في خطوة لا تخلو من دلالات دينية وسياسية، اختتم بابا الفاتيكان فرانسيس الاول زيارته لدولة فلسطين بزيارة المسجد الاقصى المبارك في الشطر الشرقي من القدسالمحتلة، حيث التقى جمعاً من الشخصيات المقدسية على رأسهم مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين. ووصل البابا إلى المسجد الاقصى صباح أمس وسط اجراءات مشددة فرضتها قوات الاحتلال في المدينة المقدسة بشكل عام والبلدة القديمة بشكل خاص حيث لم تسمح للمواطنين بدخول المسجد، حتى انتهاء الزيارة التي تزامنت مع ذكرى الاسراء والمعراج. وشرح مفتي القدس في رسالة سلمها لبابا الفاتيكان ما يتعرض له المسجد الاقصى من اعتداءات وعمليات اقتحام وانتهاك من عتاة المستوطنين وبرعاية وحماية سلطات الاحتلال التي تسعى إلى تهويده وتقسيمه زمانياً ومكانيا، الى جانب منع المسلمين من أبناء قطاع غزة ومدن الضفة الغربية من الوصول إليه والصلاة فيه بحرية. وقال المفتي في رسالته «إن العيش المشترك وتقاسم الآمال والآلام بين أهل هذه الديار من المسلمين والمسيحيين يصلح أنموذجاً يحتذى به في سائر الأقطار التي يعيش فيها أتباع الديانات السماوية، إلا أننا في هذه البلاد التي غاب عنها الأمن والسلام منذ عقود، جراء الاحتلال الإسرائيلي نصبو إلى يوم الحرية ونهاية الاحتلال، وحصول شعبنا الفلسطيني على حقوقه المشروعة، في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في ظل سلام قائم على العدل، واحترام الآخر، ويعيد الحقوق إلى أصحابها.» واشاد الشيخ حسين بموقف الفاتيكان الثابت من قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948م، ولغاية اليوم، مؤكدا على أهمية الاستمرار في دعم حقهم بالعودة وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء اللجوء. وقال «نتطلع الى دور قداستكم الفاعل في وقف العدوان المستمر على أبناء شعبنا الفلسطيني وأرضنا ومقدساتنا، وتمكين المسلمين والمسيحيين من أبناء شعبنا من الوصول إلى أماكن عبادتهم بحرية لأداء شعائرهم في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وهذا من أبسط حقوقهم الدينية والإنسانية، التي كفلتها كل القوانين والأعراف الدولية.» واضاف: نتطلع إلى جهودكم من أجل حرية الأسرى الفلسطينيين الذين يزيد عددهم عن خمسة آلاف أسير بينهم نساء وأطفال يقبعون في السجون الإسرائيلية يخوض عدد كبير منهم الآن إضراباً عن الطعام يعرض حياتهم للخطر. وخلص الى القول: إن السلام في هذه البلاد لن يكون إلا بإنهاء جميع مظاهر الاحتلال، ونيل شعبنا حريته وحقوقه كافة، وهذا السلام يحتاج الى تضافر الجهود الإقليمية والدولية كافة لإنجازه، وتحقيقه على أرض الواقع. من جانبه جدد البابا دعوته للعمل الحثيث والتضحية من اجل السلام في المنطقة. وقال «جئت حاجّاً إلى الأراضي المقدسة للقاء المسلمين واليهود والمسيحيين، وهذا التبادل الأخوي يعطينا قوة جديدة لمواجهة التحديات.» وقال «لا يمكن أن ننسى بأن إبراهيم حج من أجل العدل والسلام، ونحن يجب علينا أن نكون سعاة من أجل السلام، علينا أن نكون دعاة سلام وعدل من خلال الصلاة ونحمل في قلوبنا العالم بأسره، وخاصة رحمة الله للبشر.» وتوجه البابا مباشرة من باب المغاربة إلى حائط البراق في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد الاقصى والذي يعتبره الاسرائيليون مكانا مقدسا لليهود ويطلقون عليه اسم حائط «المبكى».على صعيد اخر، وكعادتها في الوقت الذي يقوم فيه البابا بزيارة إلى الأراضي المقدسة، ويدعو فيها إلى إفشاء السلام، وبينما كان البابا يزور الاراضي المقدسة حاملا رسالة للسلام، تعمدت سلطات الاحتلال الاعلان عن اقرار اقامة 50 وحدة سكنية جديدة في مستعمرة «هارحوماه» المقامة على جبل ابو غنيم جنوبالقدسالمحتلة. وذكرت مصادر اعلامية اسرائيلية ان اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في بلدية الاحتلال بالقدس صادقت على بناء خمسة مبان جديدة في شارع «حومات شموئيل» في مستعمرة «هارحوماه» بمعدل 5-6 طوابق في المبنى الواحد. وقال يوسف بيبي الالو وهو عضو في البلدية عن حزب (ميريتس) اليساري المعارض «اتخذ هذا القرار في الوقت الذي يقوم البابا بزيارة الى القدس، ما يظهر انعداماً تاماً للمنطق». ورأى ان «البلدية وحكومة المتطرف بنيامين نتنياهو تقومان بما تريدانه في القدس وفي الضفة الغربية».