للشعب حكام ٍوللمملكة نور وللشرع خدام ٍ بعدل ونصيفه لعل حاسدهم له الويل وثبور وعدوانهم من كل قطر ٍضعيفه ولازال بيت الحكم بالعز معمور حيث انهم نوره وعزه وريفه(1) ونحن نحتفي هذه الأيام بالذكرى التاسعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم ومجددين البيعة والولاء والحب والإخلاص لوالدنا وقائد نهضتنا -حفظه الله- والذي استطاع في هذه الفترة الزمنية القصيرة أن يحقق مكتسبات عظيمة للوطن والمواطن وعلى كافة المستويات واستطاع بحنكته ورؤيته الحكيمة أن يجنب بلاده تداعيات الأزمات العالمية والإقليمية لينعم الجميع بالاستقرار والأمن والطمأنينة ورغد العيش ويحقق المنجزات الهائلة ضمن تنمية مستدامة في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية للشعب حكام ٍوللمملكة نور وللشرع خدام ٍ بعدل ونصيفه والاجتماعية.. أقول ونحن ننعم بكل هذا فلابد أن يحضر في ذاكرتنا أشياء جميلة من تاريخ دولتنا الثري والضارب بجذوره في أعماق التاريخ ولعل من أهمها "قصر الحكم" المكان الذي تقدم فيه البيعة من الشعب لولي الأمر وما يمثل ذلك من البعد التاريخي له في الدولة السعودية وارتباطه بالأحداث، فكان رمزاً وطنياً من الأهمية أن تتعرف عليه الأجيال، فنجد أن تاريخ بناء قصر الحكم يمتد إلى القرن الثاني عشر وبالتحديد في عام 1160ه في عهد الدولة السعودية الأولى التي كانت عاصمتها الدرعية وما لبثت أن ضمت الرياض إلى الدرعية واتخذ القصر مقراً للمكلف أميراً للرياض حتى جاء الإمام تركي بن عبدالله مؤسس الدولة السعودية الثانية فجعل عاصمة ملكه في الرياض في عام 1240ه يقول ابن بشر عن الإمام تركي بن عبد الله".. وقدم الرياض مسروراً منصوراً واستوطنه.."وقد ثبت أركان الملك فقال: نزلتها غصب ٍ بخير ٍ وشرا وجمعت شمل ٍ بالقرايا وقاري واجهدت في طلب العلا لين قرا وطاب الكرا مع لابسات الخزاري ومن غاص غبات البحر جاب درا وحمد مصابيح السرا كل ساري انا احمد اللي جابها ما تحرا واذهب غبار الذل عني وطاري واحصنت نجد ٍ عقب ماهي تطرا مصيونة ٍ عن حر لفح المذاري والشرع فيها قد مشى واستمرا يقرا بنا درس الضحى كل قاري ولا سلت عن من قال لي لاتزرا حطيت الاجرب لي خوي ٍ مباري نعم الصديق ليا صطا هم جرا يودع مناعير النشاما حباري وقد أعاد بناء قصر الحكم وزاد في مساحته التي امتدت لتشمل أجنحة وأبراجاً وأتخذه مقراً للحكم ومنه تدار شؤون الدولة وتقصده وفود الناس من الزعماء والفقراء وطلبة العلم يقول ابن بشر عن الإمام تركي بن عبد الله" وكانت اليتامى من كل بلد عنده في قصره وكل أرملة ومنقطع يحسن إليه ويبره وهو الذي يتولى إلباسهم كسوتهم بيده تواضعاً ولا يقدم إليهم الطعام إلا بحضرته وكان لا يخل بمجامع الدروس واجتماع المسلمين وفي كل يوم خميس وأثنين يخرج من قصره فيجمع الناس لذلك أجمعين..". ثم في عهد الإمام فيصل بن تركي يذكر ابن بشر توافد رؤساء البلدان والعلماء إلى قصر الحكم لمبايعة الإمام فيصل بن تركي ".. دخل الإمام فيصل القصر وقارنه العز والتمكين والنصر وجلس على سرير الملك والشرف.. كتب إلى رؤساء قضاته أن يقدموا عليه.. ووفد عليه أمراء البلدان وزعماء العربان من كل جهة فهنئوه وبايعوه فاقرهم وأعطاهم وحباهم وكساهم وأقر القضاة على أعمالهم في بلدانهم.." وقد استمر على نهج والده الإمام تركي بن عبدالله فكان كريماً باذلاً لكل قاصد له وليس أصدق مما قال رحمه الله: ما كولهم عندي عناقيد واشناق ومشروبهم در البكار الخواوير وملبوسهم من طيب الجوخ ما لاق ونفلتهم بمصقلاتٍ بواتير وقصري لهم عن لافح البرد مشراق وبالقيض ظلٍ عن سموم الهواجير ومركابهم عندي طويلات الاعناق قبٍ اصايل مبهمات المسامير وقد استمر قصر الحكم مقراً لأئمة الدولة السعودية الثانية تقصده الوفود لتقديم البيعة وكان آخرهم الإمام عبدالرحمن الفيصل وفيه يقول الشاعر سليم بن عبدالحي: زكي عرضٍ عن العايبات من شب ما داس طرق الملام ورث السلاطين وابن الملوك أسد الشرى عند جدع الهام أشبال وادي حنيفه ونور حيطان حلة منازل ادهام قومٍ عن الحق ما يصدفون والله لهم في رجاه التزام هل سودد الملك للمسلمين نصارة الدين في كل زام ومنشين رسم الهدى من قديم ومقومينه إيلين استقام وعن نجد ما حين رسم الضلال ومهفين زوم الطغات الطغام ومطوعين الجزيرة عموم كلٍ لهم تحت رسم الكمام من طور سيناء الى ابو عريش إلى المدينه ووادي الهشام ونجران وعمان وارض اجعلان ومن شمال المشاهد وشام عصرٍ لكم يوم عبد العزيز ابن سعودٍ هزبر اليمام هذاك يا من كسبت الجميل عزوة عزاك الأعز الكرام وفي عام 1319ه استطاع الملك عبدالعزيز أن يستعيد الرياض لتقام في ساحات القصر عرضة الانتصار: دار ياللي سعدها تو ماجاها طير حوران شاقتني مضاريبه صيدته يوم صف الريش ما أخطاها يوم شرف على عالي مراقيبه جا الحباري عقابٍ نثر دماها في الثنادي على الهامه مضاريبه عشقه للسعود من الله أنشاها حرمت غيرهم تقول مالي به عقب ماهي عجوز جدد صباها زينها اللي مضى قامت تماري به(2) يقول أمين الريحاني واصفاً عودة الإمام عبدالرحمن الفيصل بعد أن استعاد الملك عبدالعزيز الرياض وكيف تمت البيعة للملك عبدالعزيز في عام 1320ه".. خرج عبدالعزيز ورجاله فساروا مسافة ثلاثة أيام ليستقبلوا الإمام الذي عاد إلى الرياض عودة الظافر.. ثم أرسل عبدالعزيز من القصر إلى الوالد في بيته يقول: الإمارة لكم وأنا جندي في خدمتكم فجمع الوالد العلماء وأعلمهم بالأمر ثم أرسل إلى ابنه يقول: إذا كان قصدك في استدعائي لأتولى الإمارة فيها فهذا غير ممكن ولا اقبله مطلقاً.. تدخل العلماء في الأمر فقالوا لعبدالعزيز: على الابن أن يطيع أباه وقالوا لعبدالرحمن: أنت كوالد عبدالعزيز رئيس عليه، وبالتالي على أهل نجد، فقال عبدالرحمن ولكن الإمارة له. فقال عبدالعزيز أني قابلها بشرط أن يكون والدي مشرفاً على أعمالي دائماً فيرشدني إلى ما فيه خير البلاد ويردعني عما يراه مضراً بمصالحها. كذلك تمت البيعة لعبدالعزيز" وقد قام الملك عبد العزيز بإعادة بناء قصر الحكم على أنقاض قصر الإمامين تركي وفيصل بدأ فيه عام 1327ه وانتهى عام1330ه، ومنه كان يدير دفة شؤون الحكم. وهكذا ظل قصر الحكم خالداً في ذاكرة الوطن والتاريخ لما يقارب ثلاثة قرون وشاهداً على اللحمة الوطنية بين القائد والشعب ورمزاً من رموز التاريخ الوطني المشرف والموحي للأحفاد بأمجاد الأجداد، نسأل الله عزوجل أن يديم على وطننا الحبيب أمنه وعزه وتقدمه وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ويمتعه بالصحة والعافية ويمده بنصره وتوفيقه والذي لم يأل جهداً في سبيل توفير الحياة الكريمة لشعبه. الهوامش: الشاعر ناصر الفايز. الشاعر عبدالرحمن الحوطي.