تتنافس الجماعات الإرهابية ليس في مسمياتها فقط وزعمها الانتماء للإسلام بل الزعم بأنها تمثل الإسلام الحقيقي، بل تتنافس في أعمال العنف والتطرف وأساليب الإرهاب ونوعية المطالب. في هذا الميدان التنافسي الإرهابي حققت جماعة متطرفة تسمي نفسها (بوكو حرام) سبقا تفوقت به على جماعات منافسة. هذا السبق جمع بين الإرهاب والوقاحة والحماقة حيث اختطفت الجماعة (200) تلميذة في نيجيريا وإعلانها أن الفتيات سبايا وسوف يتم بيعهن وتزويجهن بالقوة. هذه الجماعة التي بدأت نشاطها عام 2002 تنطلق في مسماها وفكرها من مبدأ أن (التعليم الغربي حرام) وترى أن الثقافة الغربية إفساد للمعتقدات الإسلامية. حين نتحدث عن الأهداف فهذه الجماعة تقول إنها تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية وتعارض التعليم الغربي والثقافة الغربية. هي حرة في اختيار أهدافها لكن المشكلة تكمن في أمرين، الأول هو الخلط بين التعليم والثقافة، والثاني هو الوسيلة التي تستخدمها هذه الجماعة لتطبيق أفكارها. أما الأمر الأول فان طرق وأساليب التعليم الغربية المتطورة هي التي أنتجت منتجات تخدم الانسان في كافة المجالات. والدين الإسلامي لا يمنع الاستفادة من تجارب وعلوم الآخرين. الثقافة الغربية تنتشر بتأثير التقدم العلمي والاكتشافات العلمية وما ينتج عنها من تطبيقات. هذه الثقافة تتضمن القيم الموجودة في ثقافتنا والفرق هو في التطبيق والممارسة حيث إن بعض المسلمين يتحدثون عن القيم ولا يمارسونها وفي المجتمعات الغربية يمارسونها ولا يتحدثون عنها. جودة الأداء أو اتقان العمل التي يحث عليها الدين الإسلامي (كمثال) لا تحقق مع الأسف درجة عالية في التقييم في بعض المجتمعات الإسلامية. وهذا ينطبق على قيم أخرى ما يعني أن بعض المسلمين المقصرين لا يجدون ما يبرر تقصيرهم غير الاسقاط على الثقافة الغربية بل أصبح مصطلح (التغريب) تهمة خطيرة لأن من يطلق هذه التهمة يركز على سلبيات الثقافة الغربية ويتجاهل الجانب الايجابي الذي لا يستطيع هو نفسه الاستغناء عنه كما هي الحال مع الأدوية كمثال. واذا كانت الثقافة الغربية في العمل تطبق معايير مهنية صارمة فان ثقافتنا الإسلامية تحثنا على الجودة. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) الأمر الثاني وهو الوسيلة التي تستخدمها بوكو حرام في التعبير عن فكرها وتحقيق أهدافها وهي وسيلة إرهابية تتمثل في القتل والتفجير والاختطاف وبالتالي فهي وسيلة تتعارض مع تعاليم الإسلام والثقافة الإسلامية. هذه الجماعة لا تختلف عن جماعات أخرى انتهجت طريق العنف حتى في مسمياتها وأصبحت تسيء للإسلام أكثر من المتهمين بهذه التهمة، لكنها كي تغطي على أهدافها الحقيقية تستخدم الشعارات والخطابات التي لم تعد مؤثرة في عقول الناس ومنها قضية التغريب كما فعلت بوكو حرام. جماعات إرهابية أخرى استخدمت شعارات أخرى مثل الجهاد، والمقاومة، ونصرة الإسلام وغيرها. كيف تكون نصرة الإسلام بأعمال العنف؟ لماذا لا تنصرون الإسلام بالعلم والعمل؟ هل حاولتم؟ هل فشلتم؟ إذن ليس أمامكم غير إسقاط فشلكم على التعليم الغربي والثقافة الغربية؟ ولكن كيف ستحققون التفوق على هذا التعليم ومنتجاته؟ الحل عندكم هو القتل والتفجير وخطف الفتيات. ليس الحل هو تطوير التعليم، واستثمار الموارد والقدرات ونشر ثقافة البناء والتسامح والسلام. هذه الجماعة وغيرها غير قادرة على الارتقاء بسلوكها الى مستوى قيم الإسلام الرائعة. لها مفهومها الخاص الذي لا يقبل الجدل ومن يختلف معها فهو عدو من أنصار التغريب وهذه تهمة لا تسيء الى الغرب بل تسيء الى الإسلام لأن الغرب تفوق علينا في تطبيق القيم التي نؤمن بها.