تُعد الغيرة بين الزوجين دليلاً واضحاً على وجود الحب الحقيقي بينهما، وهنا نجد أنَّ كل طرف يرفض مشاركة شريكه من قبل أيّ شخص آخر، بيد أنَّ هذه الغيرة قد تتحول أحياناً إلى غيرة مرضية تنعكس سلباً على علاقة كل من الزوجين بالآخر، خصوصاً حينما تقود هذه الغيرة صاحبها إلى الشك في تصرفات شريكه وعلاقاته الاجتماعية، ويبقى من الضروري ألاَّ يندفع أيّ طرف في غيرته إلى درجة غير معقولة أو أن تتحوَّل هذه الغيرة إلى مرض أو سوء ظن. نار الغيرة وقالت «أم يوسف الدوسري» : «وهبت قلبي لزوجي وعشت معه (15) عاماً ليس في حياتنا إلاَّ السعادة والاستقرار والحب والثقة والأولاد، بيد أنَّ هناك الآن ناراً تشتعل بداخلي وهي نار الغيرة، فأنا أغار عليه جداً ولا يمكن أن أتصور أنَّه سيرتبط بامرأة غيري، وزوجي بصراحة يستحق الغيرة؛ فهو رجل ناجح في عمله وفيه كل المواصفات التي تحلم بها أيّ فتاة كزوج لها في المستقبل». وأضافت أنَّها لن تكون كالنعامة تُخفي رأسها في الرمال، موضحة أنَّها مريضة بداء الغيرة، مشيرةً إلى أنَّ زوجها بات يعاني من غيرتها عليه، خاصة حينما طلبت منه إلغاء حسابه من برنامج «فيس بوك» بعد أن لاحظت أنَّ هناك فتيات يطلبن إضافتهن كي يُصبحن صديقات له. وأشارت «أم فيصل الحمد» –موظفة- إلى أنَّها تغار على زوجها بصورة فيها شيء من المبالغة، مضيفةً أنَّ غيرتها بدأت تزداد يوماً بعد آخر، خاصة بعد أن أنجبت طفلها الأول، موضحة أنَّ مما زاد غيرتها عليه هو أنَّه يعمل في مجال تتواجد فيه العديد من الموظفات، لافتةً إلى أنَّها تخشى كثيراً من وقوعه في مصيدة إحداهن، إلى جانب خوفها عليه من المصير نفسه حينما يتواجد خارج «المملكة» للمشاركة في مؤتمرات وندوات ولقاءات خارجية تفرضها عليه طبيعة عمله. وأوضحت «خلود الراشدي» –ربة منزل- أنَّ زوجها يعاني كثيراً نتيجة مبالغتها في غيرتها عليه، مشيرةً إلى أنَّه بدأ يشعر أنَّها تُكبّله وتحد من حريته. وقالت :»لقد تزوجته، وهو أحد أقاربي ويتمتع بخلق حسن ودم خفيف ووسامة لافتة، وعمله في إحدى الشركات الكبرى يفرض عليه السفر كثيراً إلى خارج المملكة، وبالتالي فإنًَّ مجال الاختلاط وارد في هذه الحالة، لذا أخاف عليه، كما أنَّ ذلك جعلني حريصة قدر المستطاع على مرافقته عند سفره، لدرجة أنَّ بعض زملائه في العمل باتوا يطلقون علينا أنا وهو الرجل وظله»، مبينة أنَّ أحد زملئه قال له ساخراً ذات مرة :»حبذا لو جعلت (أم فارس) سكرتيرة لك في العمل؛ كي توفر قيمة تذكرتها»، مؤكدة على أنَّ زوجها اعتاد على سفرها معه ومرافقتها له في معظم سفراته. غيرة عمياء وأكدت «منيرة الحبال» على أنَّ الغيرة صفة سلبية؛ لكونها تثير العديد من المشكلات الأسرية، إلى جانب تأثيرها السلبي على العديد من أفراد المجتمع، مضيفةً أنَّ الغيرة العمياء كانت سبباً مباشراً في حدوث العديد من حالات الطلاق، مشيرةً إلى أنَّها واحدة ممن اكتوين بنارها، إذ كانت السبب الرئيس في انفصالها عن زوجها، موضحة أنَّها كانت تراقبه حينما تشاهده يتحدث عبر الهاتف الثابت. وأضافت أنَّه لاحظ هذا الأمر في إحدى المرات فعنفها وأغلظ عليها بالكلام؛ مما جعلها تبادله بالمثل، لدرجة أنَّها صرخت في وجهه بصوت عالٍ، الأمر الذي جعله يرمي عليها يمين الطلاق، موضحة أنَّه تزوج بعد ذلك وتركها تعيش في دوامة من الحزن والندم، لافتةً إلى أنَّها تعيش حالياً مع ذكريات ماضٍ تلوَّث بداء الغيرة العمياء. ولفتت «غنيمة العبدي» –ربة منزل- إلى أنَّها لا تزال تغار على زوجها بصورة كبيرة، على الرغم من كونها تجاوزت عقدها السادس وبات لديها أحفاد، مؤكدة على أنَّها تحتفظ بجواز سفره؛ لكي لا يسافر في أيّ لحظة إلاَّ ومعه أفراد الأسرة، مبينة أنَّ زوجها كثير السفر؛ لكونه رجل أعمال، وبالتالي فإنَّه يتلقَّى بين الحين والآخر دعوات للمشاركة في بعض الندوات وجلسات العمل خارج المملكة. وأضافت أنَّها غالباً ما تضطر لمرافقته في سفره نتيجة خشيتها عليه من أن يتأثر بامرأة تسعى للارتباط برجل ناجح مثله، مؤكدة على أنَّ زوجها تأقلم مع هذا الوضع وأصبح حريصاً على اصطحابها معه أثناء سفره حسب الظروف وإجازات الأبناء. وسائل التقنية وأشارت «عائشة العثمان» –موظفة- إلى أنَّها تشعر أنَّ زوجها يتضايق كثيراً من غيرتها الزائدة عليه، قائلة:»أعلم أنِّي أُبالغ أحياناً في غيرتي عليه، ولكن ماذا أفعل، فالأمر ليس بيدي أو بيد أحد من البشر، بل إنَّ ذلك يحدث بتقدير العزيز العليم»، مؤكدة على أنَّها زوجة غيورة ومرهفة الحس، خاصة في هذا الزمن الذي انتشرت فيه وسائل التقنية الحديثة بشكل أتاحت فيه للجنسين مجالات واسعة من التعارف. وقالت «سلوى الحارث» -أخصائية نفسية- إن الغيرة موجودة لدى كل واحد منَّا، وهذا أمر طبيعي، ولكن غير الطبيعي هو أن يندفع الفرد دون حكمة في غيرته لتتحوَّل بعد ذلك إلى مرض يفتك به أو بغيره، بل إنَّها قد تتحول إلى نار تأكل الأخضر واليابس، فكم من أسرة تصدعت جدران بيتها نتيجة لهذه الغيرة، مضيفة أنَّه ينبغي على الزوجين أن يحاولا ضبط النفس والمصارحة والبوح بما في النفوس. وأضافت أنَّ الصراحة كما يُقال راحة، كما أنَّ فيها صحةً للنفس، مشيرة إلى أنَّ على الزوجة الغيورة أن توضِّح لزوجها أسباب غيرتها بطريقة لطيفة في الوقت المناسب؛ حتى يكون الزوج على علم ودراية بما يدور في نفسها، والعكس هنا صحيح، فهناك أزواج يعانون من الغيرة أيضاً، خاصة إذا كانت الزوجة متميزة، لافتة إلى أنَّ على الزوج أن يتفهّم بصورة واقعية وإنسانية أنَّ غيرة زوجته عليه هي وليدة الحب ونتيجة طبيعية لمشاعرها الصادقة تجاهه. درجات الغيرة وبيَّنت «نهاد العجب» -أخصائية اجتماعية- أنَّ الغيرة شيء مستحب ومقبول؛ لكونها دليل حب واهتمام، بيد أنَّه من الضروري ألاَّ يندفع الطرف الآخر في غيرته إلى درجة غير معقولة أو أن تتحوَّل إلى مرض أو سوء ظن، مضيفةً أنَّ درجات الغيرة تختلف من شخص لآخر حسب ثقافته ووعيه ونفسيته، مشيرةً إلى أنَّ الاندفاع في الغيرة أمر مرفوض، مشددةً على ضرورة أن يتحلَّى الزوجين بالحكمة والعقلانية وعدم التسرُّع. وأضافت أنَّ الغيرة رغم أنَّها وليدة الحب، إلاَّ أنَّها في الوقت نفسه أداة هدم لكيان الأسرة، داعيةً الزوجة إلى ألاَّ تتسبب في هدم كيان أسرتها بالاندفاع في غيرة غير محمودة، مشددةً على أهمية أن تعلم الزوجة الغيورة أنَّ زوجها هو إنسان له شخصيته الاعتبارية التي تجعله في مقام رفيع لا يجب الشك فيه، مؤكدةً على أنَّ الشك يُولد الكراهية والنفور من الطرف الآخر، وهذا في حد ذاته إشكالية قد تعاني منها الزوجة فيما بعد، موضحةً أنَّ على الزوجة أن ترجع لعقلها وألاَّ تندفع دائماً تجاه عواطفها، مبينةً أنَّ العواطف غير المتزنة غالباً ما تُسبب المشكلات داخل كيان الأسرة السعيدة. غيرة المرأة وصلت إلى السفر مع زوجها في رحلة العمل