من المعلوم لكل مسلم ومسلمة، أن الله سبحانه رفع قدر المسجد، وأعلى منزلته، وأذن سبحانه وتعالى أن يرفع، ويذكر فيه اسمه ليلاً ونهاراً، فقال تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ) التوبة 18. كما أمر الرسول أن تبنى المساجد في الدور، وأن تطيب وتطهر، ووعد صلى الله عليه وسلم من بنى لله مسجداً بالجزاء العظيم، والأجر الوفير فقال: «من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة». وما ذلك إلا لأن للمسجد أثراً عظيماً في صلاح المجتمع المسلم، واستقامة أفراده، وتماسك جبهته الداخلية، عندما يؤدي المسجد رسالته الشرعية كما أراد الله تعالى، وكما طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم تطبيقاً عملياً، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكان مواضيع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم «أسس مسجده المبارك على التقوى، ففيه الصلاة والقراءة والذكر، وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة، وعقد الألوية والرايات، وتأمير الأمراء، وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم» أ. ه . إن المسجد كان جامعة كبرى للتعلم والتعليم، وإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خلفوه، وأقاموا دولة الإسلام قوية، وكانوا أكفأ الناس لقيادة البشرية، إنما تخرجوا على يديه في مسجده الذي كانت كل تحركاتهم للجهاد والدعوة ونشر الدين تبدأ من ذلك المسجد، ففيه تخرج أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان، وعلي، وغيرهم من الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين. ولذلك فإن الواجب على الأمة الإسلامية إحياء رسالة المسجد، وتفعيل دوره في جميع مناحي الحياة . وإدراكاً من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لأهمية المسجد العظيمة، وبالغ أثره في إصلاح المجتمع جماعات وأفراد، فإنها لا تألو جهداً في رعاية المسجد، وتهيئته لأداء رسالته السامية. ومن ذلك أن فرع الوزارة في منطقة الرياض ينظم ملتقى: «دور المسجد في تعزيز القيم الوطنية» بالتعاون مع إمارة منطقة الرياض، ضمن فعاليات الحملة الوطنية الشاملة لتعزيز قيمنا الوطنية: «وطننا أمانة»، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض. ويصاحب الملتقى إقامة ورش عمل في عدة موضوعات، منها: رسالة المسجد في تنمية المواطنة، وتوعية المجتمع، وأهمية تعزيز الاستخدام الأمثل لوسائل التقنية الحديثة في المسجد، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم وتعزيز الأمن الفكري، إلى غير ذلك . ولاشك أن تنظيم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ممثلة في فرعها في الرياض لهذا الملتقى العظيم، يعكس النهج المستقيم الذي تنتهجه حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد حفظهم الله وهو المنهج الذي يستضيء بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهو المنهج الذي لايضل عن الصواب من اتبعه واهتدى بهديه، كما قال تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) طه: 123.