ألحقت الأدوات الكهربائية المغشوشة والمقلدة خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وأضرت كثيراً بسمعة السوق، ومبيعات المستثمرين المعروفين بمنتجاتهم ذات الجودة العالية، بل أيضاً التلاعب في الأسعار، وسنوات الضمان، ومع كل ذلك لا تزال أسواقنا تعج بتلك المنتجات الرديئة، ولا نزال أيضاً ندفع "فاتورة الطمع والجشع" من دون توعية المستهلك، أو حتى التشهير بالمخالفين. ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المختصة في وزارة التجارة والصناعة للرقابة على الأسواق وحماية المستهلك، إلاّ أن واقع السوق مخجل ومؤسف ومثير لعلامات الاستفهام؛ فكيف يترك هؤلاء المرتزقة يعبثون بسلامة المستهلكين؟، ومن سمح لهم بمزاولة "مهنة الموت" على حساب أرواحنا؟، ولماذا نتجاهل خسائر الممتلكات وهي تشتعل رماداً بعد حريق أكل الأخضر واليابس؟. أسئلة كثيرة في سوق الأدوات الكهربائية تبحث عن إجابة، وقبل ذلك في المنافذ، وقبلهما نظام وتشريع لم ير النور مطبقاً كما يفترض أن يكون وليس كما هو كائن؛ خذ مثلاً صارخاً لمقابس وإنارة مغشوشة تكلّف المستورد قرابة أربعة ريالات - خصوصاً إن كانت مغلفة بشكل جيد أو كانت مقلدة لماركة عالمية - وتباع بأضعاف ذلك، بل وتنافس المقابس المصنعة محلياً بمواصفات عالية، أو كانت مستوردة بذات المواصفات؛ ما يجعل المواطن يتساءل عن فرص الحصول على سلعة جيدة من المقابس والمفاتيح والإنارة والتوصيلات؟. وقد أدى إغراق السوق بالمنتجات الكهربائية المقلدة والمغشوشة إلى تقديمها على أنها بديل مناسب سعراً وربما جودة للمنتجات الكهربائية الأصلية، وهذا التسويق الذي انطلى على كثير من المستهلكين يحتم على الجميع مؤسسات وأفرادا المشاركة في تصحيحه؛ لأن البديل لم يعتمد مواصفات الجودة، ومخالف لمعاييرها، وبالتالي ضرره على المستهلك لا محالة. "الرياض" ترصد واقع سوق الأدوات الكهربائية المغشوشة والمقلدة بعد أن تناولت في تحقيق سابق ضحايا تلك المواد. كيف يُترك هؤلاء المرتزقة يعبثون بسلامة المستهلكين؟ ومن سمح لهم بمزاولة «مهنة الموت» على حساب أرواحنا؟ منع المقابس الثنائية وتساءل "عبدالله علوش أبو اثنين" عن استمرار تصنيع واستيراد المقابس والمفاتيح الثنائية رديئة الصنع، رغم قرار المنع، واعتماد "المقابس الثلاثية" كمواصفة عالمية؟، مشيراً إلى أن المقبس الثلاثي أفضل، وفكرته أن يكون السلك الثالث موصول بالأرض مثل المعمول به في كاسر الصواعق، حيث يأخذ الشحنات الكهربائية إلى الأرض، ويقلّل من حدوث الحرائق وحوادث الصعق الكهربائي. وقال إنّ المحال التجارية تبحث عن المادة والمكسب فقط من دون التقيد بالأنظمة والاشتراطات التي يجب أن تكون إجبارية من قبل وزارة التجارة، من خلال تكثيف الحملات التفتيشية على بائعي الأدوات الكهربائية وكشف المقلدة وتغريم المخالفين، موضحاً أنّ العديد من تلك المحال يستورد غالباً من شركة واحدة في الخارج، وتصنع لهم المنتج نفسه بمواصفات رديئة، ولكنها تغيّر الاسم فقط!، وهذا يتم باتفاق بينهم، بحيث أي بضاعة جديدة تدخل إلى المملكة تكون باسم جديد، لافتاً إلى أنّه يفضّل الصناعة المحلية على المستوردة، موضحاً أن الصناعة الوطنية في الأدوات الكهربائية تعدّ من أفضل وأرقى الأنواع، ومن بينها المقابس والمفاتيح والإنارة، كما أنّ سعرها مقارنة بمثيلاتها في الجودة عالمياً يعد مقبولاً. ثقافة شراء الرخيص! واعترف "عبدالله محمد الحارثي" - صاحب محل أدوات كهربائية - بتزايد الأدوات الكهربائية المغشوشة في السوق، مرجعاً السبب إلى ضعف الرقابة من المنافذ، وقلّة حملات التفتيش، إلى جانب جشع كثير من التجار بحثاً عن الربح السريع حتى ولو كان على حساب سلامة الآخرين. وقال: "هناك إقبال كبير - للأسف - من المستهلكين على تلك المواد؛ طمعاً في سعر رخيص، ومن دون سؤال عن جودتها، وقوة تحملها، أو حتى من هو وكيلها، وهل هي ماركة مشهورة في السوق"، مشدداً على ضرورة تحلي التجار بالمسؤولية الأخلاقية، وعدم استيراد مثل تلك المواد التي أزهقت الأنفس وألحقت الخسائر بالممتلكات، مطالباً بدور أكبر من وزارة التجارة والصناعة لمكافحة الغش وحماية المستهلك بتفتيش محال ومصانع الأدوات الكهربائية والتأكد من مطابقتها لمواصفات الجودة والمقاييس المطلوبة، إلى جانب توعية المستهلكين بخطورة المواد المقلدة على حياتهم. وأضاف أنّ القوابس ثلاثية الفتحات تتوافر فيها متطلبات السلامة لحماية المستهلك، لوجود ما يؤمنها، حيث يتم توصيلها بالأرض من دون وجود فيوز أو مفتاح أو قاطع في الاتصال الأرضي؛ ما يضمن عدم تعرض المستهلك للصعقة الكهربائية، كما يتوفر في المقبس غوالق للفتحات الحاملة للتيار وتُفتح فقط عند إدخال القابس في المقبس، وتغلق تلقائياً عند سحبه، وتكفل هذه الغوالق حماية خاصة للأطفال، كما أنّها مزودة بمصهر يتحمل تياراً حتى (13) أمبير، ويعدّ حماية إضافية للجهاز الكهربائي، حيث يعمل على فصل التيار عن الجهاز في حالة زيادة التيار عن هذه القيمة، وبالتالي حماية المقبس والجهاز من الاحتراق. الغش التجاري ولفت "خالد البطّاح" إلى أنّ (90%) من المشاكل الكهربائية بسبب استخدام السلع الرديئة، لافتاً إلى أنّ أسواق المملكة كافة تمتلئ بكميات هائلة من تلك السلع غير المطابقة للمواصفات القياسية؛ ما جعلها أشبه ما تكون ب "قنابل موقوتة" مزروعة في منازلنا وتهدد حياة الجميع، مشدداً على أنّ الخسائر الفادحة التي تحدث بسبب الأدوات الكهربائية المقلدة يشترك فيها التجار المستوردون لها، حيث إنّهم ساهموا في استيرادها مع علمهم بأنها لا تنطبق عليها المواصفات، منوهاً بضرورة توفير الكوادر المتخصصة للكشف عن السلع المغشوشة والمقلدة في السوق، وتوعية المستهلكين، وإيجاد روابط بين الجهات المعنية بمكافحة ظاهرة الغش التجاري والتقليد. وقال إنّ تفشي الغش التجاري قد يكون بسبب عدم كفاءة بعض المختبرات، حيث أفاد بعض المتضلعين في الغش التجاري من التقنيات الحديثة لإنتاج السلع المقلدة، التي يصعب تمييزها، إضافة إلى عدم التزام الدول بمنع استيراد وتصدير السلع غير المطابقة، والاعتماد على شهادات المطابقة للمنتجات الصادرة من البلدان المصدرة للبضائع والسلع، متسائلاً: كيف يتم الاعتماد على المختبرات الخارجية وبعض الدول أصلاً لا تلتزم بمنع السلع المقلدة؟. ملصقات مزورة! وأكّد "مصطفى" أنّ المقابس الثلاثية أفضل خصوصاً إذا ما تم تغيير الجهد الكهربائي إلى (220) فولت، لافتاً إلى أنّه من المهم مراعاة خطورة المقابس المستوردة من بعض الدول، محذراً من مقلدي الماركات العالمية ومزوري العلامات التجارية المشهورة، حيث يتم لصق تلك العلامات على منتجات رديئة، بحثاً عن مكاسب أكثر، مشيراً إلى أنّ التعرف إلى الأدوات الكهربائية الأصلية متاح ومعروف، ولا يحتاج إلى متخصص، خاصة الأسماء الكبيرة والمعروفة في السوق، معتبراً أنّ الأمر يعتمد في الدرجة الأولى على رغبة المستهلك في الصناعة التي يفضّلها، منوهاً بأنّ المواد المقلدة متوفرة وبكثرة في السوق، وللأسف كثير من المستهلكين يقبلون عليها لمحدودية أسعارها، وقليل منهم يعي المشكلات التي قد تُحدثها على حياتهم وممتلكاتهم. إقبال على المحولات المغشوشة بعد فرض المقابس الثلاثية المستهلك ينتظر من يحميه من الغش والتقليد جانب من حملة وزارة التجارة على محال المواد الكهربائية في جدة المنتجات المقلدة تغزو الأسواق والمتضرر الأكبر العلامات التجارية في السوق عبدالله أبواثنين خالد البطاح مصطفى