كان الله في عون الجامعة العربية التي تحولت الى أرشيف متراكم من الخلافات العربية. كانت الخلافات بين دولة وأخرى، أضيف اليها الآن الانقسامات الداخلية في أكثر من دولة. معارك أهلية، وحروب طائفية وتحزبات سياسية وتطرف ديني. كل يزعم أنه يمتلك الحقيقة، كل يرفع شعار الحرية والعدالة والتنمية والإصلاح. وكل تلك الشعارات لا تتحقق لأنها مجرد شعارات وليست أهدافا منبثقة من رؤية استراتيجية. ما يتحقق على أرض الواقع هو الصراع وقتل الأبرياء وتدمير الاقتصاد والعيش في أجواء غير آمنة. أصبحت السلطة هي الهدف، والوسيلة هي السلاح، والدكتاتورية، والتطرف الديني. انتماءات متنوعة تعصف بالأوطان وتزيدها تخلفا على تخلف. ممثلو الشعوب يتقاتلون في الشوارع، المواطن تحول الى متفرج مطارد، مهدد بالقتل لأي سبب والأسباب كثيرة، المواطن جائع وخائف ومطارد، والجماعة يتقاتلون ويقتلونه، ويعلنون أن ذلك لمصلحة الوطن. ترى هل بقي وطن ؟ كل ذلك يمكن تلخيصه بكلمة واحدة (مؤامرة) ونضيف اليها (خارجية). هذه نظرية قديمة جديدة يرددها العرب منذ عقود، فهل العرب بحاجة الى ما يدعم نظرية المؤامرة من أحداث وشواهد (وهي متوفرة) أم المحاسبة الشجاعة للنفس؟ والاتحاد ضد سلسلة المؤامرات؟ أم هي تحولت الى مبررات جاهزة لتاريخ طويل من الفشل؟ ان الاستسلام لنظرية المؤامرة يعني التعاون مع المتآمر والتوقف عن العمل. إن ذلك يعني الالتزام الأبدي بحرفة الكلام وترك ساحة العمل (للمتآمر) انه نجاح للمتآمر، وليس مبررا مقنعا للفشل العربي. ذلك (المتآمر) المشغول بالعلم والصناعة والإنتاج وجد الوقت ليشغلنا بالخلافات، والتقاتل، والاكتفاء بالجدل حول (المؤامرة) والانسحاب من ميدان العلم والعمل، تاركين المواطن العربي ينتظر الأمن والاستقرار فهذا المواطن (المنتظر) لا يحصد في النهاية غير خطاب يتحدث عن نظرية المؤامرة. إن وجود المؤامرة لا يعفي العرب من المسؤولية. ليس أمام العرب الآن بعد فشل تاريخي لازالت فصوله تقدم المفاجآت، الا اعتزال السياسة وسلوك طريق التعليم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتلك مسؤولية كبيرة كافية لإشغال الجامعة العربية وتوحيد الجهود العربية للأخذ بأسباب القوة نحو التنمية والحياة الآمنة، والمشاركة العلمية والإنسانية في المجتمع العالمي. سؤال المقال: كيف تتفق قناعة العرب بأن واقعهم المتردي منذ عقود ناتج عن المؤامرات الأجنبية مع خطاب إعلامي عربي يمجد ماضي العرب وحاضرهم ومستقبلهم؟ وكيف انتصرت دول في الشرق والغرب على المؤامرات ولم يفعل العرب؟