يعرض حالياً في مهرجان تورنتو الدولي الفيلم الأرجنتيني "حكايات متوحشة" "ًWild Tales"، وهو العرض الثاني له بعد أن شارك قبل ذلك في مهرجان كان في المسابقة الرسمية. ومن المتوقع أن يحصد الفيلم نجاحاً جماهيرياً عند عرضه في دور السينما كعرض تجاري نظراً للكوميديا السوداء التي يحويها وقياساً على الضحك الذي يعم القاعة أثناء المشاهدة والمتعة البادية على وجوه الحاضرين في قاعة السينما. يتناول "حكايات متوحشة"، الذي قام بكتابته وإخراجه داميان زيفرون وشارك في إنتاجه المخرج الأسباني الشهير بيدرو ألمودفار، ست قصص كوميدية مختلفة تدور حول ثيمة الانتقام. وعلى الرغم من العنف والتوحش الذي يظهر على أبطال كل قصة بشكل مضحك ومفاجئ ومختلف، فالسياق الذي تدور فيه أغلب القصص، عدا القصة الأولى، ليس جديداً لكن الجديد هو المعالجة، وإن اختلف مستوى معالجة القصص ومدى الكوميديا الموجودة فيها. فعلى سبيل المثال تبدأ القصة الأولى، الأكثر غرابة ومتعة، بدخول عارضة أزياء إلى الطيارة، ثم تبدأ بالحديث مع الراكب المجاور لها لتتكشف مؤامرة غريبة تنتهي بشكل صادم وكوميدي للغاية. تعقبها قصة أقل بكثير من ذلك حيث يدخل شخص لتناول الغداء في مطعم تعمل فيه نادلة تسبب لها هذا الشخص في طفولتها بمشاكل كبيرة. تسرد قصتها على زميلتها الطباخة التي تلح عليها بالانتقام منه. القصة الثالثة تدور حول سائقي سيارتين يتعاركان في الطريق لينتهي بهما الحال بشكل مفجع ومضحك. القصة الرابعة تحكي عن مهندس متخصص في الهدم ويشعر بالغضب من البلدية لملاحقته بغرامات لا يرى أنها منطقية ويقرر أن يتعامل مع البلدية بطريقته الخاصة. أما القصة الخامسة وهي ربما الأقل كوميدية والأبعد عن أجواء القصص السابقة تدور حول شاب يرتكب حادثا يقتل فيه امرأة حاملا ويبدأ أبوه في بحث طريقة لتخليص ابنه من المشكلة. القصة الخامسة تكتشف فيها عروس خيانة زوجها في يوم الزفاف لتدخل في حالة هستيرية وتبدأ جولة من العنف لكنها تنتهي بطريقة هادئة ربما تقلل من الجو التراجيدي السابق للقصص، وتنهي الفيلم بشعور أقرب للتصالح وربما كان مقصوداً وضعه في نهاية الفيلم. وعلى الرغم من التفاوت في الأجواء وطول القصص واختلاف الممثلين ولكن الفيلم بشكل عام يدور في إيقاع واحد وبشكل متناسق جداً بصرياً يجعل المشاهد مأخوذا بقصصه من البداية للنهاية. كما أن إخراج المشاهد التي تتطلب الخدع كالتفجيرات وغيرها كان بمنتهى الإتقان. وقد حافظ المخرج أيضاً على جودة الأداء في كل القصص وإن تميز بشكل خاص الممثل ريكاردو دارين، الذي أدى دور مهندس الهدم في القصة الرابعة، وهو بطل فيلم "The Secret in Their Eyes" الحائز على جائزة الأوسكار لعام (2009). ما يبرز واضحاً في الفيلم هو الغضب الموجود في شخصيات الفيلم وهو غضب يبدو منطقياً في الحالات المذكورة ويتصاعد بشكل ما ليؤدي إلى الانفجار وارتكاب العنف والتوحش. وهو في هذا رغم اعتماده على الكوميديا إلا أنها بالتأكيد من نوع المضحك المبكي, وهي في كل الحالات الست تستدعي التفكير والتأمل في طبيعة الشر الذي نراه من حولنا.