نتيجة تطور وتقدم الحضارة البشرية وما صاحبها من انتهاكات كثيرة لحقوق الملكية الفكرية بشقيها الأدبي والصناعي وذلك بسبب عدم وجود حماية قانونية لهذه الحقوق الفكرية في وقتها، وحيث إن القاعدة القانونية تلبي الحاجة القائمة فقد اتجهت الكثير من الدول إلى التفكير في حماية الإبداعات والمنتجات الفكرية من خلال صياغة تشريعات لحماية هذه الحقوق التي عرفت فيما بعد بحقوق الملكية الفكرية. وكما أسلفنا فقد اتجهت إرادة المنظم إلى حماية حقوق المؤلف وتحديد مدة لهذه الحماية سواء كان صاحب الحق شخصا طبيعيا أو اعتباريا، حيث تكون حماية حق المؤلف في المصنف مدى حياة المؤلف ولمدة خمسين سنة بعد وفاته كما هو الحال في مدة حماية المصنفات السمعية والبصرية والأفلام وبرمجيات الحاسب الآلي والمصنفات الجماعية لمدة خمسين سنة، وهذه الحماية لا تمنع من انتقال حقوق المؤلف كبقية الحقوق بالإرث أو التصرف النظامي الذي يجب إثباته وتحديد نطاقه زماناً ومكاناً، كما أن الورثة إذا كان لهم الحق في إرث حق المؤلف فيلتزم الورثة بالعقود التي أبرمها المؤلف في حياته مع الغير. وحق المؤلف من الحقوق المقررة لا المجردة، لأن الحق المجرد ما شرع لدفع الضرر كحق الشفعة فهو لا يقوم ولا يستعاض عنه بالمال، أما الحق المقرر فهو ما يثبت لمستحقه أصلاً وابتداءً ويجوز الاعتياض عنه بالمال، وحق المؤلف يعتبر حقا من نوع خاص له طبيعة مزدوجة تنطوى على جانبين؛ جانب أدبي وجانب مالي فالجانب الأدبي هو الذي يخول لصاحبه سلطة تقرير النشر من عدمه ونسبه مصنفه إليه أو إدخال ما يراه من تعديلات فيه، وله أيضاً حق سحبه إذا شاء من التداول بعد نشره ويتميز هذا الجانب بأنه يشبه الحقوق اللصيقة بشخص الإنسان لا يصح التعامل فيه أو نقله ولا يجوز الحجز عليه ولا يسقط بالتقادم أو عدم الاستعمال مهما طالت مدته، أما الجانب المالي فهو عكس الجانب الأدبي يخول صاحبه سلطات الاستغلال المالي والتصرف بهذا الحق كغيره من الحقوق. ونعتقد أن حق المؤلف يعتبر على رأس الحقوق الأدبية والذهنية التي ترد إجمالاً في مجال العلوم والفنون والآداب العامة، والملكية الفكرية لحقوق المؤلف تحمي الأعمال الأدبية السمعية والبصرية والأدائية والتراثية والمواد الفنية والفنون التطبيقية كالأعمال التشكيلية والنحت والصور الفوتوغرافية والتوضيحية والخرائط والمخططات، وبرمجيات الحاسب الآلي سواء تشغيلية أو تطبيقية وقواعد البيانات الأصلية التي تعد مبتكرة من حيث اختيار وترتيب محتوياتها كإبداعات ذهنية تعكس السمات الشخصية لمصممها، ولا تمتد هذه الحماية للبيانات أو المواد ذاتها، لكنها عندما تخضع لعملية معالجة تتيح حفظها وفق تصنيف معين وآلية استرجاع معينة، فإنها تتحول من مجرد بيانات إلى قاعدة بيانات، ويعتبر إنجازها بهذا الوصف جهداً ابتكارياً وإبداعياً يستوجب الحماية. ونخلص إلى أن نظام حماية حقوق المؤلف قد بين حقوق المؤلف وجرم جميع أنواع وصور التعدي على هذه الحقوق إلا أن المادة الحادية عشرة من اللائحة التنفيذية لهذا النظام في فقرتها الثالثة قد نصت على أنه: يعتبر تعديا على حقوق المؤلف ومخالفا أحكام النظام وهذه اللائحة كل من أعاد إنتاج مصنفات محمية أو باع هذه المصنفات أو استوردها أو صدرها أو تولى نقلها أو نشرها أو تأجيرها وهو يعلم بالمخالفة، واشتراط العلم بالمخالفة قد يتخذ ذريعة لانتهاك حقوق المؤلف بحجة عدم العلم بالمخالفة وهذه إشكالية من جهة أخرى لمخالفتها النظام.