ترجمت وزارة التجارة والصناعة بلاغات المواطنين عن تنامي الغش التجاري في المواد الكهربائية إلى حملة ميدانية منسقة ومكثّفة بمشاركة "الرياض" في عدد من أحياء العاصمة، حيث نجحت الحملة في مصادرة كميات كبيرة من الأفياش الثنائية غير المعتمدة، إلى جانب التوصيلات والإضاءات غير المطابقة للمواصفات والمقاييس، حيث تم تحرير محاضر المخالفات، واستدعاء مُلاك المحال، والتحقيق معهم، ومعاقبة المتسببين، وتطبيق الأنظمة بحقهم التي وصلت إلى حد الإغلاق. وكشفت حملة وزارة التجارة ما سبق أن أعلنته هيئة المواصفات والمقاييس من أن (58%) من المواد الكهربائية في السوق غير مطابقة للمواصفات، وهو ما أثار مخاوف المجتمع في صحته وسلامة أفراده ومقدراته، وتطلب وعياً استهلاكياً في التعامل مع تلك المواد، وقبل ذلك مسؤولية مشتركة بين هيئة المواصفات والجمارك ووزارة التجارة في منع وصول تلك المواد غير المطابقة إلى السوق، وتكثيف الرقابة على مصنعيها، وبائعيها. ووقف "م. فهد بن عبد الرحمن الجلاجل" -وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون المستهلك- شخصياً، وعدد من مديري الإدارات بالوزارة والمفتشين على عدد من محال المواد الكهربائية في شارعي الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز في الملز، وخالد بن الوليد في الروضة، حيث بدا واضحاً التنسيق في تطبيق خطة العمل باحترافية عالية، ومن ذلك الانتشار في المحال، والسيطرة عليها، وطرح التساؤلات المحددة على العاملين، والتأكد من صحة الإجابات، والتعامل النظامي مع المخالفين، وتحرير المخالفات بشكل قانوني. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التجارة في مواجهة الغش التجاري، إلاّ أن الواقع الذي نعيشه في سوق المواد الكهربائية أظهر أن الغش وصل إلى ذروته، والاستهتار بأرواح الأبرياء لم يعد يحتمل وجهات نظر، أو تبادل اتهام التقصير بين جهة وأخرى، كما أن توعية المواطن بالمواصفات الفنية للأفياش والإضاءة لم يتحقق بما يكفي، وربما لم يتحقق أصلاً، حيث اكتفت هيئة المواصفات بالتشريع، وإصدار القرارات على المصنعين والمستوردين، ولكن من دون توعية بالخطر الذي يهدد سلامة المستهلك من الفيش الثنائي غير المطابق، أو من عمر الإضاءة الذي لا يدوم. مراقب يعرض فيشاً ثنائياً غير مطابق يباع في السوق رغم قرار المنع ومع كل ذلك يبقى الأهم هو روح المبادرة لدى فريق التفتيش في وزارة التجارة، وسرعة استجابتهم لبلاغات المواطنين، وإيمانهم بدورهم ومسؤولياتهم، وهو ما فرض احترام تلك الجهود من الجميع، بل أكثر من ذلك تعزيز دور "المواطن الرقيب"، وهو شعار رفعه معالي وزير التجارة والصناعة "د. توفيق الربيعة"، من خلال التفاعل مع محتوى شبكات التواصل الاجتماعي "تويتر، فيس بوك، يوتيوب"، إلى جانب تخصيص مركز لتلقي البلاغات على الرقم (1900)، ومن هنا كان حضور وزارة التجارة مميزاً وهي تستجيب لصوت المواطن، وتقف معه على "رصيف السوق"، وتكشف له مظاهر الغش والتحايل، وتصادر المعروض، وتحقق مع "التاجر الرخيص"، وتغلق محله، وتترك ملصقاً تحذيرياً على واجهة المحل؛ ليبقى المستهلك والتاجر الآخر في السوق على يقين أن الرقيب حاضر، وواثق، وقادر بتعاون الجميع على "تنظيف السوق" من "ركام المغشوش". حملة التفتيش وخلال مرافقة "الرياض" مع فريق التفتيش لاحظت عن قرب أن "الفيش الثنائي" لا يزال يباع "عيني عينك" رغم قرار منع بيعه وتصنيعه واستيراده، إلى جانب "أفياش ثنائية" أخرى متعددة الشكل لم تضع رقم المواصفة القياسية السعودية، وفتحات القوابس لا يوجد بها غوالق، ومعظمها مغلّفة بشكل يوحي لك من الوهلة الأولى أنها مقلدة، كما أن هناك أفياشاً ثنائية أخرى غير مطابقة ولا يوجد بها بيانات إيضاحية للمواصفات باللغتين العربية أو الانجليزية. وإلى جانب "الفيش الثنائي" هناك "أفياش ثلاثية" في السوق غير مطابقة للمواصفات، ومغشوشة منذ الوهلة الأولى لرؤيتها، وتباع على أنها تحمل ماركة أوروبية، وتخلو من وجود غوالق لحماية الأطفال ومنعهم من الوصول إلى الأجزاء المكهربة، وعدم وجود ملامس أرضي لحماية الأشخاص من الصعق الكهربائي، كما أن ثقوب التلامس الحاملة للتيار بالفيش دائرية أو غير غاطسة عن السطح مما يسهّل من لمسها وهو ما يعد خطراً على حياة الإنسان. كما لا حظت "الرياض" خلال الجولة أن كثيراً من أصحاب المحال يدركون تماماً أنهم يبيعون أفياشاً وتوصيلات غير مطابقة للمواصفات، ويصرّون عليها، ويبررون ذلك برغبة المستهلك الذي يبحث عن الرخيص دائماً، بل يعترفون أن السوق مليئ بالمواد المغشوشة والمقلدة، ولا يتوقف الأمر على محلهم أو سوقهم بل يمتد إلى أسواق المملكة عموماً. وشاهدت "الرياض" خلال الجولة سيارات عمالة وافدة تورّد بضائع مغشوشة للمحال التجارية، وعلى الفور تم التحفظ على تلك البضائع من قبل مفتشي الوزارة، وأُعدت المحاضر لإحالة سائقيها للجهات المختصة، وثبت أن إقاماتهم لا تتطابق مع طبيعة أعمالهم، كما تم أيضاً ضبط بائعين جائلين يعرضون بضائع مغشوشة ورديئة ومزورة لماركات عالمية، كذلك تم ضبط "لمبات" مغشوشة لماركات عالمية بتغليف يحمل اسم الشركة وبلد المصنَع الأصلي. مراقب يعرض للزميل السكران الأفياش الثنائية الممنوعة في السوق مصادرة توصيلات رديئة من احدى البقالات ويمتلك مراقبو الحملة أجهزة "أيباد" لكشف المحلات والرخص المزورة والسجلات غير المطابقة لأسماء أصحاب المحال، إلى جانب رصد المخالفة وتحريرها في الحال وبعث رسالة نصية على هاتف المالك لإبلاغه بالمخالفة وأسبابها. وفي المقابل سألت "الرياض" خلال الجولة عدداً من المستهلكين في السوق عن معرفتهم بالمواصفات القياسية المعتمدة للأفياش، ولم تجد جواباً كافياً، بل وصحيحاً، وعاودت السؤال مرة أخرى عن معيار شراء الأفياش إذا كانت المعلومات عنها ضعيفة؟ ووجدت الإجابة أن اسم الفيش وعلامته التجارية "البراند" كافيان للشراء؛ لثقتهم بالمنتج، ومنافسته في السوق، وسمعة القائمين عليه، كما وجدت "الرياض" ارتياحاً كبيراً من المستهلكين وهم يشيرون إلى فريق التفتيش بوزارة التجارة: "ما دام هؤلاء في السوق حنّا بخير.. الله يقويهم". ومع ذلك تظهر تلك الإجابات وإن كانت مختصرة أن وعي المستهلك في سوق الأدوات الكهربائية محدود للغاية، بل ربما معدوم، ويبقى السؤال من يتحمل ذلك؟ ولماذا نكتفي بإصدار المواصفات الفنية ولا نوعّي المستهلكين بها؟ ولماذا تركنا السوق إلى هذا الانحدار من الغش والاحتيال؟ وما هو المطلوب في المرحلة المقبلة؟ وما هو الواجب على وزارة التجارة والصناعة أن تنهض به لمعالجة الخلل بالشراكة مع المصنعين والمستوردين؟ وزارة التجارة وأثارت تلك التساؤلات وغيرها وزارة التجارة والصناعة،حيث اوضحت في بيان ل "الرياض" إن الوزارة تهتم بمكافحة السلع المقلدة والمغشوشة بمختلف أنواعها وخصوصاً السلع ذات العلاقة بصحة وسلامة المستهلك مثل الأجهزة الكهربائية، والأفياش، والتوصيلات، والمفاتيح؛ لذا فإنه اضافة إلى الاجراءات المشددة عند فسح تلك المنتجات وضرورة أن يُرفق مع تلك السلع شهادة من مختبرات معتمدة بمطابقتها للمواصفات القياسية السعودية؛ فإنه يتم سحب عينات من تلك السلع وإحالتها للمختبرات لاخضاعها للفحص للتأكد من مطابقتها للمواصفات، يضاف إلى ذلك الجولات المستمرة لأعضاء هيئة ضبط الغش التجاري بالوزارة على الأسواق والمحال التجارية والمصانع المحلية للتحقق من مطابقة المنتجات المعروضة من تلك السلع للمواصفات، وسحب عينات منها لاخضاعها للفحص والاختبار واتخاذ الاجراءات النظامية تجاه أي مخالفة، مشيدة بالخطوة التي اتخذت مؤخراً بتعيين مجموعة من موظفي الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس كمأموري ضبط قضائي يتولون ضبط مخالفات نظام مكافحة الغش التجاري، وتحديداً التحقق من مطابقة السلع سواء المستوردة أو المصنعة محلياً للمواصفات، خاصة السلع التي قد ينشأ عن عدم مطابقتها للمواصفات خطورة على سلامة المستهلك مثل السلع الكهربائية؛ مما يسهم بشكل كبير في الحد من تلك المخالفات. تحرير مخالفة على صاحب المحل والتحقيق معه قبل إغلاقه مراقبون يصادرون كمية كبيرة من الأفياش غير المطابقة وقالت الوزارة في بيانها أن سوق المواد الكهربائية يحظى باهتمام ومتابعة الوزارة؛ نظراً لما قد يترتب على وجود منتجات مغشوشة أو غير مطابقة للمواصفات من خطورة على سلامة المستهلك، وخسائر وطنية مادية واقتصادية وصحية، ولذلك فإن فسح السلع الكهربائية يخضع للتدقيق والفحص للتأكد من المطابقة للمواصفات، اضافة إلى المتابعة المستمرة للأسواق للتحقق من عدم وجود سلع كهربائية مخالفة. وأشارت إلى أن النجاح في الوصول إلى كميات كبيرة من المواد المقلدة وسحبها أو منعها من السوق يعود إلى الجولات المستمرة لأعضاء هيئة ضبط الغش التجاري على الأسواق والمصانع والمستودعات وأماكن التخزين، حيث يتم ضبط السلع المخالفة، يضاف إلى ذلك تعاون المستهلك مع الوزارة في الابلاغ عن المنتجات المغشوشة أو المشكوك فيها، وكل ذلك أدى بفضل الله إلى ضبط مستودعات وأماكن تصنيع وجد بها منتجات مخالفة، حيث اتخذت بشأنها الاجراءات النظامية وإحالة المخالفين إلى الجهات القضائية المختصة لتطبيق العقوبات المقررة بحقهم. وفي سؤال عن رد الوزارة على من يرى أن مستوى الرقابة على المواد المغشوشة والمقلدة لا يزال محدوداً، اوضح البيان أن وزارة التجارة والصناعة تبذل جهوداً للرقابة على السلع المقلدة والمغشوشة، واتخذت عدة خطوات لتعزيز ذلك -وفقاً لما تم ايضاحه سابقاً-، ولكن مهما بُذل من الوزارة من جهد لمحاربة السلع المقلدة والمغشوشة؛ فإن ذلك سيكون قاصراً إلاّ بتعاون ومساندة كافة الجهات المسؤولة عن تطبيق الأحكام بحق المخالفين، اضافة إلى تعاون المستهلك مع الجهات الرقابية. وأجابت عن مستقبل حماية المستهلك من المواد الكهربائية المغشوشة في جوانب التشريع والرقابة والوعي والتنسيق مع المصنعين والمستوردين، قائلة إن الوزارة مستمرة في اتخاذ كافة الاجراءات التي تهدف إلى حماية السوق السعودي من دخول السلع الرديئة والمغشوشة، من خلال تنفيذ ما يلي: 1- توقيع اتفاقية برنامج للتعاون بين وزارة التجارة والصناعة في المملكة والهيئة الوطنية العامة لرقابة الجودة والاختبار في الصين، وتهدف هذه الاتفاقية لحماية المستهلك السعودي، وذلك بالحد من تدفق السلع الاستهلاكية المقلدة والمغشوشة لأسواق المملكة. 2- استكملت الوزارة الترخيص والاستعانة بعدد ست مختبرات لفحص الأجهزة الكهربائية في الرياض والدمام وجدة، حيث يتم احالة العينات من قبل المختصين بمصلحة الجمارك؛ للتأكد من مطابقة أي منتجات للمواصفات القياسية المعتمدة بالمملكة ومنع دخول أي منتجات غير مطابقة للمواصفات. 3- تعمل الوزارة جولات ميدانية على المصانع المحلية، وكذلك المحال والأسواق وسحب عينات وإحالتها للفحص؛ للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية المعتمدة واتخاذ الاجراءات النظامية تجاه النوعيات المخالفة. وأضافت أن أبرز التحديات التي تواجه عمل الوزارة يتمثّل في زيادة الواردات مع نقص في المختبرات المؤهلة لاجراء عملية فحص السلع الواردة؛ مما يتطلب تنسيقاً كبيراً وجهوداً مشتركة بين الجهات ذات العلاقة (التشريعية والتنفيذية والرقابية) وتعاون المواطن مع هذه الجهات. إيقاف وافد موزع لمواد كهربائية مغشوشة في السوق الزميل راشد السكران يقف على إغلاق محل بيع أدوات كهربائية غير مطابقة مراقب وزارة التجارة يحرر مخالفة ويصادر الأفياش غير المطابقة فرق التجارة أظهرت احترافية عالية في التعامل مع المخالفين جهاز آيباد مع أحد المراقبين يكشف عن عدم مطابقة فيش ثلاثي لوجود فتحات تقبل استخدام الفيش الثنائي الزميل الراشد يقف مع أحد المراقبين أثناء إغلاق محل مخالف