أعلنت ورقة تقويم يوم الخامس من شهر ذي القعدة عن بداية عام دراسي جديد وانتهاء العطلة الصيفية، ثلاثة أشهر من أمسيات صيفية جميلة مفعمة بالراحة والسهر، واستيقاظ صباحي متأخر جاعلين الليل نهاراً والنهار ليلاً، مودعين الحياة الفوضوية والحرية مستقبلين الحياة المنضبطة والروتين اليومي. ينقسم الطلاب في هذا اليوم إلى قسمين، طلاب تغمرهم مشاعر الشوق لمقاعد الدراسة ورائحة الكتب الجديدة، وطلاب بدؤوا بحساب الفترة المتبقية للإجازة القادمة من أول يوم دراسي. طبعاً في الأسبوع الذي يسبق بداية الفصل الدراسي، تبدأ كل عائلة بالاستعداد مادياً للعودة إلى المدارس، وتقوم المكتبات والقرطاسيات بنشر إعلاناتها في كل شارع مستغلة موسمها الوحيد في السنة لاستقبال الزبائن، وقد كانت أروقة هذه المكتبات تشكو ألم البعد والفراق، مهجورة لا حياة بها، ورفوفها تعج بالغبار لفترة طويلة، ومع طول الغياب فقد عاد من ينفض هذه الأتربة وينعش للمكتبات حيويتها. وقبل ان انتهي من هذه الفقرة، يراودني في عقلي دوماً سؤال لم اجد له إجابة، ما هو سبب الهجوم المفاجئ على المكتبات وازدحام الشوارع بطريقة مزعجة قبل العودة للمدارس بفترة قصيرة؟ هل خبر بداية الفصل الدراسي ينزل مفاجئا على الأسرة؟ هل موضوع الاستعداد المبكر لشراء احتياجات المدرؤسة قبل بداية الدوام الرسمي بوقت كافٍ للأسرة أمر مستحيل؟ وللأسف قد تكرر المشهد نفسه قبل دخول شهر رمضان الكريم بيوم واحد. وكأننا بهذا نكرس مفهوم اللحظة الأخيرة لإنجاز أمورنا. لكن شراء حذاء جديد، حقيبة جديدة، ملابس جديدة، والأدوات المدرسية الجديدة، غير كاف لتجهيز الطالب للمدرسة، لابد من حصول الطالب علی تهيئة نفسية في المقام الأول، بعد أن كان جدوله اليومي لا يحتوي إلا علی السهر واللعب إلى جدول منظم مع موعد محدد للنوم وللاستيقاظ، يجب اتباع مجموعة من الاستراتيجيات والطقوس اليومية لتسهيل هذه المهمة والعودة إلى هذا الروتين بشكل أسهل على الطالب. ومنها على سبيل المثال، أولاً، يقوم الطالب بضبط موعد نومه قبل بداية الفصل الدراسي بأسبوعين علی اقل تقدير من خلال إرجاع وقت النوم ببطء وتدريجياً حتى يصبح في الوقت المطلوب الذي يناسب الدوام الصباحي، وهذه استراتيجية تساعد على تسهيل مهمة إيقاظ الطالب في الصباح الباكر وتفادي معركة انتشاله من السرير. وكذلك ضبط مواعيد تناول الوجبات الغذائية فهذا يساهم في الانضباط الذاتي بشكل كبير. ثانياً، التهيئة الذهنية والجسدية والشعور بالمسؤولية الدراسية بدلاً من ترويج الإشاعات بأن هناك تمديدا للإجازة ونحوه. ثالثاً وأخيراً، عدم التغيب عن المدرسة في الأيام الأولى ومواجهة الواقع بالرجوع إلى الدراسة وعدم التهرب والغياب. انتهت الإجازة وبدلاً من أن يشعر الطالب بالحزن على ذلك، يحمد الله على أيام قضاها متمتعاً بالصحة والعافية، وتكون هذه الجرعة من الراحة حافزاً للعودة إلى المدرسة بنشاط، متمنية للجميع عاما دراسيا حافلا بالنجاح والتفوق، كل عام دراسي وأنتم بخير.