لقد تجاوز عدد المسلمين المصابين بالسكري خمسين مليون نسمة في جميع أنحاء العالم وهناك عوامل كثيرة تتعلق بالصوم والسكري وتنظيم العلاج والنمط الغذائي الأفضل، فالعمر والوزن وطبيعة العمل وطول فترة المرض ونوع السكري ووجود أي أمراض مصاحبة كلها عوامل هامة جداً في تحديد نوع العلاج الأفضل، فنجد أن البعض يمكنه السيطرة على مستوى السكر بالدم من خلال اتباع نظام غذائي مع المحافظة على الوزن الأمثل، في حين يحتاج البعض الآخر لاستخدام الأقراص (حبوب السكري) أو حقن الأنسولين لتحقيق ذلك، وكل هذه العوامل هامة جدا في تقرير مدى القدرة على الصيام بدون مشاكل بإذن الله. ومع أن شهر الصوم ينبغي أن يقل فيه الأكل ويزيد العمل، ولكن الممارسات الواقعية تُبين أن كمية الطعام للأسرة الواحدة تزيد 4 أضعاف عما عداه من الأشهر مع قلة في النشاط البدني مما يؤدي إلى زيادة الوزن، فمع قدوم هذا الشهر الفضيل يحرص المصابون بالسكري على صيامه وقيامه، ويتساءل الكثير منهم فيما إذا كانوا يستطيعون الصوم أم لا. لكن هناك عامل مهم للمصابين بالسكري وهو ارتفاع درجات حرارة الطقس في رمضان لهذا العام مع طول فترة الصيام إلى ما يقارب خمس عشرة ساعة تقريباً في بعض مدن العالم الإسلامي، ومن هذا المنطلق لا بد من التحذير لبعض المرضى الذين يعانون من مضاعفات بسبب الصيام، وخاصة الهبوط المفاجئ لمستوى السكر في الدم، بتوخي الحذر واتباع الإرشادات الطبية عند اتخاذ قرار الصيام. عند النظر في قدرة صيام المصاب بداء السكري من عدمها ومن خلال الرجوع إلى المراجع الطبية المتعددة، نجد أنه تم تصنيف المصابين بالسكري إلى فئات ثلاث: الفئة الأولى: المصابون الذين يعانون من ارتفاع بسيط بالسكر ويعتمدون على الحمية الغذائية، وهؤلاء يُحبّذ صومهم. الفئة الثانية: المصابون الذين يعانون من ارتفاع السكر في الدم ويعتمدون على علاج لتحفيز البنكرياس لزيادة إفراز الانسولين لفترة بسيطة، وهنا ننصح بالصوم ولكن بحذر، وبفحص للسكر في الدم مرة أو مرتين في اليوم لتقييم مستواه في الدم وذلك لتجنّب الهبوط المفاجئ للسكر. الفئة الثالثة: المصابون بالسكري والذين يعانون من مضاعفات كضعف الكلى وتصلّب في الشرايين وارتفاع ضغط الدم الشرياني، وكذلك كبار السن والحوامل، فهؤلاء لا ننصحهم بالصوم، وعليهم استشارة الطبيب المعالج. وهناك دراسات أخرى اعتمدت التقسيم حسب نوع الاصابة بداء السكري: المصاب بالسكر من النوع الأول: يُستحسن أن يمتنع عن الصيام في الحالات الآتية: - إذا كان يتناول 3 أو 4 جرعات من العلاج خصوصاً إذا كان مصاباً بالسكري من النوع غير المستقر. - إذا كان يستخدم مضخة الأنسولين. - إذا كان يتناول 3 أو 4 جرعات من الأنسولين في اليوم ويعاني حالة الإغماء أو السبات بسبب ارتفاع معدل السكر في الدم أو انخفاضه المتكرر. - إذا كان يعيش بمفرده ولا يجد من يساعده في حال تعرضه لعارض في القلب أو الكليتين أو جلطة. - إذا كان يعاني مشاكل خطيرة في شرايين القلب والدماغ. يُشار إلى أن نسبة الخطر تنخفض لدى الاشخاص الذين يتناولون الأنسولين والدواء بانتظام ولم يحصل عندهم هبوط في السكر ولا يتناولون أكثر من جرعتين في اليوم، لكن في كل الحالات يُفضل عدم صيامهم مع استشارة الطبيب المعالج. المصاب بالسكري من النوع الثاني: من الأفضل أن يمتنع عن الصيام في الحالات الآتية: - إذا كان مصاباً بقصور كلوي ومشاكل في شبكية العين والجهاز العصبي. - إذا كان يعاني حالة هبوط في معدل السكري دون أن يشعر بذلك. - إذا كان قد أُصيب بجلطة في القلب أو جلطة دماغية. - إذا كان قد عانى من فترة قريبة ارتفاعاً شديدا في معدل السكر أو إذا كان معدل السكر لديه في أول الشهر يفوق 300 ملغم/ ديسي لتر أو إذا كان يتناول جرعات متعددة من العلاج. توصيات حول نمط الحياة اليومي: العلاج والصوم: ينبغي على الصائم أن يستمر بأخذ علاجه (أنسولين أو حبوب) وألا يوقفه أثناء شهر رمضان مع اتباع خطة علاجية خاصة كالآتي: ا) إذا كان المصاب يتناول جرعة واحدة من العلاج: فينبغي الاستمرار عليها وأخذها مع وجبة الإفطار. ب) إذا كان المصاب يتناول جرعتين من العلاج: فيجب أخذ جرعة الصباح مع وجبة الإفطار وجرعة المساء تُؤخذ مع وجبة السحور مع مراعاة تغيير الجرعة حسب حاجة الشخص المصاب بالسكري واتباع إرشادات الطبيب المعالج. ج) إذا كان المصاب يتناول ثلاث جرعات من العلاج: يجب استشارة الفريق الطبي لإرشادك إلى كيفية أخذ الجرعات بالشكل الصحيح أثناء المساء. ينبغي التأكيد على الحقائق التالية: الشخص الذي يُصاب بنوبات نقص السكر أو الارتفاع الشديد في سكر الدم يجب عليه أن يقطع صيامه في الحال، لأنه بحاجة إلى علاج فوري. - ينبغي تقسيم الوجبات إلى ثلاثة أجزاء، الأولى عند الإفطار والثانية بعد صلاة التراويح والثالثة عند السحور وهي الأكبر. يُفضل تأخير وجبة السحور قدر الإمكان إلى ما قبل الإمساك لتجنّب هبوط السكر وذلك أثناء النهار نظراً لطول فترة الصيام هذا العام. - الحذر من الإفراط في الطعام وخاصة الحلويات أو المشروبات المحلاَّة والمقالي. - الإكثار من شرب الماء في المساء نظراً لارتفاع درجة الحرارة خلال النهار. وبصفة عامة فإن السماح بالصيام أو عدمه إضافة إلى تنظيم الدواء وأوقات تناولها يعود إلى الطبيب المعالج دون غيره. إن تقرير إمكانية الصيام أو عدمه ليس بالأمر السهل، ولا يمكن تقرير قواعد عامة لجميع المصابين بالسكري، ولذلك ينبغي دراسة وضع كل شخص على حدة، ولا يتيسر ذلك الأمر إلا للطبيب المسلم المختص فهو يملك ما يكفيه من المعطيات التي تمكنه من نصح المريض بإمكانية ال صوم أو عدمه. * قسم المسؤولية الاجتماعية