شهدت أمس الضاحية الغربية للعاصمة الجزائر أهم تجمع للمعارضة شبيهاً بذلك الذي عقدته العام 1994 بكنيسة سانت إيجيدو بإيطاليا بعد اندلاع العنف المسلح وتوقيف المسار الانتخابي الذي فازت به الجبهة الإسلامية للإنقاذ، في محاولة للتوصل إلى مقترحات توافقية للخروج من الأزمة. ولأول مرة في تاريخ البلاد منذ إقرار التعددية الحزبية والسياسية العام 1989 جلس الإسلاميون ممثلون بزعامات الأحزاب المعتمدة إلى جانب زعامات أحزاب ديمقراطية كانت فيما مضى ترفض التحاور مع الإسلاميين، وتعزز الإجتماع بحضور عدد هام من رؤساء الحكومات السابقة ممن عارضوا ترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة وصاروا يطالبون بالتغيير وضرورة التداول السلمي على السلطة. وتجمع أكثر من 400 مشارك في «ندوة الإنتقال الديمقراطي» التي دعت إليها وظلت تحضر لها منذ الإعلان عن نتائج رئاسيات 17 أبريل، الأحزاب المنضوية تحت لواء ما بات يعرف ب»تنسيقة الحريات والانتقال الديمقراطي» التي تضم الأحزاب الإسلامية «حركة مجتمع السلم» و»العدالة والتنمية» و»النهضة» والأحزاب الديمقراطية «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و»جيل جديد». وأعطى التحاق أحزاب وشخصيات لها وزنها السياسي في البلاد بأشغال الندوة الوطنية على غرار «جبهة القوى الإشتراكية» لزعيمها السابق حسين آيت أحمد ورؤساء الحكومات سيد أحمد غزالي ومولود حمروش وعلي بن فليس وغيرهم من القيادات السابقة في الحزب الإسلامي المحظور على رأسهم على بلحاج، أعطى أهمية للإجتماع الذي سعت السلطة إلى اعتراض تنظيمه برفض الترخيص له أول الأمر، ثم اختلاق مبررات لإفشاله على خلفية رفض فندق كبير عمومي منح قاعة المحاضرات للندوة. وانتقد الوزير الأول الجزائري عبدالمالك سلال من تحت قبة البرلمان ذهاب المعارضة إلى تنظيم ندوة للإنتقال الديمقراطي وقال في تصريحات للصحفيين: «إن الانتقال الديمقراطي فكرة تجاوزها الجزائريون.. والجزائر يجب أن تتقدم لا العودة إلى الوراء»، وتدرك السلطة أن المعارضة اليوم أكثر قوة ونضج أو إصرار من الأمس ولهذا السبب ظلت تختلق لها الحجج لعرقلة تنظيم ندوتها الوطنية، وتدرك أيضاً أن المعارضة باتت تهدد «البقاء» الذي تشرعن له السلطة بمعطى «الاستقراروالأمن»، وصارت تتغذى من انتكاس اجتماعي عكسته الأوراق البيضاء التي كانت الحزب الأكبر الفائزفي رئاسيات 17 أبريل 2014.