من أهم المشاريع الثقافية التي تعتزم بلدية مدريد إنجازها خلال عام 2014 الجاري تحديد قبر الكاتب الإسباني الشهير ميغيل دي ثيربانتس الذي ولد قرب مدريد في التاسع والعشرين من شهر سبتمبر عام 1547 وتوفي في ما يعرف اليوم ب"حي الأدباء" وسط العاصمة الإسبانية في الثاني والعشرين من شهر أبريل عام 1616 وهو في سن التاسعة والستين. وقد ارتبط الحي باسم "الأدباء" لأنه كان المكان المفضل الذي يعيش فيه كثير من كتاب إسبانيا وشعرائها ومبدعيها، لاسيما في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ومنهم ثيربانتس ولوبي ديفيغا وفرانثسكو دي كيفيدو ولويس دي غونكورا. وكان جثمان ثيربانتس، قد نقل غداة وفاته إلى كنسية تابعة للرهبانية الثالوثية تقع في "حي الأدباء" حيث أدرجت الكنيسة في عام 1921 في لائحة تراث العاصمة الإسبانية الأثري والثقافي، وكانت جوانب كثيرة تابعة لهذه الكنيسة قد رممت أكثر من مرة، ومنها القبو والجدران والصحن، على نحو أصبح يحول دون التعرف بدقة إلى المكان الذي يوجد فيه قبر ثيربانتس. لذلك قررت بلدية مدريد الاعتماد على معدات التكنولوجيا الحديثة للاحتفاء بمرور أربعة قرون على وفاة ثيربانتس، ولتحديد مكان قبر صاحب رواية "دون كيخوطي" التي تعتبر باكورة الأدب العالمي الحديث، التي كتب جزأها الأول عام 1605 ومن أهم هذه المعدات رادار يرصد الأماكن المحفورة تحت الصحن، ويحدد عمقها، وما إذا كانت تحتوي على بقايا هياكل عظمية، وقد بدأ مسح صحن الكنسية التي يوجد تحتها قبر ثيربانتس عبر هذا الرادار يوم الثامن والعشرين من شهر أبريل من العام الجاري، وفي حال تحديد مكان القبر يمكن الوصول إليه عبر تقنيات حديثة أخرى، من شأنها فحص ما فيه وتصويره بدقة، ودراسة كل ذلك بشكل معمق، للتأكد فعلا بأن القبر هو قبر ثيربانتس. كما يترأس فريق البحث عن قبر "ثيربانتس" المؤرخ "فرناندو دي برادو" الذي نصح بلدية مدريد بالاكتفاء - بعد التأكد من مكان القبر - بوضع شاهد فوقه على سطح صحن الكنسية، يشير إلى أن الشاعر يرقد تحت ذلك الشاهد، إذ يقول برادو: إن بلدية مدريد تشعر أنه آن الاوان لتكريم ثيربانس بتحديد مكان قبره دون الحاجة إلى نبشه لعدم إزعاجه في سباته العميق، ولربما خوفا مما يسميه السينمائيون "لعنة ثيرباتس" في إشارة إلى المصاعب الكثيرة التي يواجهونها لإنهاء أفلام حول حياة شخصيته الشهيرة " دون كيخوطي دي لامانشا". ومن هؤلاء السينمائيين المخرج البريطاني "تيري جيليام" الذي يعد حاليا مجددا لفيلم حول هذه الشخصية بعد فشله في إنجاز مشروع مماثل عام 2000 فلا يزال هذا المخرج يذكر أن السيول التي نزلت خلال تصوير الفيلم قد عطلت التصوير لمدة أيام عديدة، زد على ذلك أن الممثل الفرنسي جان روشفور الذي كان يلعب دور "دون كيخوطي" في هذا الفيلم أصيب بوعكة صحية جعلته غير قادر على تأدية دوره، بالإضافة إلى مصاعب كثيرة أخرى. كما يسعى جيليام اليوم إلى تجنب "لعنة دون كيخوطي دي لامانشا" من خلال تصوير الفيلم في جزر الكاناري، لا في منطقة لامانشا الواقعة جنوبمدريد في الطريق الرابطة بين العاصمة الإسبانية ومدينة طليطلة، حيث يبدو أن تلك اللعنة - كما يصفونها - كانت وراء إحجام عدد من السينمائيين عن إعداد أفلام عن حياة " ثيربانتس" خلال مشاركته في حملات بحرية قادته إلى مدن كثيرة في المتوسط قبل تفرغه للكتابة، ومنها مدن بنزرت وتونس وحلق الوادي التونسية ومدينة نابولي الإيطالية، حيث عاش بها بضع سنوات، ومدينة الجزائر التي أسر فيها من قبل العثمانيين لمدة خمس سنوات من عام 1575 إلى عام 1580م.