شلّةٌ مُرتبكةٌ مشوّشة يعيشون جحيم الشك والارتياب من كل جديد. الغريب أنهم لا يتعلمون من التجارب ولم يستفيدوا من الدروس التي مرّت بهم وعلّمت غيرهم بالمجّان. دفع الشك غيرهم لطرح الأسئلة والبحث عن الحقيقة فنجوا من حُمى التشوّش والارتياب وركنوا مع الكثرة في تقبّل الجديد بعد كشف سذاجة نظريّة المؤامرة المعششة في عقولهم. لو كان تشوّشهم وارتيابهم مُتمحوراً على دوائرهم الضيقة لقلنا بأن الزمن كفيل بردهم إلى الحق رداً جميلاً سواء من ذوات أنفسهم أو بواسطة العلاج النفسي والدعم المجتمعي، لكنهم فعّلوا ارتياباتهم وشكوكهم بممارسات أشغلت الرسمي عن أداء مهماته وحاولت تعطيل بعض القرارات التي تصب في صالح المجتمع والوطن. تتحدث عن الدروس. أيّ دروس تعني أيها الكاتب؟ أعني دروس رفض ومقاومة الجديد والتشنيع به في المنابر والمحافل والمطبوعات الرخيصة ثم الرجوع وتغيير القناعات 180 درجة خلال مدة وجيزة والترحاب بذلك الجديد المرفوض سابقاً. لن أعود بهم بعيداً أيام رَفَضَ بعض أجدادهم وقت المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن التحديث والعصرنة وكل مخترعات ما أسموه بالشيطان الغربي فهذا قد يصعب عليهم تصوره لكنني سأضرب أمثلة لدروس عاصروها ليست عن الأذهان ببعيدة. دمج الرئاسة العامة لتعليم البنات مع وزارة التربية والتعليم، بطاقة هوية المرأة، ركوب المرأة المواصلات العامة لوحدها، تحريم صور ذوات الأرواح في الإعلانات بالشوارع، تركيب لاقطات البث الفضائي (الدشوش)، استيراد وبيع الجوال (أبو كاميرا)، مشاركة المرأة كعضو في مجلس الشورى، عمل المرأة ككاشيرة أو في محلات المستلزمات النسائية، تغيير إجازة نهاية الأسبوع من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت.. وغيرها. كل هذه القرارات واجهت رفضاً في البداية بسبب الارتياب من آثارها والهدف من إقرارها، وحين أصرّ الرسمي عليها عرف الناس أنها لصالحهم قبلوها وأقبلوا عليها. في كتابه "إصلاح الإسلام: بدراسته وتدريسه بعلوم الأديان، منشورات دار الجمل طبعة 2014م " يقول مؤلفه المُفكّر التونسي الراحل العفيف الأخضر جواباً على السؤال عن سبب الهذيان عند بعض أتباع الأديان اليوم؟ ان السبب الأول ربما صدمة الحضارة التي عجز البعض عن امتصاصها فالصدمة العنيفة تجعل المصدوم ينقلب من العُصاب إلى الذهان. ويقول في موقع آخر ان بعض المتشددين من المتدينين يرفضون التجديد وهذا ما جعلهم في صراع دائم مع التجديد الفكري والديني والعلمي والأدبي والفني. لكل مرتاب مذعور من قرار ممارسة الرياضة البدنية في مدارس البنات أقول غداً ستُثني على القرار بعدما تلمس نتائجه الإيجابية على صحة بناتك فهوّن عليك لا (يطق فيك عرق) ثم تبلش فيك وزارة الصحة.