يوما ما.. وربما في كل يوم نجد أنفسنا نحتاج إلى قارب نجاة يأخذنا من"هول" مايتسلل إلى حياتنا، يرعبنا، ويقذف بنا بعيدا عند تل الخوف من شيء ما"يكسر قلوبنا" أو ربما يخذلنا، وأحيانا يسرقنا، ويسرق منا كنوزنا الثمينة، نحتاج إلى أن نسمع ماذا حدث للبعض، أو ماذا قالوا في وقت المحنة الصعبة وكيف يضعون تلك التجربة في كلمة واحدة.. وتلك هي الأشرعة البيضاء التي ستقودنا إلى شاطئ السلامة، السلامة تلك ليس من شرور وغدر الآخرين وإنما السلامة بالاحتفاظ بما تبقى بداخلنا من"كنوز".. فإن يوما تاق لك أن تصغي، فلا تصغي إلا للأنقياء فقط.. من تألم كثيرًا ولم يتلوث وذلك ما نجحت به"كاثرين وروس بيتراس" في كتابها الذي أجده كالفرخ الأصفر الشهي"لا تنس أن تغني في قوارب النجاة" والتي تضع فيه ماقاله الناس الذين صنعوا أو شربوا"عصير الليمون" وهي رمز لخلطة الحكمة التي يؤمنون بها بعض المشاهير والتي قادتهم إلى الطريق حتى إن كان صعبا. كتبت في كتابها الصغير برسوماته العشوائية الجميلة في أسفل الصفحة وكأنها"شخبطة طفل" هاربة من فقاعة صابون.. وعلى لسان"كيسي ستينجيل" مدرب بيسبول (ستتعرض للفشل حتما في بعض الأحيان، وعندما يحدث هذا أحرص على أن تفشل بالشكل الصحيح) وكأن هناك التقاطة دقيقة وشفافة بين الفشل وبين النزول بهذا الشعور الموجع إلى"وحل القيم" فهناك من يخاف الفشل فيهرب منه إلى ماهو أسوء منه، وهناك من يتفاقم فشله لأن هناك ناجحون يذكرونه بذلك التضخم الشنيع فيدخل"لعبة" الاتساخ ويدوس القيم، وهناك من يفشل ويبقى واقفا حتى حينما تنهال عليه طعنات ذلك الإخفاق.. فحتى في الفشل علينا أن نختار طريقة نقية ونظيفة لكي نفشل، ونتألم، ونبكي لنغتسل من ذلك الوجع ثم نشفى دون أن تغمس قدمينا في وحل تهاوي القيم. تصالح مع جروحك: ثم تعرض الكاتبة مقولة ل"سارة" سادي "ديلاني" كاتبة وناشطة حقوقية مدنية والتي قالت (يابني، المفتاح أن تحب جراحك) وهو السر الذي يمنحنا وصفة فعالة للتخلص من طغيان الأوجاع علينا، فأسلم الطرق في الحياة أن تتكيف مع طبيعتها وهكذا هي الجروح يجب أن تنغمس فيها لأقصى درجاتها، فإذا ما عذبتك كثيرا عليك أن تقبل بها ثم تتكيف معها حتى تحبها لنستطيع أن نكمل "الطريق" دون أن ننزف، دون أن نكون مرضى بداخل نصف إنسان. الجرأة: وعند الكثير من الأقاويل تعرض في كتابها مقولة جورج - جال دانتون - الذي يقدم وصفة سحرية لكيف تعيش بشكل مختلف حينما كتب (الجرأة، والجرأة، ودائما الجرأة!) فكم مرة كنا فيها بجرأة كبيرة وضعت لنا مصائرنا على كف "عفريت" فقط لأننا نمتلك الجرأة التي تدفعنا إلى أن نقول مانشعر به، وأن نقرر أن نحتفظ بكل تلك الأحلام حتى نحققها.. الجرأة التي تجعل منا أرواح تتخطى حدود وقسوة الأشياء من أمامنا.. فنكسب أنفسنا.. ومانحب. جر الأثقال: وعند "بير برايانت" مدرب كرة قدم" تختار الكاتبة مقولته في اختبار النفس والتي قال فيها (لن تعرف أبدا قدرة الحصان على الجر حتى تربطه بحمل ثقيل) وهو المقياس الحقيقي الذي يخرج فيه معدن المرء الحقيقي حينما يوضع في "المحك" في الموقف الصعب الذي عليه أن يثبت ما كان يردده في "الرخاء" فيكون كالحصان.. الذي سيعدوا بسرعة فائقة إذا ما أطلقت له ساقيه، وحينما تضع الأثقال على ظهره عليك أن تدعه يثبت لك قدرته على الجر.. وكأن ذلك يثبت بأن الاختبارات الحياتية الكبيرة هي من تكشف الآخرين لنا.. وما أسوأ أن تكتشف بأن من حملته حمولة "ثقتك" لم يصل إلى درجة تحمل الأثقال فخذلك ورماها عن ظهره قبل أن يجرب جرها! وتلك هي الفاجعة. وتنطلق الكاتبة في الكثير من المقولات التي تجلب لنا "الفكرة" وتوثق لنا الإيمان بالكثير من الأمور التي عشناها ولكننا لم نستطع أن نراها بوضوح إلا من خلال بعض الأقوال القصيرة جدًا ولكنها زاخرة بالكثير من الكنوز، وبعد كل ذلك لا تنس أن توثق تلك المقولات بسيرة مصغرة عن كل شخصية أوردتها في كتابها.. وبعد أن تنهي كتابها تترك لك الخيار في أن تكتشف "سر" حياتك الخاص وبأن تجرب أن تكتب ماحدث لك، وما يمكن أن يمنح الآخرين مفتاح النجاة في موقف ما. لا تنس أن تغني في قوارب النجاة" كتاب يدع لك الأفق مفتوحاً لكيف تعيش الحياة ولكن ورغم كل شيء.. تغني لها ومعها وبأسلوب فكاهي يجعل من الحياة أكثر سهولة وتقبل لنعيشها.. وأخيرا قال موليير" كاتب مسرحي" ( إذا كتمت حزنك أكثر مما ينبغي، فإنه قد يتضاعف).. نعم الحزن يتضاعف.. وإذا تضاعف كسر القلب.. ولن يصلحه شيء.