قبيل وصوله اليوم الى المملكة في زيارة رسميّة، قال رئيس الحكومة اللبنانية تمّام سلام ل"الرياض" ردّاً على سؤال عن توقيت الزيارة قبل 5 أيام من انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان وتعثّر انتخاب رئيس جديد بأنّ "هذه الزيارة مستحقّة سابقاً، لكنّ مشاغل الحكومة الكثيرة وانهماكها بتسوية الوضع الأمني والمشاكل الداخلية الضاغطة التي تتطلب معالجات سريعة أخّرتها، وها أنا اليوم أزور المملكة للقيام بما يتوجّب من شكر لها ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على الدّعم والمؤازرة للبنان وخصوصاً في ما يتعلق بالمساعدة غير المسبوقة المقدّمة لتسليح الجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار. لم يتسنّ لحكومة لبنان تقديم هذا الشكر بعد بشكل مباشر، لذا تنضوي زيارتنا تحت هذا الهدف بالإضافة الى أهمية تعزيز الروابط بين البلدين، وبالتالي ليس للتوقيت أيّة علاقة بالاستحقاقات الداهمة وفي طليعتها انتخابات رئاسة الجمهوريّة". وردّاً على سؤال عمّا إذا كان سيثير موضوع رفع التحذير السعودي عن قدوم السياح السعوديين الى لبنان قال سلام ل"الرياض": "بالطبع، وهذا الأمر مرتبط بالدرجة الأولى باستتباب الوضع الأمني ولو قمنا بالزيارة قبل تنفيذ الخطة الأمنية لما كنّا نستطيع طلب ذلك. سيكون هذا البعد موجوداً في الزيارة التي تأخرت أيضاً بسبب الإنشغال بترتيب الوضع الأمني الذي يوفّر عودة مطمئنة لجميع السياح، وبالتالي من البديهي اليوم أن يتمّ التعويل على ما تمّ إنجازه في هذا المجال لطمأنة السعوديين وأهل الخليج لكي يقصدوا الربوع اللبنانية لتمضية فصل الصيف". تمام سلام وعلام يرتكز في التفاؤل الذي أبداه أخيراً بإمكانية التوصّل الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 مايو الحالي وسط تصاعد إمكانية تحوّل الشغور الرئاسي الى فراغ دستوري، وخصوصا إذا قرر المسيحيون مقاطعة الحكومة التي تنتقل اليها الصلاحيات الرئاسية. وقال سلام: "إن انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو واجب يمليه علينا الدّستور اللبناني وخصوصا في المرحلة الصعبة التي يجتازها لبنان وفي ظل توافق سياسي أنتج الحكومة الإئتلافية التي نجحت في القيام بدورها، وهذا ما يجب أن ينعكس على الاستحقاقات الأخرى كلّها، إذ تمكنا في فترة وجيزة من ترتيب الوضع الأمني ومن ملء الشغور في 35 وظيفة فئة أولى فبالتالي لا داعي البتة للوصول الى الشغور الرئاسي بل إن واجبنا يكمن في تجنبه". وأضاف سلام: "سبق وقلت في مناسبات عدّة أننا إذا عجزنا عن انتخاب رئيس للجمهورية فسنكون في موقع غير مريح وسنتجرّع "الكأس المرّة"، بالنسبة الى الحكومة فقد لحظ الدستور موضوع الشغور الرئاسي قائلاً بأنه في حال حصوله تنتقل الصلاحيات الرئاسية الى مجلس الوزراء وهو مكوّن من كل الفئات والطوائف اللبنانية ولم يقل أن الصلاحيات تنتقل الى رئيس الحكومة، وبالتالي لا ينبغي أن يحصل أي التباس في المشاركة بحسب الدستور، لكن إذا كان ثمّة مناخ سياسي يريد تحويل الشغور الى فراغ بغية المزايدات فهذا أمر آخر، وهذا ما نحذّر منه وآمل ألا يحصل، وإنني أريد أن أطمئن جميع اللبنانيين بأن الجميع ممثّل في الحكومة بشكل عادل ومتوازن، وندرك جيداً رمزية الموقع الرئاسي الأول الى جانب رمزية الموقعين الآخرين أي رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب وذلك في إطار التوازنات المكرسة عرفاً، لذا فإن المرحلة القادمة تتطلب معالجة جدية من قبل الجميع". من جانبه أكد معالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان علي عواض عسيري أهمية الزيارة التي سيقوم بها دولة رئيس الحكومة اللبنانية إلى المملكة، مشيراً إلى أنها تستند على تاريخ من العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين ولأن هناك إجماعاً لبنانياً على أهمية هذه العلاقات. وأوضح في تصريح صحافي أن دولته سوف يلتقي عدداً من كبار المسؤولين في المملكة وستشكل الزيارة مناسبة لتعزيز أواصر الأخوّة وتبادل الآراء حول الأوضاع التي تشهدها المنطقة. وأبدى السفير عسيري ارتياحه للتوفيق الذي يحالف الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس تمام سلام إذ استطاعت في مرحلة قصيرة اتخاذ قرارات إدارية وأمنية على قدر كبير من الأهمية أسهمت في تعزيز الثقة بمؤسسات الدولة نتيجة توافق سياسي داخلي بين الأطراف كافة، متمنياً أن ينسحب هذا التوافق على جميع المواضيع لينعم لبنان وشعبه بالأمن والاستقرار وأن يشكل الاستحقاق الرئاسي مناسبة لجميع الأشقاء اللبنانيين وترسيخ الهدوء وتعزيز الازدهار. ودعا معاليه القطاع الخاص في كلا البلدين إلى تعزيز التواصل بين المؤسسات ورجال الأعمال ووضع استراتيجيات اقتصادية تخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين. كما أكد أن الجالية اللبنانية في المملكة تمثل صلة أساسية وفاعلة في العلاقات الاقتصادية بين المملكة ولبنان وهي علاقات متجذرة وقوية ومتنامية فالمملكة كانت في السنوات الأخيرة بين أهم أسواق الصادرات اللبنانية ويشكل السياح السعوديون نحو 20% من السياح العرب وحجم الاستثمارات السعودية لا يزال يشكل في لبنان أكثر من 40% من مجموع الاستثمارات الأجنبية وأن الاستثمارات اللبنانية في المملكة تقدر بنحو 2.5 مليار دولار. وأضاف السفير عسيري أن المملكة وانطلاقاً من العلاقات الأخوية الراسخة التي تجمعها بلبنان تتطلع إلى المزيد من النمو والتطور في علاقات الصداقة والأخوة كما في العلاقات السياسية والاقتصادية المشتركة وهي تعبّر بشكل دائم عن حرصها على أمن هذا البلد العزيز واستقراره ووحدة أبنائه وضرورة سعيهم إلى تحقيق المصلحة الفضلى لبلدهم.