إذا عدنا بالذاكرة إلى ما قبل ثلاثين سنة كان بإمكان الشاب السعودي حتى ولو حمل الشهادة الابتدائية أن يجد له وظيفة بوزارات الدولة وأجهزتها الحكومية وهذا يحدث بالرغم من وجود جاليات عربية كانت مقيمة في ذلك الوقت (ولا تزال!!) وكانت تشكل أرقاماً لا يستهان بها في سوق العمل. الآن مع أن المؤسسات الفنية والمهنية والتعليمية يتخرج منها المئات سنوياً إلا أن الوظيفة لم تعد في متناول يد الشاب السعودي بسهولة كما كانت، ولهذا فان وزارة العمل وأيضا الخدمة المدنية مطالبة بحلول عملية لعل أهمها تقنين استقدام العمالة من الخارج وإلزام القطاع الخاص بتمكين العمالة السعودية "واقعيا" من العمل بوزارات الدولة بدلاً من العمالة الوافدة. هناك أيضاً هيئة الرقابة والتحقيق ومع التقدير التام لجهودها لا نظن أنه يغيب عن ذهنها وجود غير السعوديين بوزارات الدولة والإدارات التابعة لها يعملون بمهن بإمكان السعوديين القيام بها ولعل خطوتها الأخيرة في اكتشاف كثيرا من الوظائف في المؤسسات يعمل بها وافدون وليست مهنا أو وظائف يصعب على السعوديين العمل بها هو إجراء ينال التقدير ونطمع بالمزيد. أنا لا أعتقد أن الأعمال الكتابية مثل السكرتارية، والتعقيب والأرشفة وغيرها من الأمور الصعبة التي تستدعي استقدام من يقوم بها من دول أخرى عربية وغير عربية، ولكن المهم إذا كانت قلوبنا مع السعودة فنرجو أن يختفي منظر العمالة الوافدة بالمؤسسات الحكومية والأهلية بشكل يجسد الطموح والهدف والغايات التي تسعى إليها الدولة في هذا الجانب لأن هناك من أبناء هذا الوطن الغالي من ظلوا ينتظرون لسنوات فرصة عمل تجود بها مكاتب العمل الرئيسية وفروعها أو فروع وزارة الخدمة المدنية، إنه كلما ظل الوافدون بهذا الشكل غير المتناسب في كمه وكيفيته يجلسون بارتياح تحت ظلال أشجار الوظائف ليقطفوا ثمارها على حساب غيرهم من أبناء الوطن "المؤهلين" فهذه المعناة.