مما لا شك فيه أن المنطقة العربية مستهدفة ضمن سيناريو ذي معالم محددة واستراتيجيات مرنة تخضع للتعديل والتبديل حسب مقتضيات الظروف والمتغيرات لأنها قائمة على أكثر من خطة، فإذا فشلت الأولى يتم تطبيق الثانية ثم الثالثة وهكذا، أما الهدف المستهدف فهو خلق شرق أوسط جديد من خلال وسيلة سميت بالفوضى الخلاقة. إن المنطقة مستهدفة بسنّتها وشيعتها ولا أدل على ذلك أن الفواسق السبع تتضمن تنظيمات سنية مثل داعش والقاعدة والنصرة وتنظيمات ودول شيعية تتضمن إيران والنظام السوري والعراقي وحزب الله والحوثيين وغيرهم إن العمل على تحقيق ذلك يسير على قدم وساق وقد تم خلق عدة تنظيمات ودول تتبنى وترعى ذلك التوجه وتم استغفال حكومات وشعوب لإقحامها في أتون الفوضى المدمرة، فالكل يستهدف الكل والمستفيد يتفرج ويدعم كل الأطراف في الخفاء، في الظاهر هو ضد أحد الأطراف ومع الأطراف الأخرى، وسير الأحداث يشير إلى أن ذلك الطرف يستغل الجميع ويستهدف الكل، إن استشراء الفواسق السبع المتمثلة في النظام السوري والإيراني وحزب الله وحركتي داعش والنصرة بالإضافة إلى تنظيمي الحوثيين والقاعدة لم يأت وليد الصدفة، بل أتى برعاية مباشرة وغير مباشرة ممن له مصلحة كبرى في تدمير المنطقة وأخذها واحدة تلو الأخرى، أي إنهم يخربون بيوتهم بأيديهم. فالحكاية بدأت بالحرب العراقيةالإيرانية والتي كان الغرض منها بث روح العداء والنقمة وتعميقهما وزرع روح الثأر لدى الإيرانيين، تلى ذلك غض الطرف عن التسلح الإيراني واستشرائه حتى أصبح حقيقة واقعة تهدد كامل المنطقة من خلال التدخل السافر بشؤون الآخرين، وزرع بؤر موالية لها في كل من لبنان وسورية والعراق واليمن ودول الخليج وغيرها من الدول. ومنذ بدايات الثمانينيات من القرن المنصرم وإيران تدس أنفها في مجمل الساحة العربية، وكان إنشاء حزب الله في لبنان أحد أبرز فعالياتها في ذلك الوقت، وسهل ذلك التحالف بين النظام السوري والنظام الإيراني واليوم الحلفاء الثلاثة أكثر الفاعلين في قتل الشعب السوري. بعد حروب الخليج الثلاث التي أكلت الأخضر واليابس تم تسليم العراق على طبق من ذهب لسيطرة النظام في طهران، واستمر مسلسل التفجير والتدمير في العراق حتى تم القضاء على كل مظاهر الدولة في ذلك القطر الذي يخضع الآن لحكم طائفي مغرق في طائفيته وانحيازه. بعد اندلاع الثورة السورية فرح كل مخلص بذلك الحراك العظيم وما يحققه على أرض المعركة من انتصارات، فتم الافراج عما يقارب (1000) من الإرهابيين من سجن أبو غريب في بغداد عمداً وإن أطلقوا على ذلك هروباً، وهؤلاء قاموا بإنشاء حركة داعش وحركة النصرة، وتم تسليح حركة داعش بأسلحة نوعية وذلك لمقاتلة الجيش الحر السوري الذي أوشك أن يحقق النصر على جيش النظام السوري، وهذا ترافق مع تدخل حزب الله إلى جانب جيش النظام السوري، فهل تدخل هاتين المنظمتين لصالح النظام السوري جاء بالصدفة؟ بالطبع لا. إن حركة داعش كادت تلفظ أنفاسها وفجأة تم إمدادها بأسلحة نوعية من ناحية، وتمثيلية إنهيار الجيش العراقي أمامها مما مكنها هذه الأيام من السيطرة على منطقة واسعة من العراق وسورية، من ناحية أخرى، كل ذلك يدل علي أن كلا من النظام السوري والإيراني والنظام العراقي يديرون المشهد من خلف الستار ومن أمامه. وفي اليمن لا يشك أحد أن هناك تحالفاً يجمع الحوثيين وتنظيم القاعدة فهما يؤجلان الاختلاف ويستغلان وحدة الهدف، وهما يعملان على تقويض الأمن والاستقرار في اليمن بدعم مؤكد من حكومة طهران بالإضافة إلى من يقنعهم بذلك من قوى منتفعة أخرى، والسؤال هو: من المستفيد الأكبر من هذا كله؟ والجواب الذي لا يقبل الشك أن إسرائيل ومن يقف خلفها هم المستفيد الأكبر لأن كل الذي يحدث على الأرض العربية هو نتاج تخطيط مسبق تم الإعلان عنه أو التنبؤ به ضمن سياسات أعلنت أو تقارير سربت أو دراسات استثمرت أو أهداف تحققت، وظل المستهدف يلعب دور القاتل والمقتول من خلال الاقتتال. إن الدول العربية تؤخذ واحدة تلو الأخرى على رؤوس الأشهاد، فالبداية كانت في الصومال ثم السودان ثم العراق ثم جاء الخريف العربي الذي بدأ في تونس ثم مصر ثم ليبيا واليمن ثم سورية ليضع تلك الدول ضمن دائرة عدم الاستقرار أو الحرب الأهلية. وكان وصول الإخوان إلى سدة الحكم في مصر أحد السيناريوهات التي كان الغرض منها شد أزر الاستقطاب بين شعوب وحكومات المنطقة، وبعد سقوط حكم الإخوان يتم العمل على الاستفادة من ذلك لخلق شرخ في وحدة الشعب المصري حيث ظل المراهنون على حكم الإخوان ينفخون في النار ويسعون بكل ما أوتوا من قوة مالية وإعلامية من أجل تعميق الشرخ لصالح جهات وتوجهات لها مصلحة في عدم استقرار مصر العروبة والإسلام. نعم إننا في المملكة بصورة خاصة، وفي الخليج بصورة عامة، مستهدفون من قبل تلك الفواسق السبع ومن قبل من يدعم ويستفيد من حراكها وتحركاتها ومن خلط الأوراق الذي تحدثه وليس أدل على ذلك من تمكن المملكة من القبض على أفراد خلية (63) الذين ينتمون إلى عدة تنظيمات منها داعش والنصرة وغيرهما والتي كانت تستهدف أمن واستقرار هذا الوطن العظيم. وعلى أي حال فإنه من المعروف أن أفضل وسيلة للدفاع تتمثل في الهجوم، وهذا يعني أن محاربة تلك التنظيمات في داخل عقر دارها هو المعوّل عليه من أجل هزيمتها وهذا له طرق ووسائل استخباراتية وإعلامية ولوجستية وتنظيمات وتحالفات مضادة، فالمثل الشعبي يقول: «ما يفل الحديد إلا الحديد». إن امتلاك القوة على أرض المعركة هو المعوّل عليه عند البحث عن مخرج للأزمة، وهو المعوّل عليه للجم التهديد ولجم التآمر، وهو المعوّل عليه لتحجيم الخصم، وهو المعوّل عليه لإقناع الخصم باستحالة تفوقه، وهذا بالطبع يأتي من خلال اختراق تلك التنظيمات بالوسائل المختلفة على قاعدة الوقاية خير من العلاج. إن المنطقة مستهدفة بسنّتها وشيعتها ولا أدل على ذلك أن الفواسق السبع تتضمن تنظيمات سنية مثل داعش والقاعدة والنصرة وتنظيمات ودول شيعية تتضمن إيران والنظام السوري والعراقي وحزب الله والحوثيين وغيرهم. من ذلك يتضح أن المسرح يعد لاقتتال سني شيعي يدمر الطرفين بينما المستفيد من ذلك الاقتتال يظل إسرائيل ومن يقف خلفها من الدول واللوبيات على اختلاف مصالحها وتحالفاتها. نعم إن كل من يشق وحدة الكلمة ووحدة الصف تكون محصلة فعله شق وحدة الوطن شعباً وأرضاً، وذلك كما هو حادث في العراق وسورية وليبيا واليمن والسودان وقبل ذلك في الصومال، إن الأمن والاستقرار والطمأنينة والرخاء قد فقدت في تلك الأوطان وتحولت الحياة هناك إلى فلت لا يحكمها إلا الأهواء الشخصية لطوائف أو تنظيمات أو أحزاب أو حتى أشخاص وهذا الوضع لا يتمناه أي إنسان عاقل فاهم متزن، ويدخل في أتونه كل جاهل فقد التوازن في عقله ودينه، ذلك إن الفتنة أشد من القتل وأكبر منه، لعن الله من أيقظها. إن كل تنظيم أو حزب أو جماعة أو شخص يدعم أو يؤيد أو يشارك في إثارة الفتن والإساءة إلى وحدة الكلمة والوحدة الوطنية يرتكب جريمة كبرى في حق الوطن في كل الأوقات بصورة عامة، وفي هذا الوقت الذي أصبح فيه الوطن مستهدفاً في إنسانه وأرضة ومقدساته وثرواته وأمنه واستقراره بصورة خاصة.. لذا علينا جميعاً أن نتمسك بالعروة الوثقى عروة الإيمان وما يفرضه ذلك من حماية لأمن الوطن ومقدساته ووحدته واستقراره.. والله المستعان.