تمثل الشراكة المجتمعية في جانبها الاجتماعي صورة من صور التعاون والتنسيق بين مجموعة أطراف سواء أكانوا أفرادا أم مؤسسات لتنفيذ برامج أو انشطة تهدف للوصول الى غاية محددة تخدم المجتمع في بعده الاجتماعي، وتؤطر هذه الشراكة بأطر نظامية كاتفاقيات بين الاطراف او مذكرات تفاهم اوعقود..الخ . والشراكة بهذه الصورة تعكس تنامي الوعي الايجابي والمسؤول للأفراد، ولأصحاب وقادة المنشآت باهتمامهم بالمسؤولية الاجتماعية. أما اركان او اطراف هذه الشراكة فمن الممكن ان يكونوا من الجهات الحكومية كإطار نظامي، والجمعيات الخيرية كممارس للنشاط المجتمعي ومساهم في تنمية المجتمع كقطاع ثالث رديف للقطاعين الحكومي والخاص، واهل الخير ممثلين بالافراد المتبرعين، والمؤسسات المانحة او الداعمة كمقدمي برامج الدعم المادي، والشركات والمؤسسات التجارية كداعمين ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية، والجهات الاكاديمية كمساهمين في تهيئة المجتمع لمثل هذه الادوار فكريا وعلميا وعمليا، والافراد كمتطوعين وفقا لقدراتهم وكفاءاتهم وما لديهم من شعور بالمسؤولية تجاه مجتمعهم والرغبة في تقديم شيء عملي في هذا المجال . وليس بالضرورة أن تتحقق مشاركة كل الاطراف المشار اليها، فقد يتعاون البعض منها فقط وفق ما تقتضيه طبيعة الاعمال والحاجة في مشروع معين، وتتوسع الدائرة في مشروع اخر وهكذا.. والمشاركة المجتمعية تساهم في سد الفجوات التي تظهر في بنية المجتمع فتتداعى لها الاطراف المشار اليها بدافع الايمان بهذا الواجب كمسؤولية يحث عليها ديننا لقول الله تعالى :(وتعاونوا على البر والتقوى) وقول الرسول عليه الصلاة والسلام (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وقوله صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة). كما قد تظهر هذه المشاركة من جانب آخر بدافع المسؤولية الاجتماعية لدى الافراد والمنشآت انعكاسا لقيمة التعاون الذي يمثل واحدا من اهم متطلبات الحياة في المجتمعات. وقد تكون المشاركة ضرورة من ضرورات تكامل الادوار بين الاطراف ذات العلاقة. ومن المعوقات التي قد تواجهها الشراكة المجتمعية على سبيل المثال؛ ضعف صيغة الاتفاق على الاهداف بين الشركاء، وعد م وجود خطة عمل متفق عليها او ضعف تنفيذها من قبل بعض الاطراف، وانعدام او قلة التنسيق لمعالجة الاشكالات اولا بأول، وغيرها. وما سبق من معوقات يتطلب من كل جهة الاهتمام بتحقيق اهداف هذه الشراكات، وبذل الجهد على مستوى القيادات لحل الاشكالات في وقتها، وتوفير الدعم المعنوي والمادي لنجاحها، والتأكد من كفاءة العاملين على التنفيذ، ورفع تأهيلهم وتعزيز روح العمل لديهم كفريق عمل ناجح. والسؤال : أين تقع المسؤولية المجتمعية في سلم اولويات مجالس ادارات الجمعيات الخيرية؟ وهل لدى الجمعيات اتجاهات لتضمين استراتيجياتها هذه الشراكات؟ وإن كانت موجودة فهل حققت اهدافها؟ وهل تم تقييم ذلك على مستوى الادارة التنفيذية في الجمعيات، وعلى مستوى مجالس اداراتها؟ ان اهتمام الجمعيات الخيرية في هذا المجال يفتح بإذن الله أفقا ارحب لجمعياتنا الخيرية لتعزيز الشراكة المجتمعية التي تحمل الخير لبلادنا. *إضاءات: (إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (استعن بالله ولاتعجز) (إن لم تكن قادرا على الانجاز وتحقيق الاهداف فامنح فرصة لغيرك للقيام بذلك).