هجوم مسلح على مدرسة بنات وخطف ما بين مئتين 200 ومائة وتسع وعشرين 129 فتاة، تتراوح أعمارهن بين 15-18، خبر صادم بكل ما يحمل من هول الأرقام والمضمون ونحن لم نستكمل. ونأتي إلى تحديد المكان لنتنفس الصعداء، ربما، فهذا الحادث الكارثي يجري في مكان بعيد، في شمال شرق دولة في غرب إفريقيا، يعني بعيدة عنا.. هناك في نيجيريا في مدينة تشيبوك من ولاية بورنو الاثنين الماضي (14 أبريل 2014)، أيضاً بعيدة ولا تربطنا بها إلا خطوط واهية من التضامن الإسلامي والأوبيكي (نسبة إلى منظمة الأوبك). لكن ما يُضاف إلى ذلك أن هذه الدولة هي أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان، وأكبر دولة إسلامية في إفريقيا بما يقارب الثمانين مليوناً (من مئة وخمسين مليوناً). والمتهمون بالاختطاف هم جماعة تعلن أنها مسلمة وتجاهد باختطاف النساء في سبيل الله بالإضافة إلى أعمال عنف أخرى تطال كل شيء وإنسان، بل تكررت من يومين (18 أبريل)، حيث قتلت طفلة تبلغ من العمر خمسة أعوام عندما اقتحم مسلحون مجهولون مجمعا سكنيا لأعضاء هيئة التدريس بإحدى المدارس النيجيرية في مدينة يانا بولاية باوتشى بشمال البلاد وقاموا باضرام النار فى العديد من المنازل والبنوك وعلى مدرسة ثانوية حكومية للبنات وحافلة تابعة للمدرسة وأحد الأعمدة الخاصة بالاتصالات السلكية واللاسلكية قبل فرارهم من مكان الهجوم. أعتقد أني هنا أقترب من القارئة والقارئ أكثر، حيث أخذت الصورة تتضح ومبرر الموضوع يتحدث عن نفسه. لكن ما لم تسمعونه بعد هو اسم هذه الجماعة وغرضها من هذا الاختطاف، وماذا سوف تفعل بالفتيات؟ لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا الاختطاف بعد، على الرغم من أن كل الدلائل تشير إلى حركة "بوكو حرام"، والتي تعني "التعليم الغربي حرام"، وراء الجريمة، وهي التي أعلنت مسؤوليتها عن أكبر تفجير مفخخ في محطة حافلات في وسط أبوجا العاصمة قبل ساعات من خطف الفتيات، راح ضحيتها 75 شخصاً ومئات الجرحى. وقد أعلن أبو بكر شيكاو، أو الشيكاوي كما يعرف نفسه، قائد جماعة أهل السنة والدعوة والجهاد، والمعروفة باسم حركة بوكو حرام، مسؤولية جماعته عن تفجير العاصمة في فيديو يعلن فيه عن وصول الحركة إلى العاصمة. وهي حركة تدعي الإسلام وتدعو إلى تأسيس دولة إسلامية في شمال نيجيريا وتنتهج منهجاً متشدداً في التعبير عن معارضتها التي بدأت بشكل مسلح منذ خمس سنوات عام 2009 وقد أسسها بابا محمد يوسف في 2002 والذي قام الجيش النيجيري بالتخلص منه عام 2009 بشكل يحمل مخالفات قانونية جوهرية بعد عملية قتل وحشية له ولعدد من المدنيين ومنهم ذوو إعاقة بعكازاتهم، ما زال الجيش يخوض لأجلها محاكمات. وقد خلفه أبو بكر شيكاوي الذي نحا منحى ً أكثر تشدداً من خلفه، ويستخدم أشرطة الفيديو التي يبثها على اليوتيوب تعبر عن أفكاره ورسائله التي يقرأها بالعربية والهوساوية. لكن الغريب في الأمر الصور التي يظهر بها، ففي غالبها يظهر مرتدياً شماغاً، إما سابغاً إياه فوق كوفية وثوب، أو ملفوفاً على الرأس ثم يتدلى طرفه على الجنب، ما يعكس كما يبدو رغبة في أن ينسب انتمائه إلى السعودية. وتدعو الجماعة إلى إقامة دولة إسلامية في شمال شرق نيجيريا ذات الأغلبية المسلمة، ولأجل مقاومتهم فقد لجأت بوكو حرام إلى انتهاج سياسة عنيفة من الاغتيالات والتفجيرات والاعتداءات والاختطافات لرجال ونساء ورجال دين، والاعتداء على مؤسسات حكومية ومراكز شرطة ومدارس وكنائس زادت وتيرتها عام 2011 خلفت حتى اليوم أكثر من 1500 قتيل. (وللموضوع بقية)