عندما شكل القطاع الخيري الركن الثالث بالإضافة الى القطاع العام والقطاع الخاص اصبحت مخرجاته محل تقدير المجتمع بكل فئاته وتقدير الدولة للتفاعل الذي تجده من رواده لأنه حمل عن كاهل الدولة الكثير من النفقات وساهم في سد حاجة الكثير من الافراد والاسر واظهر بوضوح كيف يكون الايمان في ابهى صوره عندما يحس الغني بحاجة الفقير وان يحب لغيره مثلما يحب لنفسه, واصبحت دفة هذا القطاع تدار بفكر مؤسسي جيد التنظيم ودقيق في المعالجة وله استراتيجية طويلة المدى تعتمد على اساليب علمية حديثة ودراسات ميدانية دقيقة يحدد من خلالها اماكن الحاجة والمحتاجين. ثم تنوع العطاء في ذلك وتنوعت المشاريع ولم تصبح فقط عطاء مالياً لا يعرف بدقة اوجه الصرف فيه او حسن استغلاله وانما اصبحت هناك برامج رعاية واخرى مشاركة وثالثة دعم لإنشاء اوقاف يضمن معها الاستدامة في العطاء بوجود ايراد ثابت يضمن احياناً الحد الاعلى من احتياج الجمعية او اللجنة ولا يقل عن ضمان الحد الأدنى من الاحتياج وفق سياسة دقيقة جداً وضمان للمشاركة من الافراد على شكل اسهم قيمتها يمكن ان يدركها كل من يريد الاجر ويتطلع الى عدم انقطاع عمله بعد وفاته لأن عمل المرء ينقطع الا من ثلاث احدها صدقة جارية تمثلت في المشاركة بوقف خيري فاعل ونافع ومفيد او تبني مشروع بعينه في كل ما يحتاج اليه. ولتأكيد دور قطاعات الاعمال وقيامهم بالدور الايجابي مع المجتمع بصفة عامة والمحتاجين بصفة خاصة ومن باب مسؤوليتهم الاجتماعية فقد عقد في تاريخ 6 / 11 / 1434 الموافق 10 / 9 / 2013 م مؤتمر بعنوان الملتقى الأول للمؤسسات الخيرية الخاصة تحت اشراف وزارة الشؤون الاجتماعية وبمشاركة 94 مؤسسة مانحة والتي تمثل في الغالب مؤسسات انبثقت عن ارباب قطاعات الاعمال ورجالها والقليل منها كان لأفراد موسرين ودار حول ذلك العديد من النقاشات وتم طرح العديد من العقبات التي يأمل اهل هذا الاهتمام في علاجها من قبل الوزارة لأنها الجهة المعنية بذلك كي تكون الارضية لانتشارها صالحة. تم التوصل في ختام المؤتمر إلى عدة توصيات اهمها قلة عدد المؤسسات الخيرية المانحة اذا قورنت بضخامة قطاع الاعمال في مملكتنا الغالية وكذلك الموسرين من الافراد وتطلع الوزارة ووكالتها وكذلك ممثلو تلك المؤسسات الى مضاعفة هذا العدد في القريب العاجل مع ضرورة تبسيط الاجراءات في سبيل انشاء المزيد من الجمعيات واللجان الخيرية الخاصة وضرورة ان يكون العمل مؤسسياً في كل تنظيماته وعدم ادارته بتلقائية قد يكون معها فاعلية في تقديم الدعم والمساعدة سواء للجمعيات او المحتاجين مباشرة, كما رغبت الوزارة في تدوين التجارب التي مرت بها المؤسسات الخيرية لكي يستفاد منها عند تأسيس الجديد, مع ضرورة التكامل في المخرجات حتى يتم استثمار الفوائد بصورة اكثر مثالية, هذا مع الحاجة الى بناء المزيد من الثقة بين الوزارة ممثلة بوكالتها المعنية والجمعيات الخيرية الخاصة في ظل شفافية العمل ووضوح الهدف وصدق الرسالة والرؤية. من هنا اتطلع الى تكوين فريق عمل من وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التجارة والغرفة التجارية ويمكن ان تشرك وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف فيما يخص المؤسسات الوقفية ويعمل فريق العمل على اعداد آلية دقيقة وميسرة لإنشاء المؤسسات الخيرية الخاصة مع ضرورة ان يقدم لها الدعم المادي والمعنوي في فترة التأسيس ولمدة عام واحد في الاشراف والمتابعة حتى يضمن صاحب المؤسسة من دقة النظام وصحة المخرجات والمساهمة في وضع الهيكل الاداري الذي يقبل التوسع والانتشار, مع ضرورة التركيز الاعلامي لهذه المبادرة ليس ليقال ان فلان عمل كذا وتكون مدعاة للتفاخر ولكن كي نحقق القدوة الصالحة ونستقطب الآخرين ليكونوا مثل من بادر الى انشاء جمعية خيرية خاصة والاعلام ينظر له انه شريك تنمية والتوأمة معه لها فوائد لا تحصى على العمل الخيري المؤسسي ونشر ثقافة في المجتمع واذا احسن استخدام الاعلام فستتغير الصورة بشكل تام لأنه يحرص على الايجابية وينشرها ويعالج السلبية وينقدها. ومن هذا المنطلق فإننا اذا طبقنا قول الله سبحانه وتعالى (وفي اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) ايقنا ان على القادرين ان يقدموا هذا الحق في اموالهم وبما حددته الشريعة الاسلامية السمحة وهو من باب الواجب وليس التفضل, ويبقى فقط ان يؤسس ذلك بصفة تأخذ الاستدامة لها النهج الرائع ويلتزم بعده الموفق من ورثته خاصة اذا زرع الأب هذا الشعور في سنين نشاطه وعطائه وهمته لان صلاح الاباء يدرك الابناء, وبذلك نؤسس للخير في الجيل الجديد حتى يستمر العطاء من القادرين للمحتاجين ويستمر العمل والاجر للوالد الذي اسس في ابنائه حب المساكين والفقراء والعطف عليهم وقضاء حاجاتهم فالمسلم للمسلم كالبيان المرصوص وكالجسد الواحد والامر لا يحتاج الا الى جعل هذا المبدأ الاسلامي الكريم واقعاً تعيشه الاجيال ونجعل به الإيجابية شعاراً لمجتمعنا السعودي. وفي الختام فان تنمية هذا الحس الانساني بإنشاء جمعيات خيرية خاصة ومانحة يؤكد خيرية هذه الامة وفضلها ويبقى فقط تسهيل الاجراءات ودفع همة الراغبين والعمل على رفع قيمة تلك الثقافة الايمانية التي تجذر نظرية المساعدة للمحتاج لأنه صاحب حق في مال الله سبحانه وتعالي وسنرفع بذلك القيمة الايمانية التي تؤكد على الا ايمان لمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه وبذلك سنقلل الطبقية في مجتمعاتنا ونرفع درجة المحبة والألفة من خلال عطف الغني على الفقير.