تعدّ تغذية طلاب وطالبات المدارس في جميع المراحل التعليمية مسألة في غاية الأهمية؛ نظراً لارتباطها بشريحة اجتماعية واسعة تتعلق بكل أسرة حريصة على الصحة العامة لأبنائها، حيث تُعد أحد أهم العناصر التي تساعد الأبناء في التحصيل الدارسي، ونتيجة لهذا الاهتمام وبلورة سياسة واضحة تجاه المقاصف المدرسية ونظافة الوجبة الغذائية المقدمة للطالب، فقد اتجهت وزارة التربية والتعليم لتطبيق برنامجها الصحي في الإشراف على المقاصف المدرسية والتعاقد مع شركات غذائية متخصصة، لتمويلها بوجبات تحتوي على العناصر المتكاملة التي تمد الجسم بالطاقة، لكننا اليوم نطرح سؤالاً: لماذا لا يتم التعاون مع الأسر المنتجة المتخصصة في مجال صناعة المأكولات والإفادة منها في تجهيز الوجبات المدرسية والبيع في المقاصف المدرسية، خاصة في مدارس البنات، بما يحقق للأسرة تأمين دخل ثابت لها؟ مردود مادي وذكرت "أم حورية" أنّها تعلمت أصول الطهي من جدتها والتي تمزج نكهات المأكولات العصرية على الأكلات التقليدية الشعبية، حيث لاقت إقبالاً من الناس وبشكل خاص من الشابات، مبيّنةً أنّ الكثيرات نصحوها بتقديمها على المقاصف المدرسية، مستدركةً: "لكن أعتقد أنّ المردود المادي لن يعوضني ساعات وقوفي أمام البوتاجاز، وتجهيز الأطباق، وشراء مستلزماتها؛ لذلك أعتقد أنّ الأفضل أنّ أظل متعاونة مع المناسبات في المنازل والمشاركة في البازارات". ولفتت "حمدية الناصر" إلى أنّ التعاقد مع المقاصف المدرسية بحاجة إلى زيادة الأيادي العاملة التي ارتفعت أسعارها مع تصحيح الأوضاع، مبيّنةً أنّها عند التعاقد لن تستطيع الاعتماد على الأفران العادية التي يستخدمونها في البيوت؛ مما يعني أنّهم سيحتاجون إلى مساحات أكبر أشبه بمطابخ الفنادق، وهذا يعني مصروفات أكثر لن تستطيع الوزارة أن تدفعها لهم! جودة المنتج وتحفظت "أم مريم" على قبول الفكرة، معللة ذلك بصعوبة تنفيذها على أرض الواقع، متسائلة: "كم ستدفع المدرسة لتعويض مصروفاتي وتحقيق ربح يوازي تعبي؟ بالإضافة إلى أنّ هذه الأطباق بحاجة إلى أجهزة تستوعب الكميات التي ستوزع في المدارس، والتي يجب أن تحفظ بطرق متطورة لتحافظ على جودة المنتج". الأسر المنتجة قادرة على توفير التغذية الصحيحة للطلاب وبينت "أم نورة" أنّها تتعامل مع معلمات بعض المدارس لتجهيز وجبات الإفطار، وساعدوها على تحقيق مكاسب مالية مناسبة؛ لذلك تفضل البقاء على هذا التعامل لسهولة إعداد الكميات في بيتها وبمساعدة بناتها، موضحةً أنّها استطاعت كسب ثقة الكثيرات وأحياناً يكلفونها بتجهيز ولائم الحفلات الصغيرة بالمنزل والتي عادة ما تكون عبارة عن وجبات خفيفة، حيث أنّ معظم السيدات أصبحن يحرصن على رشاقتهن؛ مما سهل العمل في صناعة المأكولات. فرصة عمل ورحبت "أم العنود" بالفكرة، متمنيةً أن ترى النور قريباً، ولكن اشترطت أن تكون بالاتفاق مع الشركات المتخصصة في مجال الأغذية، حتى يكون تنفيذ الوجبات على أعلى المواصفات؛ مما سيجعل فرصة العمل متاحة أمام الكثيرات ممن يبحثن عن دخل ثابت، لافتةً إلى أنّ العمل داخل المقاصف قد لا يكون ملائما لهن، ولذلك سيكون هناك فرصة عمل أخرى لسيدات ظروفهن تسمح بذلك، وهن بحاجة لمثل هذا النوع من العمل. وأيدت "أم خليل" فكرة العمل بالمدارس وتجهيز الوجبات للطالبات والتي ستكون نقلة نوعية في الإعداد، وستخرج وجبة الإفطار من التقليدية "ساندويتشات الجبنة" إلى وجبات ذات أشكال مبتكرة وألوان جذابة، وبطرق حفظ متطورة مضافا لها مناديل معطرة، لافتةً إلى أنّ هذا النوع من العمل بحاجة إلى تكاتف المستثمرات بشكل يحقق النجاح لهذه التجربة، متمنيةً أن تتحقق في كل المنشآت التعليمية، فالمرأة باستطاعتها تقديم وجبة غذائية متكاملة العناصر. عقود شراكة وأوضح "زياد بسام" -نائب رئيس غرفة جدة- أنّ المقاصف المدرسية لديها تعاقد مع مجموعة من الشركات لتموين المقاصف المدرسية، معتبراً أنّه من المناسب أن يكون التعاون بين الشركات والأسر المنتجة؛ لأنّه من المهم أن نتأكد من جودة المنتج الذي يتناوله الطلاب والطالبات وفق الاشتراطات الصحية، وأن يكون هناك نوع من الرقابة على كل ما يقدم، لافتاً إلى أنّها ستكون فكرة مناسبة لو تم النظر إليها من هذا الجانب منوهاً بأنّه في السابق كانت أنظمة المقاصف تدار حسب إمكانات كل مدرسة، وكان هناك أسهم للمقاصف يشترك فيها الطلبة، ويقدموا خدماتهم فيه، مشدداً على أنّه يجب الفصل بين عملية البيع بالمقاصف، وإعداد الطعام، وتجهيزه، ومحتوياته من مواد غذائية، وسلامته. زياد بسام خالد الثبيتي وأضاف أنّه من أجل دمج هذه الفكرتين بشكل مناسب؛ فإنّ الشركات يجب أن تكون على أعلى درجات المهنية لتقديم الطعام وفق أعلى المواصفات بالتعاقد مع الأسر المنتجة، وتوفير أماكن معينة لتجهز الأسر هذه الوجبات، وأن تسند عملية البيع للأسر التي تحتاج هذا النوع من العمل أو لطالبات المدارس، مشيراً إلى أنّه لا يوجد لدينا تنظيم للأسر المنتجة بشكل يجعلنا نلزم شركات التغذية بالتعاقد معهم في المشاركة في تجهيز الوجبات المدرسية، فهذه الشركات لديها التزامات مع عدة جهات، وربما التزامها مع الأسر يضعها في حرج أمام التزاماتها الأخرى؛ لأنّ الأسر المنتجة قد لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها؛ مما يوجب قبل التعاقد معها تهيئتها بشكل جيد، حتى تصبح قادرة على الدخول والمنافسة في هذا القطاع. يمكن الاتفاق مع الأسر المنتجة لإعداد الوجبات من المنزل طلبيات المنازل ووصفت "وفاء آل الشيخ" -مديرة إدارة الشؤون القطاعية بغرفة الرياض الصناعية فرع السيدات- المقترح بالجيد رغم تحفظها على صعوبة تحقيقه على أرض الواقع، حيث أنّ الأسر المنتجة أو المستثمرات من المنزل قد لا يناسبهم دوام المدارس، مقترحةً بدلاً من الدوام أن يكون بين وزارة التعليم وبين الأسر المنتجة خط إنتاج يهدف لتمويل المقاصف المدرسية بالسندوتشات أو الحلا أو قطع "الكب كيك"، وأن يسري ذلك على الجامعات، مستدركةً: "لكن اعتقد أن نظام الجامعات في ترسية المشروعات لا يستقبل من ليس لديها سجل تجاري"، لافتةً إلى أن بعض السيدات قد لا تسمح ظروفهن بترك المنزل في فترة الصباح، خاصةً إذا كن مرتبطات مع طلبيات لبعض المنازل، منوهةً بأنّ المهم ليس حضورها، فبعضهن قد يكن كبيرات في السن أو يجدن صعوبة في توفير المواصلات، وبعضهن لا يفضلن الظهور أمام الناس ويفضلن العمل من البيت، موضحةً أنّ المستثمرات المنزليات كل ما يهمهن تصريف المنتج بشكل صحيح، إذ يطالبون دائماً بإيجاد قنوات لبيع ما يتم إنتاجه. وأضافت أنّ شريحة كبيرة من الشابات اللواتي يتميزن بصنع قوالب الحلوى الصغيرة، وذات نكهات مميزة يفضلن عرض منتجاتهن بالجامعات، لافتةً إلى ضرورة عدم التركيز على تسويق المنتج من خلال المدارس، بل حتى القطاعات الأخرى، كالبنوك التي عقدت صفقات مع بعض المستثمرات لتموين مناسباتهم، وتجهيز وجبات الإفطار للعاملين فيها. الوجبة الصحية للأطفال في المدارس تساعد على مستوى تحصيلهم أسر منتجة وتمنى "خالد الثبيتي" -مدير عام العلاقات العامة والمتحدث الرسمي لوزارة الشؤون الاجتماعية- إتاحة الفرصة للسيدات المنتجات من منازلهن لبيع منتجاتهن في قطاع المدارس الأهلي والحكومي في المقاصف المدرسية، موضحاً أنّ المنتجات الغذائية المعلبة التي تباع في المقاصف تؤثر على صحة الأبناء العامة، وهي فرصة أن تتوفر وجبات غذائية متكاملة صناعة منزلية، كالتي يتناولها الأطفال في المنزل ووسط أسرهم، مضيفاً: "أعتقد أنّه يجب على المدارس أن تتعاون مع الأسر"، لافتاً إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية لديهم أسر منتجة تتبع الضمان الاجتماعي، وأسر تتبع الشؤون الاجتماعية، داعياً لأن يكون هناك شراكة استراتيجية أو تعاون بينها وبين إدارة التعليم، وتوقيع مذكرة تفاهم لإعطاء فرصة للأسر لتسويق منتجاتهم عبر المقاصف المدرسية، منوهاً بأنّ الجميع حريص لأن تصل الأسر بمنتجاتها إلى منافذ البيع المختلفة.