ما يحصل في العراق الآن من أحداث لم يكن وليد لحظته بقدر ما هو نتيجة سياسات عشوائية طائفية ضيقة الأفق أدت الى انقسام المجتمع العراقي ذي التركيبة العرقية والطائفية الدقيقة التي كانت تستوجب التعامل معها بمشرط الجراح لا ساطور الجزار !!. فالحكومة العراقية وعلى رأسها نوري المالكي تعاملت مع الشعب العراقي بفوقية وعنصرية قادتا بلاد الرافدين الى فوضى أقل ما يقال عنها إنها عارمة أوصلت العراق الى مستوى من الانقسام وانعدام الأمن والاستقرار غير المسبوق في تاريخه الحديث، ولم تكتف بذلك بل إن سياسات تلك الحكومة تمثلت في كثير من الأحيان في التنصل من المسؤولية بإلقاء الاتهامات جزافاً في محاولات يائسة للظهور بمظهر المغلوب على أمره، وهذه حقيقة فالمالكي وحكومته مغلوبون على أمرهم، فهم مجرد دمى يتم تحريكها من خلف الستار حتى تضفي الشرعية على قرارات الداخل والتي تم اتخاذها من الخارج !! وعندما (تتهم) تلك الحكومة (الصورية) المملكة أنها تقدم الدعم المادي للجماعات الإرهابية إنما هو اتهام يدينها قبل غيرها أمام دول العالم، فالمملكة لها - ولله الحمد- تجربة مميزة في مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وصوره، وتجربتها أصبحت مثلا يحتذى ويشاد به في كل المحافل الدولية، بل إنها اول دولة في العالم عقدت مؤتمراً دولياً لمكافحة الإرهاب وطالبت بإنشاء مركز دولي من أجل هذا الغرض. بعد ذلك تأتي حكومة (هشة) سطوتها لا تتعدى المنطقة الخضراء في بغداد لتوزع اتهاماتها غير المبنية إلا على الزيف والباطل وقلب الحقائق حتى تظهر بمظهر المغلوب على أمره. عندما دعا بيان مجلس الوزراء يوم الاثنين الى تشكيل حكومة توافق وطني من أجل وضع مخرج للأزمة، وتحميله السياسات الطائفية والاقصائية مسؤولية ما يجري في العراق إنما وضع يده على الجرح الذي ظل ينزف وسيظل ينزف طالما كانت الحكومة العراقية تتنصل من واجباتها، وترمي عراقنا في حضن الغرباء يعيثون فيه فساداً، وينفذون مصالحهم عبر الحكومة الهشة في بغداد الرشيد. المملكة دعت الى ما فيه مصلحة العراق ككل لا العراق العرقي او العراق الطائفي، دعت الى العراق الموحد بكل أطيافه وأعراقه ومكوناته السياسية والاجتماعية دون تفرقة أو تمييز، نصيحة أخ لأخيه لا يريد الا مصلحته، يريده قويا عزيزا متحدا لا مشرذما تعصف الرياح بكل أركانه. ولكن الحكومة العراقية أخذتها العزة بالإثم فآثرت قلب الحقائق بدلا من تقبل النصيحة حتى لا تُغضب من جاءوا بها الى مكان لا تستحق أن تكون فيه، فالعراق والشعب العراقي يستحقان أفضل منها بكثير من اجل مستقبل بلد كان من الممكن أن يكون نموذجاً للبناء والتعمير لا الخراب والتدمير. وليس أدل على فشل الحكومة العراقية منذ أن تولى المالكي رئاستها في التعامل مع الأحداث ما أوصل العراق الى ما هو فيه، إلا تقرير الأممالمتحدة الذي اعتبر الأزمة التي يمر بها العراق " تهديداً لبقاء العراق لكنه يشكل ايضا خطراً جدياً على المنطقة". "العراق يواجه أكبر تهديد لسيادته وسلامة أراضيه" منذ سنوات.