال حفّار القبور ترتفع قيمته بارتفاع عدد الجثث وازدياد خطف الأرواح. إن إثارة سخط الناس حتى لو كانوا في حال لا بأس به من العيش أمر سهل لا يحتاج سوى مفردات مخادعة وبكائيات وصفصفة كلام معسول فيصدق البُلهاء ويبدأون في التفتيش عمّا يعتقدون بأنه ينقصهم ليشاركوا الساخط حفلة الردح ثم ماذا؟؟ نعم ما هي نتيجة إثارة هذا السخط؟ هل سيتحقق الإصلاح المطلوب؟ هل ستختفي الأخطاء؟ هل ستنهض الأمة ؟؟ لندع السذّج يقولوا ما يريدون ولننظر في الواقع، نعم الواقع غير المُزيّف ليس تطبيلاً بأن كل شيء تمام ولا تدليساً بأن الحال مزرٍ ولنكن منصفين عقلاء.