في أغسطس الماضي 2013م أطلق "هادي بكداش"اللبناني كما جاء في تحقيق لصحيفة" الشرق الأوسط" صفحته على الفيس بوك خدمة توصيل الكتب بطريقة "الدليفري" وبشكل مجاني.. من خلال مكتبته في "بيروت" لتصبح صفحته مكتبة جوالة تؤمن الكتب والروايات، وكل ما على من يريد الكتاب إرسال رسالة على هاتفه المسجل أو الواتس أب ويتم في ساعات وصول الكتاب إليك دون عناء! هل ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار مثل هذه الخدمات الرائعة؟ وهل من الممكن أن ترفع مستوى بيع الكتاب الذي شهد في السنوات الأخيرة في المنطقة العربية انحداراً هائلا ًفي توزيعه خاصة بعد الربيع العربي وتراجع الاهتمام بالمعارض الكبيرة والمعروفة كمعرض القاهرة للكتاب، وبيروت اللذين لم يحققا العام الماضي نسبة مرتفعة سواء حضورياً أو في المبيعات للأزمة الاقتصادية أولا والخوف من التفجيرات ثانياً؟ صاحب المشروع عاش بين الكتب منذ صغره في دار نشر يملكها والده الأديب اللبناني" عبدالحميد بكداش" مؤسس "دار المصور العربي" ولكن كل كتب الدار أحرقت في الحرب ولذلك هو يعرف جيداً كيف ينتقي الروايات والمنشورات بدقة وذكاء واصبح عمله الوحيد نشر ثقافة الورق بكل الوسائل. يقول عن فكرته التي تجاوز عدد زبائنها الألف شخص في 6شهور الأولى أن الفكرة تشجع القارئ على طلب ما يريد بسهولة وتختصر الوقت والمسافة فلاتنتقل من مكانك لشراء الكتاب بل تطلبه بالهاتف كما تطلب وجبة طعام فتصلك على وجه السرعة من خلال فريق عمل يقوم بتلبية الكتب والتي وإن لم تكن لديه في مكتبته فإنه يوفرها من مكتبات أخرى دون أي تكلفة إضافية، ويتم التوصيل السريع من خلال الحافلات للمدن القريبة أو البريد السريع لتنشيط حركة البيع. أهمية فكرة "دليفري بوك" لاتكمن فقط في وصول الكتاب إليك دون عناء كاعتياد على حصول الإنسان العصري على حاجاته بأسهل الطرق ولكن في قراءة أي كتاب تطلبه سواء توفر لدى الناشر أو يوفره لك من المؤلف ودون أي اعتبار لتاريخ النشر حتى الكتب القديمة يبحث عنها لدى ناشرها أو مؤلفها أو في المكتبات الخاصة ويعمل على تأمينها، أماالنسخ النادرة فيعمل على تصويرها للراغبين بها. ومع ذلك قد لايستطيع تأمين كل الطلبات في ساعات قليلة لعدم وجود بعض الكتب في بيروت وصادرة في مصر أو المغرب العربي وإلى طبيعة بعض دور النشر التي تقفل أبوابها مبكراً! في التسويق يستمتع زبائنه بأسعار أقل عندما يأخذون عروض مجموعة روايات لكاتب واحد بسعر أقل من مجموع تكلفتها علماً أن نسبة الحسم التي يحصل عليها من دور النشر تؤمن جزءاً من تكاليف التوصيل المجاني. فكرة "هادي بكداش" في توصيل الكتاب المتيسرة في توصيله كما يراها تنطلق من أن الثقافة هي في الأصل غذاء للروح وصقل للنفس وتحقيقها يتمثل في الحصول على مادتها الأولية وهي الكتاب بسهولة وإدخال مفهوم جديد بين الشباب لنشر الثقافة والتحفيز على القراءة دون معاناة، وبفكرة تسويقية جميلة تتلاءم مع العصر توفر الكتب بلا إستثناء وترضي مختلف الأذواق وبجميع اللغات. الرائع في الفكرة أن تسهيل توصيل الكتاب يرفع نسبة استهلاكه أو طلبه وتحويله إلى حاجة أولية من السهل تحقيقها أياً كان نوعها، أو لغتها فكل الكتب حاضرة في مكتبته الافتراضية وتترقب طلبها كي تسكن رفوف المكتبات الخاصة وكي تلتهم عيون القراء صفحاتها وهذا ما يراهن عليه. أخيراً ومع تزايد المستفيدين من هذا المشروع بعد أن نجح في الجمع بين الشأنين التجاري والثقافي وسعى إلى جذب أكبر عدد من القراء من خلال استعادة الكتاب وضعه ولو جزئياً واندماجه في يوميات الناس وطلبهم له في أي وقت وأي مكان هل تتحول هذه الفكرة إلى الدول العربية الأخرى حتى التي لاتعتني بالكتاب وتمارس ثقافة أخرى غيره؟ هل يستعيد الكتاب ولو بشكل جزئي وضعه ككائن حي تلقاه في مكانك وترافقه بشراكة المحب دون جهد أو رقابة تفرض عليه أو منع أو أسئلة، أو حجز للاطلاع على المضمون؟ الكتاب هو الحياة الأخرى الذي يوفر مشقة المسافات وتمنحه نفسك رهينة بالمزاج والاستكانة.