هزّ كياني سؤال محير لصفو عيشي مكدر سؤال له ألف مبرر. سألت وسألت ولكن لم أجد الجواب الشافي! سؤال ضجّ به عقلي الآن أخبركم بالسؤال: ما هو الموت؟! فالموت أمر محير فهل لفظة موت تدل على نفسها؟ فكما قيل في الحكمة (لكل مسمى من اسمه نصيب) ولكن حيرتي لا تتوقف فقلبي يرجف ودمعي يذرف عندما أسمع كلمة موت. ومع ذلك فهناك ثلّة من الناس في لهاث مسعورين على الدنيا مقبلين، والموت أمر تتيه له العقول ويشيب له الولدان فهل أحبه أم أكرهه وهل أخافه أم أتجاهله؟ وهل أنساه أم أذكره؟ زادت حيرتي أمام هذا السر الإلهي أخذت أسأل هذا وذاك لعل أحداً يصف لي الموت لم أجد إجابة شافية فماتت الكلمة في نفوس هؤلاء وعجز الوصف ظللت أتساءل وأطرق الأبواب كي يشفى غليلي فكأن الناس لا يريدون التحدث وكانوا يصفون الموت بكلمة واحدة لم أجد فيها الشفاء ألا وهي الفناء. سرت كالتائه أجر الخطى أحث السير لا أدري إلى أين وقد أضعت طريقي حتى لاحظ حيرتي أحد الحكماء فقال لي هل أضعت الطريق؟ فقلت بل أضعت السؤال؟ فربت الشيخ الحكيم على كتفي وقال هل أنت عليل؟ فقلت نعم إنني محتار أمام الموت ألا تصفه لي؟ فابتسم الحكيم وقال لا عليك سوف أخبرك ماهو الموت؟ أطرق الحكيم ورمقني بنظرات كسيرة وقال: الموت. ما الموت إنه الحق إنه العدل الإلهي إنه النهاية إنه حالة وأي حالة تتغير معه مصائر أسر ويضعف أمامه أقوى الرجال ليس فيه جدال وهو بداية حياة جديدة، الموت دينمو يحرك عزيمة الإنسان للتقرب إلى الله، والموت هاجس يدغدغ المشاعر فيوقظ الجانب الطيب للإنسان، الموت حنين وأنين ودموع وخضوع الموت ضيف خفيف على المؤمن ثقيل على الكافر فكل شيء هالك ويبقى ربك هو فقط الحي الذي لا يموت فهل فهمت الدرس يا ولدي. ولكن الأهم من ذلك أن تتعلم من الموت الصبر والتقى والعفاف والقناعة ودوام الذكر لله المولى والوفاء والابتسام والرضا. نظرت إلى الحكيم وهو يحاول إخفاء دمعة حائرة فلربما أثرت شجونه بسؤالي له عن الموت.