يعيشون الواقع ويتحدثون عنه بأمل، وتفاؤل، وتحدٍ مع الذات.. ويسيرون على الأرض وهم على ثقة بأن المستقبل أفضل، وأجمل، والحياة تمنحهم المزيد من الفرض للمشاركة والاستمرار.. إنهم أبناء وبنات الوطن الذين يصنعون قصص النجاح داخل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية.. نماذج يفخر بها الوطن ككل وليس المدينة وحدها. وفي زيارة فريق عمل "الرياض" أراد أن ينقل واقع المدينة وما تشهده من حراك، ولم يجد وسيلة أفضل من لقاء من يبثون الحياة فيها؛ فهم الأقدر على قول الواقع أكثر من مجرد الوصف لما هو موجود. البداية كانت مع واحدة من أكثر قصص النجاح تميزاً، وهي وجود 48 فتاة سعودية من القرى والمحافظات المحيطة بمدينة رابغ يعملن في ميناء الملك عبدالله البحري، وهذا الذي لم يحصل في أكبر موانئنا الحالية، ثم كان اللقاء مع شباب ساهموا في بناء الفندق ذي الخمسة نجوم، حيث بدت على محياهم علامات فخر المشاركة في البناء، وبعدها استمع "فريق الرياض" إلى الشباب الذين يعملون داخل مصانع المدينة، وكيف يرون مستقبلهم في هذا المكان؟، ولماذا اختاروا المجيئ؟ وفضّلوا العمل داخل المدينة رغم أن أغلبهم كان يعمل في مدن أخرى؟. حلم يتحقق وقالت "مهرة الجحدلي" -بكالوريوس في التاريخ-: "عملي داخل ميناء الملك عبدالله ضمن 48 فتاة كأول نساء سعوديات يعملن في هذا المجال جعلني أصرف النظر عن التقدم لوظيفة معلمة"، مشيرة إلى أن المدينة فتحت مجالات عمل كثيرة لشابات وشباب القرى والمحافظات القريبة منها. وأضافت: "في السابق كان عمل النساء في المنطقة مقتصراً على التعليم والقطاع الصحي، واليوم نحن نعد أنفسنا من المحظوظات؛ لأن مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بجانبنا، وستكون السبب الرئيس في عمل نقلة نوعية لطبيعة الحياة في المنطقة ككل"، موضحة أن والدها كان يعمل في الميناء، وفرحت عندما علمت بوجود وظائف بميناء الملك عبدالله، وكانت من بين المقبولات في الدفعة الأولى، مشيرة إلى أنها حظيت وزميلاتها بدورة تدريبية داخل المدينة لمدة ستة أشهر، والآن نحن نعمل فعلياً ونستمتع بعملنا الذي ننجزه". 48 فتاة يدرن غرفة التحكم للميناء والشباب في خطوط إنتاج المصانع والاستثمارات تتواصل وتشاركها "صفاء الكنيدري" -خريجة علم نفس- بالزهو والافتخار بأنها من المحظوظات حيث كانت من ضمن أول نساء سعوديات يعملن في الموانئ، وهو المجال الجديد على السعوديات بصفة عامة، خاصة وأنهن يعملن في بيئة عمل مريحة جداً، ولها خصوصيتها التي أعطتهن الدافع في مواصلة العمل والرغبة في العطاء، وأن تكون فاتحة خير للكثير من بنات المنطقة، مشيدة بتجربة الثمانية أشهر التي قضتها في الميناء ما بين تدريب وعمل حقيقي، مشيرة إلى انه تحدٍ للذات وتأكيد على قدرة الفتاة السعودية على العمل في شتى المجالات متى ما تهيئت لها الفرصة. مستقبل أفضل وتحدثت "خديجة الشنقيطي" -بكالوريوس دراسات إسلامية وقرآن- عن تجربة جديدة ورائعة في المدينة، قائلة:"كل يوم نتعلم شيئاً جديداً، ونتطور مع من حولنا ونطور أنفسنا بشكل سريع"، مضيفة أن طبيعة العمل أعطتهم شعوراً بالمسؤولية والأهمية والفخر بما يقمن به. وأضافت:"أتمنى من أي فتاة سعودية يكون عندها امكانية أن تدخل مجال عملنا أن تُقدم على هذه الخطوة، فالمدينة وفرت لنا فرصة لم تكن تخطر على بال أي واحدة فينا"، مؤكدة على أن العمل الجديد نمّى أشياء كثيرة في شخصياتهن كسعوديات؛ لأن جزءاً كبيراً منه يحتاج إلى قوة الشخصية وجراءة في التعامل. وأشارت إلى أنه خلال الثلاث سنوات المقبلة ستكون هناك قفزة كبيرة داخل المدينة والقرى والمحافظات القريبة، فكل تطور يحدث داخل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية سيكون له انعكاس ايجابي على المناطق المحيطة، وأكبر دليل وجود الميناء وفتح فرص العمل الجديدة التي استفادت منها بعض نساء هذه المناطق، إضافة إلى أن أسلوب الحياة العصري داخل المدينة سيمتد إلى خارجها كتطور وامتداد طبيعي، مؤكدة على أنه شرف لهن أن يكن ضمن فريق التأسيس للعمل في ميناء الملك عبدالله الذي يُخطط له أن يكون الأكبر في المنطقة، وأنها مثل زميلاتها بعد العمل في الميناء لم تعد ترغب في التقديم على العمل كمعلمة رغم طول وقت العمل، ولكن المتعة التي يجدنها في تنفيذ العمل لا تقاس بمال. خالد مبارك متحدثاً للزميل وليد العمير وقالت "سمر البلادي" -تواصل دراسة البكالوريوس عبر نظام التعليم عن بُعد-:"لقد تعلمت أشياء جديدة في هذا العمل، وهي فرصة حقيقية لنا كسعوديات أن نثبت قدرتنا على العطاء والعمل في كل المجالات والقطاعات، والآن نحن نتعامل مع الكونتنيرات وأنواع الرافعات"، مشددة على أن المستقبل يتجسد داخل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وانه يرى رأي العين لمن يعيش ويعمل داخلها. وأضافت "بسمة الرابغي" -بكالوريوس محاسبة- أن الكل كان متخوفاً من تجربة العمل في ميناء الملك عبدالله، ولكن الآن وبعد مضي ثمانية أشهر على خوض التجربة أصبحنا نعشق ما نقوم به"، مشيرة إلى أنها بدأت تنسى تخصصها الأساسي؛ بسبب النقلة النوعية الذي أحدثه طبيعة عملها الجديد، حيث يشكّل أهمية كبيرة في حلقة العمل داخل الميناء؛ لأنه يربط بين العديد من أقسام الميناء. وأشارت إلى أن الانجاز يكمن في أنهن بدأن من الصفر، ولم يكن يعرفن أي شيء عن طبيعة العمل، ومع ذلك وخلال فترة قصيرة أثبتن جدارتهن، ولم يكن ليتأتى لهن ذلك لولا وجود مدينة الملك عبدالله الاقتصادية والميناء بداخلها. صناعة الذات وقال "حسين الماس" -مدير الاستقبال والمكاتب الأمامية في فندق البيلسان-:"أنا من أول العاملين في قطاع الفندقة بعد تخرجي من الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 2001، وكانت لي تجارب عديدة في الكثير من الفنادق ذات الخمسة نجوم في جدة، وبعد أن عُرض علي العمل في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية لم أتردد؛ لأن بعد أن زرت المدينة شعرت أنها المستقبل الحقيقي للشباب، حيث حضرت والفندق لم يكتمل بعد، وبدايتي كانت من الأساس واعتبر نفسي أحد الذين شاركوا في بناء هذا الصرح". وأضاف:"قريباً سأنتقل للعيش هنا مع عائلتي، خاصة وانهم معجبون بالمدينة ومرتاحون للعيش فيها؛ لأنها مدينة عصرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ونوعية الحياة فيها راقية، وتعتمد أعلى المعايير في كل منشأة تقام فيها، ونوعية الناس فيها راقون جداً"، مشيراً إلى أن هناك رغبة جامحة من الشركات العاملة في المدينة على تشغيل السعوديين والسعوديات، وهناك موقع إلكتروني خاص بالمدينة يُعلن فيه عن الوظائف الشاغرة، وما على طالب العمل إلاّ أن يقدم على الوظيفة التي تتلاءم مع مؤهلاته وسيجد الرد سريعاً. وأشار إلى أن من يرى بُعد المسافة عن مدينة جدة عليه أن يتعب الآن ليبني حياته مستقبلاً، مؤكداً على أنها فرصة حقيقية للإنسان الطموح الباحث عن مستقبل في مدينة متطورة؛ ليضع بصمته منذ البداية، موضحاً أنه في هذه المدينة يبني الإنسان نفسه خطوة بخطوة، فالوضع قبل سنة من الآن كان مختلفاً، واليوم نعيش واقعاً جميلاً، وغداً -إن شاء الله- أجمل. الزميل د.أحمد الجميعة يتوسط فريق عمل «الرياض» سالم مريشيد، علي الرويلي، وليد العمير خلال جولته الميدانية في مدينة رابغ ويشاطره الرأي "معاذ ملائكة" -مدير الموارد البشرية في الفندق-، حيث يصف تجربته بالرائعة، قائلاً:"تقدمت عن طريق الموقع الالكتروني على هذه الوظيفة، وخلال المقابلة الشخصية سألوني هل سبق وأن زرت مدينة الملك عبدالله الاقتصادية من قبل وكان جوابي لا، وسألت نفسي فعلاً لماذا لم أزر المدينة من قبل؟؛ فالمكان رائع، وكل عمل تشاهده داخلها يعطيك انطباعاً بأنها تُبنى على أحدث المواصفات، وهناك اهتمام بأدق التفاصيل، والناس التي تعمل هنا تحاول أن تعطي أفضل ما عندها، كما أن اسلوب الحياة هنا مغاير عن بقية المدن، وهنا تحدٍ لإثبات الوجود وبناء المستقبل"، موضحاً أن من مهام عملي في المدينة هو استقطاب الكفاءات الوطنية التي نسعى أن نوفر لها أفضل المميزات. وقال "محمد أبوالعلا" -مدير المبيعات في الفندق- إن مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ستكون في القريب العاجل نموذجاً للتطوير لبقية مدن المملكة، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحية وأسلوب الحياة، مؤكداً على أن من له الرغبة في التطوير الذاتي وبناء المستقبل عليه أن يبحث لنفسه عن موطئ قدم داخل هذه المدينة، وهذا الكلام أقوله عن واقع أعيشه وأحياه يومياً، وهو ما لمسته من الزملاء وبقية العاملين في المدينة ممن التقيهم. وأضاف:"ما شجعني أكثر هو اعجاب أهلي بالمدينة وأسلوب الحياة فيها، حيث أخطط في القريب أن انتقل للعيش هنا؛ فكل ما تريده تجده يُنفذ بمعايير دقيقة، وأقرب مثال هي المدرسة التي يصعب أن تجد مثلها في بقية المدن"، مشيراً إلى أن له خبرة سابقة في فنادق عديدة داخل مدينة جدة، وعن طريق أحد الزملاء عرض عليه العمل، فزار المدينة وأخذ فكرة تفصيلية عنها، وقرر الانتقال من دون تردد؛ لأنه وجد أنها فرصة حقيقية لبناء مستقبله. استثمار الفرص وتحدث "خالد محسن مبارك" -خريج ثانوية عامة يعمل في خط إنتاج مصنع توتال-، وكانت الابتسامة لا تفارق محياه وهو يتحدث معنا، ويشير بيديه التي عليها آثار الزيوت ولسان حاله يفخر بطبيعة العمل الذي يؤديه، قائلاً:"حضرت للعمل في هذا المصنع؛ لأنه جديد وفرصة الترقية وإثبات الذات كبيرة، وهي فرصة لتغيير النظرة عن الشاب السعودي الذي يحب أكثر العمل في المكاتب، مشيراً إلى أنه مخطط على الزواج والانتقال للعيش داخل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية؛ لأنها هي المستقبل وكل ما فيها يبشر بالخير. ويؤيده في الرأي "راجح هوساوي"، مضيفاً: "كنت أعمل في شركة توتال في جدة، وأول ما وجدت الفرصة للعمل في المصنع الجديد في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية انتقلت بدون تردد، فالشركة تبحث عن الإنسان الذي يرغب في تطوير ذاته والمدينة للمستقبل، وأيقنت أنني ابني مستقبلي هنا والفرصة متاحة أكبر أمامي". وأشار "نواف الحربي" -خريج جامعة الملك عبدالعزيز تخصص كيمياء ويعمل فني مختبر في شركة توتال، وكانت له تجربة سابقة بالعمل في المدينة الصناعية الأولى في جدة والهيئة الملكية في ينبع امتدت لأربع سنوات- إلى أن سبب انتقاله للعمل في هذه الشركة هو استثمار فرص صناعة المستقبل، خاصة أن المميزات والعائد مغرٍ، موضحاً:"ما أعجبني أكثر أنهم يسدون النقص عند الموظف عبر دورات تدريبية، وهناك فرصة للترقية لأن المصنع في بدايته، وهناك خطط قريبة لتوسيعه، وبالتالي تزيد الفرصة أكبر"، مؤكداً على أن المدينة هي المستقبل بكل بساطة. تجارب ناجحة وأكد "حسام الترك" -نائب رئيس الشؤون الخارجية في شركة تطوير الموانئ، وله تجربة سابقة في مدينة جازان الاقتصادية أمدت لثلاث سنوات، ويعمل منذ سنة داخل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية- على أن المدينة فكرة طموحة، وبعد اكتمالها ستكون منجزاً وطنياً الكل يفخر به، مشيراً إلى أنها تتطور بشكل متسارع، وعلى الذين يشككون فيها أن يعوا أن إنشاء مدينة متكاملة ليس مجرد مشروع، ومثل هذه المدينة يستحيل أن تنهض بين ليلة وضحاها؛ فهناك أسس تُبنى عليها. وقال:"كانت لي تجارب عمل سابقة في جدة، ولو خُيرت بين وظيفتين لها نفس المميزات واحدة داخل جدة والأخرى في المدن الاقتصادية سأختار المدن الاقتصادية؛ لأنها بكل بساطة هي المستقبل، وأنا إنسان أبحث عن المستقبل، فالخدمات المقدمة هنا نوعيتها تختلف عن بقية المدن حتى وإن كانت قليلة في الوقت الحاضر، إلا أنها بمعيار مختلف كلياً عمّا يقدم في بقية المدن، وهي تعطي فكرة واضحة وجلية أن القادم بإذن الله أفضل". وأضاف "عبدالقادر شكري" -مدير شؤون مجلس إدارة هيئة المدن الاقتصادية-:"أنا أحد خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وبعد أن عدت من الولاياتالمتحدةالأمريكية حاملاً شهادة الماجستير في إدارة الأعمال التحقت بالوادي الصناعي التابع لجامعة الملك عبدالعزيز، وقبلها كنت أعمل سبع سنوات في شركة الكهرباء، والعام الماضي حصلت على الوظيفة في هيئة المدن الاقتصادية داخل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، والحقيقة إنها تجربة ثرية جداً؛ فخلال عام واحد اكتسبت خبرة ثلاث سنوات؛ لأن ضغط العمل كبير والآمال معقودة على هذه المدينة، وهناك رغبة كبيرة في تحقيق الانجاز من معظم العاملين داخل المدينة، وهذا ما يجعلك في صراع مع الذات لمجاراة الآخرين في المضي قدماً والتطلع للمستقبل بشكل أكبر ورغبة في إثبات قدراتك، مطالباً وزارة الإسكان أن يكون لها مشروعات داخل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية حتى تساعد الشباب على تملك مساكن وبناء مستقبلهم داخل المدينة التي يحلمون بها. طاقم نسائي سعودي يدرن غرفة التحكمم ل»رافعات» الميناء البحري ممر قناة المياه بجانب الوحدات السكنية على الشاطئ حسين الماس حسام الترك عبدالقادر شكري محمد أبو العلا نواف الحربي معاذ ملائكة راجح هوساوي