نشرت الفنانة أحلام في صفحتها في موقع انستاغرام صورة تجمعها بالمطربة الراحلة أم كلثوم مع تعليق يقول "لكل زمان كوكب" في إشارة إلى أنها تمثل امتداداً طبيعياً لكوكب الشرق أم كلثوم. وبعيداً عن كون الصورة من تصميم أحد معجبي أحلام والذي يرى –وهذا من حقه!- أن فنانته المفضلة لا تبتعد كثيراً عن مطربة الأجيال, إلا أن الغريب أن توافق أحلام على هذه المقارنة الخاسرة والمبالغ فيها وأن تتبنى نشرها عبر حسابها الشخصي. هل هذا نوع من نرجسية الفنان التي تجعله يرى نفسه أهم ما في الوجود حتى لو لم تكن له أي قيمة تذكر؟. كيف نفسر إعجاب أحلام بهذه الصورة وموافقتها على معناها؟. ثم كيف تعمى بصيرتها عن توقع ردة فعل الجمهور الذين سيستهجنون حتماً هذه المقارنة؟. أم أن الأمر مجرد عناد ومناكفة لمنافسين لها من فنانين وفنانات؟. الحقيقة أن الوسط الفني حالياً يضج بمثل هذه العينات, ويكاد يكون بلاء النرجسية عامّاً جميع النجوم, فهذا مغنٍ "يُهندس" الألقاب ويبتكرها لنفسه ويمررها للإعلام على أنها حقيقة, وآخرها لقب "لورد الغناء", وذاك يشترط على مكتبه الإعلامي وضع عبارة "الفنان العالمي" أمام اسمه في جميع بياناته الصحفية, أما المغنيات فمجال المنافسة على أشده وكل مغنية لديها دزينة من الألقاب الكبيرة التي اخترعتها لنفسها وأقنعت نفسها بأن الجمهور يوافقها على هذا الزيف. في تويتر, وفي بقية مواقع التواصل الاجتماعي, سترى ألواناً من هذه النرجسية الخداعة. كثير من الفنانين "ممثلين ومغنين" -خاصة الشباب منهم- لديهم حسابات "وهمية" يديرونها بأنفسهم, تحت أسماء معجبين أو "فانز" خاص بهم, فتجد أحدهم ينشر في حساباته "الوهمية المختلقة" تغريدات غزلية تعبر عن إعجابها الشديد بشخصه وبوسامته وبإبداعه ثم يقوم بإعادة تغريدها عبر حسابه الرسمي لإيهام الناس بأنه "دون جوان زمانه" ومعذب قلوب العذارى الذي لا يجد الوقت للرد على الآلاف من معجبيه. إذن أحلام لم تقم بما هو شاذ عندما نشرت صورتها "الكلثومية", فالمشهد الفني العربي بعمومه مشهدٌ مشوّه مزيف خداع يمتلئ بعديمي الموهبة الباحثين عن المجد بأي طريقة, وللأسف أن الإعلام يساعدهم في ذلك وهو جزء رئيس من المشكلة حين يحتفي ويستضيف "عديم الموهبة" ليتحدث في شأن الفن. وبالطبع أنت لست بحاجة إلى إثبات الفارق المهول بين أم كلثوم وأحلام لأن أي نقاش في هذا الاتجاه سيحسب لصالح أحلام كونها وضعت في موضع مقارنة مع المطربة الراحلة. نحن ندرك الواقع المتردي للفن العربي بمختلف اتجاهاته الغنائية والدرامية والمسرحية, ولدينا استعداد لقبول هذا الواقع والتعايش معه وفق مبدأ "النازلة" والقدر الحتمي الذي يجب عليك التعامل معه إذا أردت الاستمرار في العيش. ندرك ذلك ونقدره ونعرف أن فنانينا الآن يمثلون أسوأ ما يمكن أن يصل إليه الفن ويحتلون القاع مقارنة بفناني العصر الذهبي في خمسينات وستينات القرن الماضي. كل ما نطلبه منهم أن يحترموا عقولنا قليلاً, وأن يقدروا صبرنا عليهم, وأن لا يتحايلوا علينا بلقب يخترعونه أو بصورة يصممها "فانز"!.