كشف وزير النقل السعودي بتاريخ 23 يوليو 2014 عن قرب تحويل نظام ساهر لمخالفات المرور إلى شركة حكومية، ولم يوضح كيان هذه الشركة والأعمال التي سوف تقوم بتنفيذها، اذا ما يشمل ذلك الكاميرات ورصد المخالفات في جميع شوارع وطرق المملكة باستقلالية كاملة عن الادارة العامة للمرور؛ لأنه من الواضح إن ادارة المرور مهما تبذله من جهود غير قادرة على التحكم في جميع شوارعنا وطرقنا لمحدودية عدد افرادها او مواردها لضبط تلك الطرق بالمزيد من الكاميرات وسيارات المرور السرية مع ارتفاع أعداد المركبات وتعدد الطرق. لقد حان الوقت لطرح شركة أهلية غير ربحية هدفها الحد من المخالفات المرورية وحماية المواطنين من الحوادث المرورية حتى لا تستغل نفوذها بهدف تحقيق اكبر ربحية ممكنة، ما قد لا يكون مقبولا من السائقين ولا يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية. هذه الشركة من مهامها إدارة مخالفات شوارعنا وطرقنا بما في ذلك مخالفات المواقف بالكامل وتمتعها باستقلالية كاملة في تطبيق انظمة المرور بكل صرامة وحزم على كل من يخالف وإصدار المخالفات بحقه مع بقاء ربط المخالفات بإدارة المرور. كما عليها ان تقوم بجمع المعلومات ورفع التوصيات لإدارة المرور بخصوص اخطر المخالفات والمتكررة لاتخاذ اجراءات متقدمة، مثل رفع قيمة تلك المخالفات الى الدرجة التي تجعلها رادعة بما فيه الكفاية لهؤلاء المخالفين والحد من اخطارهم. على ان تضم في ادارتها رجال مرور من أمريكا وبعض الدول الاوروبية المشهود لهم بدقة تطبيق الانظمة المرورية ويكون تمويلها ذاتيا يعادل نسبة كافية لتغطية ميزانيتها من قيم تلك المخالفات المرورية. ان عملية ادارة المخالفات عملية مستمرة لا تنتهي بتطبيق النظام بحق المخالفين ولكنها تبحث عن افضل الطرق التي تساهم في الحد من تكرار المخالفات من خلال رفع السقف الاعلى للمخالفات وتحسين أداء ضبطها. على ان تبدأ تلك الشركة اعمالها مبدئيا بتغطية المخالفات الاساسية مثل السرعة وعدم إعطاء الاشارة عندما تكون واجبة والمواقف الممنوعة، ثم تتوسع بعد ذلك لتغطية جميع المخالفات. ان ضبط شوارعنا الآن قبل الغد سوف تكون تكلفته اقل بكثير منها مستقبلياً مع احتمالية صعوبة والتحكم فيها مع زيادة عدد السائقين وكثرة الازدحام المروري، حيث تشير المؤشرات الميدانية في شوارعنا وطرقنا بان السائقين لا يلتزمون بأبسط الانظمة المرورية، ما تسبب في زيادة عدد الحوادث من وفيات (21 حالة وفاة يوميا) وإصابات وخلق رعب متزايد بين المواطنين في شوارعنا. واذكر ان الانضباط المروري لا يعني فقط المعاقبة ولكنه يخلق سلوكيات حميدة للأفراد في المجتمع بتحويل سلوكياتهم السلبية الى ايجابية، ما سينعكس ايجابيا على سلوكياتهم سواء بالتعامل مع الانظمة الاخرى او في اماكن عملهم. كما ان الانضباط المروري يحد من الجريمة لان تطبيق النظام سيضيق على هؤلاء الاشخاص ويحد من حركتهم. هكذا يتم تنشئة الاجيال القادمة على سلوكيات مرورية منضبطة دون بذل جهود كبيرة فيما بعد. ان الادب المروري يشير الى ان مضاعفة المخالفات المرورية يحد من السرعة والقيادة المتهورة، وهذا ما حدث في مدينة سان فرانسيسكو في بداية 2008، عندما انخفضت الحوادث المرورية الى النصف في الربع الأول مع مضاعفة الغرامات ما بين 137 دولارا الى 2750 دولارا. أما في فرنسا فكان انخفاض عدد الوفيات على الطرق نتيجة تغيير موقف السائقين تجاه السلامة المرورية على الطرق بعد تبني أنظمة أكثر صرامة. ان نفاذ الانظمة ينطبق بشكل خاص عندما لا يمكن ضمان مراقبة جميع الطرق وسائقي السيارات، فالإحصاءات في مختلف البلدان تدعم وجهة النظر هذي. وأذكر ان معظم البحوث تؤكد ان تطبيق النظام أهم من كثرة عدد رجال المرور او سياراته وهذا الذي يحد من عدد الحوادث ويحدث تغييرا في سلوك السائقين.