أدلت صحيفة "ميديابارت" الإلكترونية الفرنسية بدلوها قبل يومين في الجدل الحاد بين الحزب الاشتراكي الحاكم من جهة وحزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" اليميني المعارض والمقربين من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي من جهة أخرى. وقد بدأ هذا الجدل بقوة يوم السابع من الشهر الجاري بعد أن أفادت صحيفة "لوموند" أن الرئيس السابق كان يعرف أن القضاء يتنصت عليه بعد انتهاء مهامه كرئيس للبلاد للحصول على معلومات تساعده في استباق مجرى تحقيقات قضائية خاصة بعدد من الشبهات التي تحوم حوله عندما كان رئيسا للجمهورية ومنها مثلا تلك التي يتهم بموجبها بأنه تلقى أموالا من معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية عام 2007. وأضافت الصحيفة في تحقيق نشرته حول الموضوع أن الرئيس الفرنسي السابق عمد إلى شراء هاتف باسم مستعار وأنه كان يسعى عبره إلى إجراء مكالمات هاتفية مع محاميه عبر تلفون آخر باسم مستعار. وكان ساركوزي ومحاميه يعتقدان أن هذين الهاتفين غير مراقبين ولكنهما كانا مخطئين في اعتقادهما. ويعزز الكشف عن نص سبع مكالمات بين الرئيس السابق ومحاميه من قبل صحيفة "ميديابارت" قبل يومين هذه الشبهات إلى حد كبير. وتعود هذه المكالمات إلى الفترة الفاصلة بين 28 يناير و11 فبراير الماضيين، ويتضح منها فعلا أن قاضياً من محكمة النقض كان يضطلع بدور كبير في توجيه التحقيقات القضائية في ما يتعلق بالملفات التي تخص ساركوزي على نحو يتنافى تماما ومبدأ استقلال القضاء وأن هناك شبكة داخل مؤسسات الدولة الفرنسية بما فيها جهاز القضاء تعمل جاهدة للحيلولة دون البحث عن حقيقة الشبهات التي تحوم حول الرئيس السابق. وكان المقربون من ساركوزي وعدد من قياديي حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" اليميني قد اتهموا قبل أيام الرئيس الفرنسي الحالي ووزيرة العدل بالوقوف وراء تسريب ملف التنصت على مكالمات ساركوزي لأغراض انتخابية وللتغطية على المشاكل الكثيرة التي تواجهها الحكومة الحالية. بل طالبوا باستقالة وزيرة العدل. ولكن نشر نص بعض هذه المكالمات قبل يومين في صحيفة "ميديابارت" أحرجهم إلى حد كبير. ويعول حزب "الجبهة الوطنية "اليميني المتطرف على هذا الجدل الجديد من حول الرئيس السابق والتهمة الموجهة لليسار باستغلاله للتغطية على مشاكله لتحقيق اختراق في أعقاب الانتخابات البلدية التي ستجري دورتها الأولى يوم الأحد المقبل بينما تنظم الدورة الثانية منها في الثلاثين من الشهر الجاري. ومهما يكن الأمر، فإن هناك شبه إجماع لدى المحللين السياسيين على أن نص المكالمات التي كشفت عنها "ميديابارت" من شأنه تعقيد مسألة عودة ساركوزي إلى الحياة السياسية لتحقيق رغبته في العودة إلى قصر الإليزيه.