لليوم الخامس على التوالي يستمرّ هجوم المجموعات المسلّحة الإرهابية ضدّ الجيش اللبناني وقد ضرب هؤلاء عرض الحائط بالوساطة التي تقوم بها "هيئة العلماء المسلمين" وأعادوا أمس انتشارهم عند أطراف مدينة عرسال (البقاع الشمالي) محاولين الاعتداء مجددا على محاور استعادها الجيش اللبناني ولم يتوانوا أيضا عن إطلاق النّار على سيارات مدنية حاولت خرق الحصار والخروج من عرسال. وفي اليوم الخامس للمعارك، بدا واضحا غضب العراسلة الذين يرفضون رفضا قاطعا توفير بيئة حاضنة لهؤلاء وخصوصا بعدما نالوه منهم من معاملة سيئة فأصبح العراسلة مشرّدين في وطنهم بعدما فتحوا مدينتهم لاستقبال النازحين السوريين. ويفاوض المسلّحون منذ أيام عبر هيئة العلماء المسلمين على شروط انسحابهم من عرسال المدينة والجوار وتسليم المخطوفين من جيش وقوى أمن داخلي قبل انتشار الجيش في المدينة إثر الضغط الشديد الذين يلاقونه سواء من الجيش أو من الأهالي الذين نبذوا سلوكهم. وعلمت "الرياض" بأن الجيش اللبناني لن يتنازل قيد أنملة عن شروطه وخصوصا تسليم المخطوفين والانسحاب الكامل للمسلحين من المدينة والجوار وعدم تسليمهم عماد جمعة قائد لواء "فجر الإسلام" بل تقديمه للمحاكمة الى القضاء المختصّ. وطالب أهالي عرسال من جهتهم عبر مخاتيرهم الذين لا يجرؤون على ذكر أسمائهم خوفا من قتلهم من قبل المسلحين بطرد كلّ نازح سوري حمل السلاح في وجه الأهالي، وعلمت "الرياض" من مصادر مواكبة لعملية التفاوض بأنّ " المطلوب من الجيش اللبناني إخراج المدنيين والنازحين المسالمين والتعاطي مع المسلّحين وملاحقتهم كحالات إفراديّة وليس كمجموعة لأنّ السواد الأعظم من النازحين أبرياء لا حول لهم ولا قوّة" بحسب تعبير المصادر المواكبة لعملية التفاوض. وتوفّرت أمس معلومات دبلوماسية ل"الرياض" تفيد بانّ المعركة في عرسال " صعبة جدّا وهي ستطول وخصوصا وأن المدينة ذات حدود مفتوحة على ريف القصير وحمص وصولا الى دمشق ما يجعل تدفق المسلحين أمرا واقعا". وبالرغم من تلقي قيادة الجيش والمعنيين وعودا أميركية فرنسية بتزويد الجيش بالأسلحة المطلوبة لاستعادة عرسال من خاطفيها فإنه يبدو أن دون ذلك مصاعب وخصوصا أن ذلك يتطلب وقتا، فضلا عن وجود تعقيدات لوجستية وسياسية تحول دون التسريع بذلك. وكان لافتا في الإطار السياسي أيضا مطالبة كتلة المستقبل النيابية وقوى 14 آذار الحكومة بالطلب رسميا من مجلس الأمن الدّولي أن تشمل الإجراءات التي يتضمنها القرار 1701 (صدر عام 2006 إثر الحرب الإسرائيلية ضدّ لبنان) مؤازرة قوات "اليونيفيل" المنتشرة في جنوبلبنان وهي قوات الطوارئ الدولية انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود اللبنانية السوريّة. وفي موقف يلاقي الدّعم الدولي عبّر المطارنة الموارنة أمس عن دعمهم الكامل للجيش. وطالب المطارنة الموارنة في بيانهم الكتل السياسة "بتقديم الدعم السياسي والاجتماعي للقوى الأمنية والجيش أسوة بما قامت به الحكومة"، معربين عن ثقتهم ب"المؤسسة العسكرية وبما تقوم به من مهام وطنية"، منوهين ب "التضحيات التي تقوم بها ومناشدين الدول الصديقة لتقديم المساعدات (...)". الى ذلك قال فانسون فلورياني نائب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أمس الاول الثلاثاء إن بلاده مستعدة للاستجابة بسرعة إلى ماطلبه جان قهوي قائد الجيش اللبناني من معدات فرنسية متطورة للتصدي بحزم إلى المجموعات المتطرفة التي تسربت مؤخرا إلى لبنان. وأكد نائب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أن " فرنسا ملتزمة بشكل كلي بدعم الجيش اللبناني"الذي وصفه بأنه" ركيزة استقرار لبنان ووحدته" مضيفا: "لدينا اتصالات وثيقة مع شركائنا لأرسال شحنة أسلحة "إلى الجيش اللبناني. وعلمت "الرياض" بعد ظهر أمس من مصدر فرنسي مطلع أن أهم الشركاء الذين يقصدهم نائب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية هما المملكة والولايات المتحدةالأمريكية بالإضافة بطبيعة الحال إلى الشريك الأول المعني بالأمر أي لبنان عبر مؤسسات الدولة اللبنانية.