لا يزال المتابع الرياضي يجهل الهدف الرئيسي من اقامة معسكر المنتخب السعودي في اسبانيا الذي جاء بعد نهاية الموسم الرياضي مباشرة على الرغم من حاجة لاعبي الأندية للراحة بعد ركض مليء بالطرائف والتناقضات والارهاق الذهني والبدني وانكشاف بعض الحقائق والاخفاق، ومع الاحترام والتقدير لنظرة ورأي الاتحاد السعودي وموافقته على طلب المدرب الاسباني لوبيز الا ان هذا المعسكر اشبه بالنزهة، وجاءت فائدته فقط على المستوى الترفيهي أكثر من الفائدة الفنية والانسجام وتعرف المدرب على العناصر التي يحتاجها خلال المرحلة المقبلة في بطولة الخليج ونهائيات آسيا، والمضحك ان التحضيرات ستتوقف ويتوزع اللاعبون الى حيث قضاء اجازاتهم (ان كان هناك وقت) والانضمام لمعسكرات الاندية التي ستكون خلال شهر رمضان المبارك ثم بدء المنافسات في شوال المقبل، وهنا تسبب الاتحاد السعودي بعلمه او من يحث لايدري بارهاق اللاعبين، وقد ينتج عن ذلك اصابات مستقبلية بسبب قلة الراحة المطلوبة. ليت الاتحاد انشغل بالتصدي لكوارث لجانه.. واهتم بالبحث عن مخارج من الديون! على مستوى الوقت خسر لاعبو الاندية فرصة الراحة من الارهاق والتمتع بالاجازة قبل تحضيرات فرقهم للموسم الجديد الذي سيكون ساخنا ومرهقا عطفا على روزنامة المنتخب السعودي والاندية بين مشاركات محلية وخارجية مايعني عدم التقاط الانفاس بالصورة المرجوة، اما على صعيد الانسجام ومعرفة قدرات العناصر ومدى تأقلهما مع افكار وخطط لوبيز الذي فضل ان يكون المعسكر "الغريب" في بلاده فهما شبه معدومين ولايمكن ان يكون لهما أثر اذا ماوضعنا بالاعتبار ان اقرب مشاركة للمنتخب تبقى عليها فترة طويلة، وتجميع اللاعبين ومن ثم ايقاف المعسكر وأقرب مشاركة يفصلنا عنها أشهر عدة يعني (كأنك يابو زيد ماغزيت)، وهناك منافسات محلية وأخرى خارجية لبعض الأندية من الممكن ان يواكبها ظروف صعبة واصابات لبعض اللاعبين وبالتالي اختلال التشكيلة بالنسبة للمنتخب واللجوء للاستعانة باسماء أخرى لم تشارك في معسكر مدينة خيريز الاسبانية، وهنا ستنتفي أهمية وقيمة هذه التحضيرات (الغريبة جدا) التي كانت بمثابة الخسارة على مختلف الصُعد. اما تنظيميا فتسبب المعسكر (كما اشار بعض الزملاء) باستنزاف جهد الاجهزة الادارية ومسوؤلي الاتحاد الذي يفترض عليه التفرغ لأشياء أهم من هذا المعسكر عديم الفائدة كرسم برامج التحضيرات المقبلة بهدوء وعقلانية ومناقشة مستفيضة للكثير من السلبيات وكيف يتم تلافيها والقضاء عليها، هذا على المستوى الاداري ل"الاخضر"، اما على مستوى الاتحاد السعودي، فهو اتحاد غارق بالكثير من مشاكله وكوارث اللجان وقضايا الاندية وترسبات "اسوأ موسم رياضي" تشهده الرياضة السعودية منذ فترة طويلة، تنظيما وتحيكما واشرافا واتخاذ للقرارات، وكان يفترض أن لاينشغل بمعسكر لم يعرف الهدف منه، وبالتالي الالتفات لتنظيم نفسه وتسويق مسابقاته بالصورة المأمولة وايجاد رعاة ومداخيل تبعده عن ضيق اليد وشح الموارد المالية وتأخر صرف مستحقات بعض الجهات، ومن ثم الخروج من ازمات الموسم الماضي واستقبال المرحلة المقبلة وخوضها بسجل ابيض ان اراد استعادة الثقة بنفسه ولدى الشارع الرياضي الذي ربما للمرة الأولى يصطف ضده، ولم يقف ويدعمه الا المستفيدين من أخطاء الاتحاد وكوارث اللجان، وهفوات الحكام ولجنتهم. أين دور محاسبة لوبيز.. وما الفائدة من تحضيرات يعقبها توقف لفترة طويلة؟ ماليا يعتبر معسكر اسبانيا مرهق، ونحن نعرف ان الاتحاد السعودي يعاني من هذا الأمر حسب ماينشر ويذاع عبر وسائل الاعلام المتعددة، ولو صرفت قيمته في أمور أكثر فائدة كتطوير اللجان وتسديد المستحقات المتأخرة للاجهزة الفنية والادارية في المنتخبات السنية لكانت الاستفادة أكبر، ولكنه التفكير الغريب الذي أصر من خلاله الاتحاد السعودي على اقامة معسكر "الأخضر"، وكأن المرحلة تتطلب هذه الخطوة بصفة عاجلة، ومهما حاول القائمون على المنتخب ورئيس وبعض اعضاء الاتحاد السعودي من تقديم تبريرات واقناع الشارع الرياضي فهي تبريرات غير مقنعة على الاطلاق وفيها من التناقضات الشيء الكثير، ولايمكن لأي معسكر ان يقام برغبة اللاعب او العكس، ايضا لايمكن لتحضيرات ان تقام برغبة مدرب الا بعد دراسة مستفيضة وجدوى فنية مميزة تحققان الهدف المرجو من اقامته الا اذا كان المدرب الاسباني اراد هذا الشيء، وأن يكون قريب من بلاده وأهله ففي ذلك هدر للمال وضياع للوقت وارهاق للعناصر التي لم تأخذ أي قسط من الراحة طوال الموسم الرياضي المنصرم "المتعب". كان على الاتحاد السعودي ان يفكر بهدوء من منطلق استثمار الوقت واستغلال الظروف بما يعود على خططه نحو عمل ايجابي متقن ومدروس وفق خطط قصيرة لأي استحقاق قريب، وبعيدة الأمد خال من العشوائية ومبشرا برؤية نتائج مرضية للاتحاد ولجانه والمنتخبات والاندية، ولكن المثل يقول (ليال العيد تبان من عصاريها) بدليل التوقيت الغريب لمعسكر اسبانيا والأصرار عليه، وأن كان ذلك بحرص من المدرب فيفترض مناقشته وسؤاله لماذا في هذا التوقيت بالذات؟، وماهي الجدوى؟، وما مدى انعكاسه السلبي على اللاعب الذي عاش الارهاق طوال الموسم؟، اذا كان استغلال للوقت فالاستحقاقات تبقت عليها فترة طويلة، وان كان لاستغلال فترة توقف الموسم ونهايته فالنظرة بكل أسف قاصرة ولم تراع أي اعتبار لضرره على اللاعب بدليل الظهور السيء لجميع العناصر والخسارة الثقيلة وديا من مالدوفا بنتيجة 4-صفر ثم الهزيمة الثانية من جورجيا بنتيجة 2-صفر، وكيف ان اللاعبين كافة قدموا صورة سيئة واداء مرتبك وحضور ذهني مشتت، وغياب تام للتفاهم، وكأن هناك عدم اقتناع بأهمية المعسكر وضرورة الاستفادة منه، وبدلا من تعزيز الموقف والتقدم في تصنيف (الفيفا) جاء الأثر عكسي. عن هذا الخطأ يفترض ان لايصمت ازاءه اعضاء الجمعية العمومية وبالتالي سؤال رئيس الاتحاد السعودي والاعضاء عن السر في توقيت المعسكر ولماذا اختير هذا الوقت بالذات؟ والطلب منهم مساءلة المدرب والجهاز الاداري فالاستنزاف المالي السلبي يضاهي الاستنزاف الذهني والبدني من دون فائدة.