اسم هذه الأغنية يتجاوزها إلى اسم الألبوم الذي صدرت ضمنه في أوائل سبعينات القرن الماضي، وهو أمر معتاد في الأغنية العالمية، لكن الأغنية تتجاوز ذلك في كونها لقباً يطلق على المغني الذي كتبها ولحنها وغناها، الأمريكي جوني كاش، حيث جاءت هذه الأغنية كما في بعض الروايات كرد من كاش على سؤال اعتاد سماعه من جمهوره في جولاته الفنية، عن سبب لبسه المستمر للون الأسود. يقال أن الجمهور الذي أطلق هذه الشرارة كان في إحدى الجامعات التي كان كاش يقدم فيها أحد حفلاته، حيث قرر كاش أن يجيب على هذا السؤال من خلال كتابة هذه الأغنية، والتعبير عن سبب فعله ذلك بطريقة فنية، وهو الفنان المعروف بكلماته الذكية والتقاطاته المدهشة. تتكون القصيدة الغنائية من ثمانية مقاطع، يبتدئ أولها بطرح التساؤلات التي تستفسر من كاش عن سبب ارتدائه الدائم للأسود، ثم يبدأ في المقطع الثاني والثالث في سرد قائمة الأسباب التي تدفعه للبس الأسود، حيث الفقراء والمضطهدون، والمسجونون الذين انتهت فترة سجنهم دون إطلاق سراحهم، والأميين الذين لا يقرأون، ثم ينتقد في المقطع الرابع أولئك الذين يعتقدون أنهم يقومون بدورهم الجيد في المجتمع من خلال الاستمرار في العيش في النعيم وما يرتبط به أحياناً من تجاهل، ولكنهم يتفاجؤون بذلك الذي قرر الخروج من عالمهم عالم السيارات الفارهة وملابس الموضة ليتوشح السواد وحده، ثم يعود في المقطع الخامس والسادس لتعداد الأسباب الأخرى، كبار السن المرضى المنبوذون، والرحالة المهملون الذين يقضون الليل في العراء، أرواح الشباب المبددة في الحروب العبثية، والتي يعتقدون بشرعيتها من خلال تعليلات واهية لا قيمة لها، معتقدين أننا نقف بجانبهم. في المقطع السابع والثامن يؤكد كاش بأنه يعرف جيداً عجزه عن تغيير العالم، وأن العالم لن يصبح يوماً ما مدينة فاضلة، لكنه يعقب بأنه ما لم تبذل الجهود الحقيقية لتغيير الواقع البائس في العالم، فإنك لن تراه يلبس الأبيض مطلقاً. لحن الأغنية رغم موضوعها الأخلاقي العميق، إلا أنه النوع المعتاد من موسيقى جوني كاش، التي تأخذ روح موسيقى الروك الممزوجة بالكونتري، بإيقاع مستمر غير منقطع، مع ارتفاعات مدروسة في مناطق متفرقة من الأغنية كلها، وهو الأسلوب الذي أثر غائراً في الأغنية الأمريكية في القرن العشرين، بالإضافة إلى إيقاع صوت كاش العميق، الذي يتكلم بصوت يقع في المنتصف بين الحديث وبين الغناء. على الرغم من أن تأويل الأغنية لا يبدو مشكلة كبيرة في تحليلها الظاهري والباطني، إلا أن ابنة كاش الكبرى روزان قالت في إحدى المقابلات الصحفية قبل عدة سنين، بأن الأغنية يمكن تفسيرها على عدة مستويات، أولها وهو المشهور بأنها أغنية احتجاجية تستفيد من السؤال الذي قد يقوله أي معجب عن سر ارتداء فنانه المفضل للون الأسود، إلى مستوى آخر يمكن أن يعكس السواد الذي غلف حياة كاش لفترات متقطعة في حياته المضطربة التي تم تغطية جزء منها في فيلم "السير على الخط – Walk The Line" الذي أخرجه جيمس مانغولد عام 2008م، من بطولة خواكين فينيكس وريز ويذرسبون.