أكد متخصص أن هناك عدة عوامل أدت الى حدوث ارتفاعات متتالية في سوق الاسهم السعودية، تمثلت في انخفاض المخاطر السياسية بالمنطقة، مبيناً أن ما حصل سابقا من قلاقل سياسية في بعض الدول المجاوره أثر على سلوك المتعاملين وجعل من النقد والذهب سلعة مفضلة لدى البعض، مشيراً الى أنه عندما انتفى هذا الأمر ومع وجود العوامل الاقتصادية المحفزه بدأ النقد بالتدفق تدريجيا الى سوق المال، مبدياً توقعاته الإيجابية لعمليات الارتفاع خلال الفترة المقبلة في حال استمرار العوامل المحفزة. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية بدر بن صالح البلوي في حديثه ل "الرياض" ان من أهم العوامل الاقتصادية التي حفزت النقد للتوجه لسوق الأسهم تمثلت في ارتباط المملكة بشكل مباشر بالدولار، لافتا الى أنه وبالرغم من معاناة الولاياتالمتحدةالامريكية من أزمة الرهن العقاري سابقا اضطرت الى تفعيل برنامج شراء الأصول وتخفيض الفائده لإنعاش الاقتصاد الامريكي بعد أن مر بمرحلة ركود بالتوازي، انخفضت الفائده على الريال السعودي نظرا لارتباطه المباشر بالدولار رغم الوضع الاقتصادي المميز للمملكة وهو أمر حفز النقد للبحث عن أصول تحمل مخاطر أعلى للحصول على عوائد تفوق أسعار الفائده التى لم تتجاوز 1% في أفضل أحوالها. وأضاف البلوي أن الإنفاق الحكومي السخي على عدد من القطاعات التي ارتبطت بشكل مباشر وغير مباشر بشركات مدرجة بالسوق السعودي حفز هذه السيولة للتدفق وفتح مراكز استثمارية، كما أن المعطيات الأساسية لسوق المال السعودي جاذبة للغاية خلال الفترات السابقة، ما وضعها في أحد أفضل الأصول جاذبية للاستثمار، بالإضافة الى دخول عدد من الشركات مرحلة الإنتاج التجاري بعد أن كانت في مراحل تأسيسية، مضيفاً أن التحسن الملحوظ في الكفاءة الانتاجية وبعض التوسعات للشركات القائمة، وتحسن الاقتصاد العالمي ساهم بتعزيز ثقة المستثمرين وتحفيزهم لضخ المزيد من النقد في سوق الأسهم السعودي. وحول تقييمه لسوق الأسهم هذه الأيام بعد سلسلة الارتفاعات التي شهدها في الفترة الاخيرة، أوضح بدر أن الارتفاعات السابقة خفضت نسبيا من الجاذبية الاستثمارية لعدد كبير من الشركات المدرجة بعد أن بلغت مستويات عادلة الى حد ما، لكن البلوي لفت الى أن هناك أمرا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار وهو ضيق القنوات الاستثمارية بالمملكة بالإضافة الى أن الاسهم، والعقار قناتان مفضلتان للمستثمر السعودي، مبيناً أن الاخير يشوبه الكثير من الضبابية للفترة القادمة وهو الامر الذي يرجح استمرار تدفق السيولة التي سيغلب عليها الطابع المضاربي لسوق الاسهم، كما أن استمرار الانفاق الحكومي السخي سيخلق المزيد من النقد الذي سيبحث بدوره عن أصول مالية ذات مخاطر أعلى تدر عوائد أفضل من الفوائد البنكية المتواضعة. وأرجع البلوي أسباب تغلب الطابع المضاربي على الاستثماري في السيولة الى أن السيولة الاستثمارية تبحث عن معدلات سعرية جاذبة ومتدنية، كما أنها تبحث في الغالب عن شركات تتداول دون قيمتها الحقيقية، ومع الارتفاعات السابقة أعتقد أن نسبة كبيرة من الشركات المدرجة تتداول عند مستويات عادلة، لافتا الى أن السيولة المضاربية تتبع تلك الاستثمارية لأنها بطبيعتها تبحث عن من يخلق الاتجاه في البداية، موضحاً أن السيولة الاستثمارية خلقت الاتجاه الصاعد للسوق المالي والان تتبعها السيولة المضاربية التي بدورها ستخلق السيولة، وهو ما يبرر ارتفاع قيم وأحجام التعاملات في الفترة الأخيرة. وأضاف قائلا " كما يقول السيد بافيت " في البداية تقود أساسيات السوق حركة الأسعار وعند نقطة ما تقود المضاربة حركة الأسعار ولهذا أعتقد أن الفترة الحالية يغلب عليها الطابع المضاربي، كما أن السوق بدأ يشهد بعض الظواهر السعرية في عدد من الشركات الصغيرة والمتوسطة ومبرر هذا الأمر تدفق هذه الفئة من السيولة". وحول إذا ما ستصنع هذه السيولة المضاربية فقاعة سعرية كتلك التي حدثت عام 2006،أوضح أنه من المبكر الحكم على مثل هذا الأمر، مبيناً أن السوق لا يزال يتداول عند مكررات معقولة بحوالي 18 مكرر تقريبا، ومن المتوقع أن ينخفض الى 15.3 بنهاية العام نظرا لنمو الأرباح المتوقعة لمجمل السوق السعودي، مشيراً الى ان استمرار تدفق السيولة المضاربية بوتيرة عالية وتوجهها لأسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة ليكون الهدف الأساسي منها المتاجرة بالفروقات السعرية وليس القيمة الحقيقية للشركة، لاشك أن هذا الأمر سيخلق فقاعه سعرية، لافتا الى أن بعض الشركات الصغيرة تتداول في الفترة الحالية بأسعار مبالغ فيها. وبين أن تفوق أداء الشركات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية على تلك التقليدية، يعود الى طبيعة سلوك المستثمر السعودي حيث انه يفضل الشركات المتوافقة مع أحكام الشرعية، ما أدى الى دفع أسعار هذه الشركات أعلى من باقي الشركات المشابهة " التقليدية"، كما أن هناك عاملا مساعدا وهو أن نسبة كبيرة من صناديق الاستثمار المطروحة حاليا متوافقة مع أحكام الشريعة، ما جعل من هذه الأسهم تتداول بعلاوة مقارنة بنظيراتها، وقال " في تقديري الشخصي أن هذه العلاوة مبررة الى حد كبير، حيث ان حجم النقد والمستثمرين الراغبين بالاستثمار في مثل هذه الشركات كبير وهو ما يدفعها في كثير من الاحيان للتداول فوق سعرها المستحق ويجعلها تتداول بعلاوة".