يعتبر فحص ما قبل الزواج من أهم مقومات استمرار الحياة الزوجية بسعادة، وهو من دعائم الوقاية من الأمراض الوراثية التي قد تحدث لا قدر الله، فإلزامية الفحص قبل الزواج ذات أثر إيجابي على المجتمع، وهو برنامج وقائي يهدف إلى الحد من بعض أمراض الدم الوراثية مثل الأنيميا المنجلية والثلاسيميا وبعض الأمراض المعدية مثل: التهاب الكبد ب و ج ونقص المناعة المكتسب (الإيدز).. المدينة الطبية في جامعة الملك سعود نظمت مؤخراً، ندوة بعنوان «الندوة العلمية للزواج الصحي»، بمشاركة نخبة من المختصين والمهتمين في المجال الطبي بمختلف التخصصات ذات العلاقة من اجتماعي ونفسي وإعلامي، وغيرهم من مختلف القطاعات الطبية في المملكة، رئيس قسم التثقيف الصحي في المستشفيات الجامعية المشرف على كرسي التوعية الصحية وتعزيز الصحة د. سليمان الشمري، يذكر أن الدراسات الطبية أثبتت ارتفاع مستوى الوعي الصحي لأفراد المجتمع والاهتمام ببرنامج تعزيز الصحة بينهم بما ينعكس إيجاباً على صحة المجتمع كافة، مشيراً إلى أن نجاح بعض الدول في تخفيض معدلات الأمراض والوفيات بين المجتمعات نتيجة حملات التوعية والتثقيف. ويؤكد أن الممارسين الصحيين والمهتمين بالشأن الصحي وجدوا ارتفاعاً في معدلات بعض الأمراض الوراثية في عديد من المجتمعات مثل: الأنيميا المنجلية، والثلاسيميا، وكذلك بعض الأمراض المعدية التي قد تنتقل من الزوجين لبعضهما أو إلى الأبناء. أهمية الفحص المبكر قبل الزواج ضرورة ملحة يجب أن يعيها الكل، فالإرهاق الذي تعانيه بعض القطاعات الصحية جزء منه يتحمله عدم التقيد بالفحوصات المطلوبة قبل أتمام الزواج، وتلك مسؤولية مشتركة بين القطاعات الصحية في التوعية ومواصلة عملية التثقيف وبين المجتمع في تحمل المسؤولية والالتزام بتلك الفحوصات وعدم التهاون في الاستشارة الطبية قبل إتمام الزواج، وتنفيذها والأخذ بالتوجيهات، الأمر ليس بهذه الصعوبة التي نتوقعها لكن البعض لدية قناعة غريبة في عدم الاكتراث بالتحذيرات التي تطلقها المؤسسات الصحية والمختصون و(التهاون) في إجراء تلك الفحوصات، وحتى وإن عُملت قد لا يأخذ العلاج المطلوب ويلتزم بالتعليمات الطبية، مما قد يتسبب لا قدر الله بولادة أطفال بمشاكل وراثية أو نحو ذلك، لذا فتلك البرامج يجب أن تتواصل طوال العام بل يتم تكثيفها بشكل أكبر من أجل تحقيق الغرض المنشود والحفاظ على صحة المجتمع بإذن الله تعالى. لذا أتمنى الترتيب لحملات توعوية عن هذا الموضوع بين وزارة الصحة بالتعاون مع كافة القطاعات الصحية الأخرى وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي ممثلة بالجامعات، وبمشاركة كافة القطاعات المعنية، وتستمر طوال العام، ويُستفاد من المهرجانات الصيفية كذلك في أقامة فعاليات تناول هذا الموضوع، إذاً العمل جماعي ومشترك ويحتاج إلى جهد وتكاتف الكل، وبإذن الله ستكون ثمرته إيجابية على المجتمع. المدن الكبرى قد تأخذ نصيبها من تلك البرامج حتى وإن كانت أقل من المطلوب، أما المدن الصغيرة والقرى فهي الأقل وصولاً لتلك الرسائل التوعوية، ولعل سبب ذلك يُعزى لعدم شمولية هذه البرامج لها بشكل مناسب، ومع أن لوسائل الإعلام الدور الكبير في إيصال تلك الرسالة لكن ما يزال الأمر بحاجة لمزيد من الجهد المضاعف، ولعل وجود مختصين من مختلف القطاعات في الندوة، هو لتدارس كيفية الخروج بنتائج إيجابية تخدم المجتمع، وتساهم بتنمية وعيه، تجاه قضية تعتبر من أهم القضايا التي يجب أن تتطور، ويمكن اختيار الوسائل المناسبة وفق مستجدات العصر،فما كان يناسب قبل سنوات قد لا يناسب اليوم !وقس على ذلك، وأعتقد أن المدارس الثانوية والجامعات هما البيئة الأنسب لإقامة ندوات ومحاضرات، فهما جامعة لأكبر عدد من الشباب والشابات، وتستطيع اختصار آلية التثقيف بوجود عنصر المواجهة، والأثر الإيجابي سيكون أكثر مع النقاش المباشر، وبذلك تسهل لغة الإقناع، وهي التي نحتاجها، فاليوم لدينا جيل يسمع ويناقش حتى في الأمور الصحية والطبية فمستوى الثقافة زاد بفضل الله ثم بفضل وسائل التكنولوجية الحديثة التي جعلته يتصل بكل شيء، من خلال جهازه المحمول وفي أي وقت، لذا نحن نحتاج لبرامج مكثفة حول الفحص المبكر قبل الزواج، فالموضوع يدخل فيه الجانب الصحي (النفسي والاجتماعي ) والاقتصادي وانعكاسته وأثقال كاهل القطاع الصحي في حال وجود أمراض وراثية لا قدر الله أو غيرها، وكان يمكن تفاديها بإذن الله تعالى بفحص وتشخيص وعلاج قبل الزواج.