1 لماذا تصبح القصيدة ربيعا حينما يتفتح في المعنى حب يتهادى رويدا رويدا كزهرة بيضاء تطفو في جدول ماء؟ في غمرة المدنية الموحشة الموشومة بناطحات السحاب والأرصفة العابرة، لماذا تصبح الحكايات مرايا لحياة لم تكتمل بعد؟ 2 للذين يجرون حقائبهم المليئة بالحزن ستجلس قافية لتقرأ جريدة على مقعد معدني على جانب من الرصيف، لن يلقي التحية أحد، سيمر سرب من الأطفال مسرعين على العجلات الهوائية الصغيرة، ستتنفس حافلة كبيرة بعمق وهي تقف للراكبين الجدد، ستكنس ريح ورقة خريف صفراء، لن يجلس بجانب القافية أحد، حتى تغيم السماء وتمطر فيخلو الرصيف من العابرين، ويصبح لون الأشجار أسود ولون الطرقات أسود، حينها ستغيب الجريدة في سواد الأشياء وتذوب القافية. 3 شرفةٌ تطل على القلب للتي قبل أن تخيط الكلام تملأ صوتها بالعنادل والنخيل. رعشةٌ في وتر بين الضلوع للتي قبل أنْ تفكَّ شعرها تفتح الشبَّاك لتعطر المدينة. خفقة في العروق للتي قبل أن تنام تعلِّق في السماء نجمة سبحتْ في دموعها. شمعة في الليل للتي تتفقد ضلوعها كلما هرب من قلبها أحد. وردة حمراء داكنة للتي قبل أن تفتح الجريدة تبتسم لها الصفحة الأولى. تلويحة قلب من بعيد للتي قبل أن تركب دراجة الحب من جديد رمتْ مفاتيح قلبها القديم في البئر. رنة قافية للتي قبل أن تغلق النافذة دحرجت قمراً من جيدها المورَّد. مجاز جديد يستدير على خاتم اللغة للتي قبل أن تصير وردة فاحت على كل الفصول. منديل من الكلمات يمسح غبش الفجر عن الغد للتي قبل أن تولد من جديد مات فيها الحنين. كوكب صغير كحجر كريم للتي سحبت ذيلها على المعاني فملأتها بالبروق. سطر من الحب للتي ابتسمت لي ولم تنتبه. 4 كوني ما تريدين، ثلاثة أرباع قلبي المعذَّب فيك، فإني سأترك ما يتبقى لتزرعي فيه عشباً وشجرة رمان وورداً شحيحاً يطل مني عليكِ بلا نافذة أو سياج. وكوني إن شئتِ قوارب في دمي للوصول إلى أوَّل النبض، فسأكون أقل خريفاً وريحاً ولن أحشد الغيم في سمائي أكثر مما ينبغي لعاشق مثلي قليل الخيارات، كثير العواصف والمطر. كوني حمائم تطير حين أفتح شباك القصيدة بلُغتي على العالم، فما ينقص الفضاء الخارجي قليل من البياض والملح. وكوني طريقاً إلى الطريق أيضاً، لقد تهتُ كثيراً قبل أن أجد نفسي فيكِ محاصراً بأسئلة الحب المدبَّبة. كوني وردة على سياج شوقي إليك، أنا لستُ أكثر من عابر يجرُّ عربات حزنه وراءه ولا يمانع أن يمرَّ بوردة ليلقي عليها التحية. كوني ما تريدين، خفقة تطرز قلبي المشرَّد فيكِ. 5 تجري منمنمة نحوي وتتركني أقول قلبي بلا حب يجعدني ويترك الشوق يجري بين أوردتي ظبياً تنقطه ظل الغصون. أرى سيفاً طويلاً على مرآته مدن تجري تنقرها الأشجار ثم أرى روحي تخيط كلامي وهي جالسة على سجاجيد من خز ومن قصبِ في قرب نافورة تبكي بلا سبب ِ أرى هديلاً تمطى صهو قافية حتى توقف تحت الظل عند دمي وقال لي:"أنت عما لا تراه عمِ " أرى حميراء تسقيني بآنية من فضة وتقول: "اشرب! سفاركَ يا هذا يكوِّر قلبي ثم يفركهُ شيء أحدث نفسي فيه تدركهُ" ما زلتُ أشرب حتى قلت: صار دمي حناء مئذنة خضراء. ثم جرتْ بي وردة خرجت من طين أغنية تمشي على اللوز من هدبي إلى بلدي الآن أفهم طعم الوجد في جسدي ...