تجري اليوم الأحد في فرنسا الدورة الأولى من انتخابات بلدية على خلفية تملل شعبي كبير من الأحزاب التقليدية اليمينية واليسارية. فالأحزاب اليسارية الحاكمة تتوقع أن يستغل الناخبون هذا الاستحقاق الانتخابي لتوجيه إنذار إلى الحكومة بسبب عدم رضاهم عن سياستها الاجتماعية والاقتصادية. وأما أحزاب اليمين التقليدي وبخاصة حزب " الاتحاد من أجل حركة شعبية" المعارض فهي تخشى من أن يسعى ناخبوها التقليديون إلى معاقبتها لسببن اثنين هما: أولاً: عدم قدرتها على تكوين جبهة تجسد الطرف البديل المؤهل لإدارة البلاد في أعقاب الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة. ثانياً: الشبهات التي تحوم حول الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي والتي يحقق فيها القضاء. وقد طبع الجدل بشأن هذه الشبهات الحملة الممهدة للانتخابات البلدية التي تجري اليوم الأحد ويوم الأحد المقبل لاسيما بعد أن نشرت صحيفة " ميديابارت" الإلكترونية الفرنسية مقتطفات من مكالمات هاتفية بين الرئيس السابق ومحاميه تعزز هذه الشبهات ويظهر فيها ساركوزي كما لو كان حريصاً على عرقلة مساعي القضاء للبحث عن حقيقتها. وعلى خلفية أزمة الصدقية التي يعاني منها اليمين واليسار التقليديان لأسباب مختلفة، يعول حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف على هذه الأزمة للتمكن من إدارة عدد من المدن المتوسطة والصغيرة التي يتراوح عددها حسب استطلاعات الرأي بين خمس مدن وخمس عشرة مدينة. ويتوقع هذا الحزب أن يكون له قرابة ألف مستشار في تركيبة المجالس البلدية التي ستفرزها انتخابات اليوم والأحد المقبل. وقد حث ناخبيه على الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع، علما أن نسبة الذين يعزفون عن المشاركة في التصويت ما انفكت ترتفع منذ أكثر من عشرين عاما. وإذا كانت هذه النسبة قد بلغت 33 فاصل ثلاثة خلال الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت عام 2008، فإن عمليات سبر الآراء تتوقع أن ترتفع النسبة إلى ما بين 37 و40 في المئة هذه المرة. وعزاء اليسار اليوم الحرص على التذكير بأن الأحزاب الحاكمة تخسر عادة كثيرا من مواقعها في الانتخابات المحلية وبالتالي فإنه لا يجب إعطاؤها بعداً وطنياً. أما اليمين التقليدي فسيعمد إلى استغلال تمكنه من افتكاك عدد قليل أو كثير من المدن من بين أيدي اليسار لمحاولة التغطية على أزمته مع قاعدته ومع عامة الناس. بقي القول إنه يحق للمهاجرين المقيمين في فرنسا المشاركة في هذه الانتخابات شريطة أن يكونوا أصيلي دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. وكان الرئيس الفرنسي الحالي قد وعد خلال حملته الرئاسية الماضية مثلما وعد فرانسوا ميتران الرئيس الفرنسي الراحل قبله بمنح المهاجرين الآخرين حق المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي المحلي. ولكن كليهما تراجع عن وعده في هذا الشأن.