تشهد العلاقة بين السلطة في الجزائر ممثلة في الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وحكومة عبدالمالك سلال الثالثة والمعارضة ممثلة بأهم الأحزاب ذات الثقل السياسي في الساحة، حالة من الشد والجذب على خلفية عروض تقدمها السلطة لهؤلاء تلقى الرفض في كل مرة على آخرها المشاركة في المشاورات السياسية التي تعتزم السلطة إطلاقها مطلع يونيو بشأن تعديل الدستور الحالي الذي تريده "دستورا توافقيا". ويقف أحمد أويحي الذي غاب عن الساحة منذ أزيد من عامين على خلفية استقالته من حزب "الأرندي" أكبر أحزاب السلطة، قبل أن يعود من الباب الواسع بعد تعيينه من قبل بوتفليقة مدير ديوان الرئاسة أسبوعا فقط قبل انطلاق رسائيات 17 أبريل الماضي، يقف حجر عثرة أمام رغبة السلطة في الذهاب نحو إصلاحات على خلفية رفض تفاعل جل أحزاب المعارضة مع هذه الرغبة وتفضيلها المضي في تحقيق بدائل للانتقال الديمقراطي بعيدا عن أويحي الذي ترى فيه رمز النظام القائم والضامن لاستمراره فضلا عن سمعته "غير الشعبية" وهو المعروف سلفا ب "صاحب المهمات القذرة" وليس وحده أويحي من يقف حجر عثرة أمام أي توافق بين المعارضة والسلطة ففشل المشاورات السياسية الأولى التي أطلقتها الأخيرة في 2011 وقد رعاها آنذاك الرجل الثاني في الدولة عبدالقادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، وهو من نفس حزب أويحي (الأرندي) رغم استماع الرجل لأزيد من 250 شخصية ممثلة لمختلف فعاليات المجتمع لم تقد إلى إصلاحات حقيقية ما يفسّر هذه المرة عزوف المعارضة عنها وفقدان الثقة في إرادة التغيير التي تتحدث عنها السلطة. ويشّكل رفض أحزاب المعارضة على رأسها الأحزاب الإسلامية (حمس والنهضة والعدالة والتنمية والإصلاح الوطني وجبهة التغيير) إلى جانب الأحزاب الديمقراطية والعلمانية على رأسها (جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس) و(الأرسيدي) و"جيل جديد" الجلوس حول مائدة واحدة مع أحمد أويحي في مشاورات تعديل الدستور، ثاني رفض تشهره المعارضة في وجه السلطة بعد ردّها دعوة الوزير الأول عبدالمالك سلال المشاركة في الحكومة الجديدة ما قاد إلى تشكيل جهاز تنفيذي يخلو من أي تمثيل للمعارضة على اختلاف أطيافها في سابقة منذ دخول البلاد التعددية الحزبية والإعلامية واقتصاره على أزيد من 25 حقيبة تكنوقراطية فضلا عن 6 حقائب فقط لحزبي السلطة (الأفلان) و(الأرندي). أحمد أويحي وشرعت السلطة مطلع الأسبوع الجاري في إرسال مسودة "التعديل الدستوري" التي يقترحها خبراء دستوريون عينهم الرئيس بوتفليقة قبل سنة لإعداد طبعة جديدة للقانون الأول في البلاد، إلى الشركاء المعتمدين، لكن تصريحات زعماء المعارضة ترى في اقتراب السلطة منها بعد خصومة طويلة مجرد التفاف على بدائلهم المطروحة حاليا في الساحة على رأسها ندوة الانتقال الديمقراطي ما قد يضع السلطة مجددا في حرج جديد سيثير الاستفهام حول شرعيتها الحقيقية. وعلّق المراقبون آمالا كبيرة على ذهاب السلطة نحو إشراك المعارضة في صياغة الدستور المقبل وقال هؤلاء إن الجزائر التي غيّرت بعد 50 سنة من الاستقلال 7 مرات دستورها أي بمعدل تعديل واحد مرة كل سبع سنوات ستتمّكن أخيرا من التوصل إلى دستور يصمد في وجه تغيير الرجال ومزاجات الحكام.