وزارة الخارجية من أكبر وأهم الوزارات في أي دولة، هذه الوزارة لا يتعلق عملها فقط برسم السياسة الخارجية للدولة وتنفيذ أهدافها بما يحقق مصالحها، بل إن من أهم القيم لهذه الوزارة خدمة وحماية مصالح الوطن والمواطن، والحوار والانفتاح على ثقافات العالم وشعوبها، ولتحقيق ذلك الحوار والانفتاح كان لابد لهذه الوزارة أن تبرز ثقافتها لدول العالم فكانت احدى مبادراتها في ذلك مسابقة السفير التي تعد من أهم وأبرز المسابقات في الفنون التشكيلية في المملكة العربية السعودية. هذه المسابقة انطلقت لأول مرة عام 2004 وتقام كل سنتين، ومنذ انطلاقتها الأولى يحرص الفنانون على المشاركة في هذه المسابقة لما توفره من دعم للفن التشكيلي السعودي حيث تعرض أعمال الفنانين المشاركين في سفارات المملكة في دول العالم، كما تعرض اللوحات المشاركة في معارض فنية دولية وذلك حرصا من وزارة الخارجية على عكس أحد أوجه الثقافة السعودية من خلال أعمال ولوحات الفنانين السعوديين. وفي هذه الأيام أقيمت النسخة الخامسة من مسابقة السفير وعرضت أعمال الفنانين المشاركين في بهو وزارة الخارجية في مدينة الرياض وشارك في تحكيم أعمال المتسابقين لجنة تحكيم دولية، وقد نظم المعرض الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون وبالتعاون مع وزارة الخارجية مما جعله معرضا متميزا في تنظيمه ومعروضاته، إلا أن إقامته في بهو وزارة الخارجية قد لا يكون موفقا نظرا لحساسية هذا الموقع وصعوبة الوصول إليه من قبل الزوار ومحبي الفن. معظم أعمال هذا المعرض كانت عبارة عن لوحات تجريدية تم التركيز فيها على التجارب اللونية للفنانين وقد دخل الخط العربي والزخرفة الإسلامية في بعض منها، وما كان يعيب المعرض هو عرض بعض اللوحات التي كانت عبارة عن نسخ معالجة لونيا لصور فوتغرافية معروفة ومنتشرة، وقد يكون اقتصار لجنة التحكيم على محكمين دوليين قد لا يكونون مطلعين اطلاعا كافيا على ثقافة وفنون المملكة سمح لتلك اللوحات المنسوخة بالعرض. والحقيقة أن من الأعمال الجميلة التي شاهدتها في بهو وزارة الخارجية كان عملا من السجاد للفنان العراقي عقيل الأوسي، لم يكن هذا العمل من أعمال معرض السفير بل هو عمل فني من مقتنيات الوزارة ومعروض فيها منذ مدة طويلة، ذكرني هذا العمل بالدعم الذي كان يناله الفنانون السعوديون سابقا من حيث اقتناء أعمالهم وعرضها في المنشآت الحكومية، وكم أتمنى أن يعود ذلك الدعم ويتم عرض أعمال حديثة للفنانين السعوديين في كافة الوزارات والمنشآت الحكومية ولعل ما تقوم به وزارة الخارجية في معرض السفير يكون دافعا لبقية الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة للقيام بواجباتها الاجتماعية والثقافية نحو المجتمع والذي لا شك أن من تلك الواجبات نشر الثقافة والفنون حيث كانت ولا زالت الفنون هي المقياس لتطور الحضارات والأمم.