«ياشجرة الخوخ التي أمام بيتي .. لن أعود أبداً، لكنك لن تنسي أن تزهري مرة أخرى في الربيع» (هايكو ياباني/ برواية نيكوس كازنتزاكي) « محفورة على خوذة جندي ياباني قتل ذات حرب» في روايتها ذات الجهد الذي استنفرته (= غادة السمان) لعدة سنوات بعد روايتيها اللافتتين: (كوابيس بيروت)، و(بيروت 75) وبعد أن نشرت بعض الكتب عن الرحلات، والتأملات، والشعرية، حيث توجهت الى ما تقودها إليه بوصولتها الفنية ثقافة وإبداعاً، كانت مفاجآت أن قدمت (الرواية المستحيلة). وذيلت العنوان ب(فسيفساء دمشقية)، فالحيرة التي وسمت بالاستحالة هي أن غادة السمان ركبت زورقاً في البحيرة ونسيت المجداف فصارت توجهها الرياح حيث شاءت -ربما البحر- وهي تحاول أن تجد الوسيلة التي تستطيع أن تمتلك فيها الناصية ولكن كثرت عليها الاتجاهات المرادة وغير المقصودة أو اللا ممكنة لكون الربان بلا مقود والبوصلة مفقودة، فأصبحت - مع الفارق- محتاجة لتفعل ما فعله آخاب قائد السفينة الكبرى حينما كان يطارد الحوت الأبيض في رواية (موبي ديك) لينتقم لنفسه من الضرر الذي ألحقه به الحوت الذي أعطب إحدى قدميه، فحقد الأعرج وقرر الانتقام وكانت الملاحقة الطويلة التي تمثلت في رائعة هيرمان ميلفيل (موبي ديك) التي نقلها إلى العربية د. إحسان عباس بكل جودة واقتدار، وكما كان (الشبيه) في رواية جوزف كونراد، او(حكاية بحار غريق) لماركيز، وحيرة البحار في ثلاثية حنا مينا (مذكرات بحار/الدقل / المرفأ البعيد) والتحدي بين البحار الكبير المسن للبحار الشاب، ومدى الحسرة وتبكيت الذات وجلدها عند الإحساس بالهزيمة، فكانت الحيرة والدوران بين أن تكون (الفسيفساء) سيرة ذاتية فكرية، أو مساحات خيالية أرضيتها الواقع المشاهد والمسموع أو المقروء، حيث تكون الجرعات الخيالية وافرة بيد أنها لا تتنافى مع الواقع، فكون الرواية تعطي صورة عن أحداث يسردها الكاتب بالتناسق لكي يكون هناك مايربط بين الخيال والواقع مما يجذب المتشوق إلى معرفة المخبوء الذي يتكشف كلما أمعن في القراءة، ومهما كانت أحداث الرواية تسير والأشخاص في تنامٍ مع زيادة الحديث والكلام الوصفي لهذا التنامي المتناسق يتراكم عنصر التشويق الذي يملكه الكاتب المبدع، ومهما استمر سرد الأحداث التي تحلق أحياناً إلى ميتافيزيقيا يدركها المتلقي، ولكن براعة استخدامها تشده للمتابعة ليرى إلى أين سينتهي المسير، فما حصل في (ألف ليلة وليلة) من قصص وحكايات كان يمكن لكاتبها أن يستمر ولو إلى (مليون ليلة وليلة) المهم أن تكون هناك إرهاصات لقادم سيجيء في مخيلة الكاتب يفضي إلى انتظار المتلقي، فهذا يؤكد أن الرواية وهي ترسم الصورة (كبرت /صغرت) لها ذيول وليس لها نهاية واحدة فقط، فلو أراد الكاتب المتمكن من فنه أن يسير في روايته وكأنه في صحراء كبرى يسير فيها وأمامه الأفق وكل أفق يتبعه أفق آخر، وآخر يقود إلى آخر وهكذا، إذن الصورة لن تنتهي، ولكن الفن يتبع الفنان المبدع له، ولكون الإنسان يحتاج إلى أن يمكن نفسه من العطاء التي لها من حقها أن تستريح بعد الجهد، ولكي تجد مساحة وقت ممتلئة بالتأمل لكي تأتي بالقادم المستجد.. **لحظ: في موضوع العيد واعتذار الشعر، الأسبوع الماضي، كان للشعر تعليقات من القراء بالشعر، وهذا مما يؤكد أن الشعر هو (ديوان العرب) ولما كانت الرومنسيات هي الأكثر، وجدت الباب مفتوحاً للإطلالة برومنسية لعل لها نصيبها من محاولي الشعر: (أبيات من قصيدة عالقة في الذاكرة: من شعر: نزار قباني) ماذا أقول له لو جاء يسألني إن كنت أكرهه أو كنت أهواه ماذا أقول إذا راحت أصابعه تلملم الليل عن شعر وترعاه حبيبتي هل أنا حقا حبيبته وهل أصدق بعد الهجر دعواه أما انتهت من سنين قصتي معه الم تمت كخيوط الشمس ذكراه وكيف اهرب منه أنه قدري هل يملك النهر تغييراً لمجراه مالي أحدق في المرآة أسألها بأي ثوب من ألأثواب ألقاه هنا جريدة في الركن مهملة هنا كتاب معا كنا قرأناه على المقاعد بعض من سجائره وفي الزوايا بقايا من بقاياه أأدعي أنني أصبحت أكرههه وكيف أكره من في القلب سكناه ماذ اقول له لوجاء يسألني إن كنت أهواه فإني ألف أهواه