القائد التربوي هو معلم متمرس قادر على ايصال الفهم للتلاميذ اثناء عرضه لفكره وحكمته وخلاصة تجربته، وكان ذلك هدف المعلمين الأوائل ورائدهم وأن التعليم وإن شابه ضعف أو اختلال لابد أن يثبت يوماً بكل جلاء ووضوح أنه القادر على خلق الإبداع وإنتاج المبدعين والمبتكرين، واعلان ارادته لصنع المقاييس وتعيين قيم الاشياء والافصاح كذلك عن خططه وبرامجه التطويرية. المتأخرون يلتفتون دائما إلى الوراء إلى الأزمنة المظلمة، اذا كان للعلم والمعرفة دورهما المعروف فإن القيادة التربوية تتجلى في تنوير الوعي واستنهاض العقل وان التقدميين ينظرون للمستقبل فقط. وتأكيداً لذلك فقد قال البروفيسور (E.D Hirsch) رئيس جامعة فيرجينيا ان التعليم الامريكي بات يخوض في مستنقعات الجهل، يقول ذلك تعليقاً على ندرة القادة التربويين في المدارس الأمريكية:إن بيئتنا التعليمية منهارة من الداخل ولا تعمل على تخريج الاذكياء والعباقرة والمبدعين، او تهتم ببناء الشباب الراشد أراها مستمرة في السير على خطى التعليم الهامشي الذي فشل في تخريج الشباب الواعد والمنافس لأمثاله في الدول الأخرى، الأمر الذي أوقع التعليم الأمريكي في حالة الجهل العنيد، والمتعسف والذي عبّر عنه الزعيم الأمريكي (مارتن لوثر كنج) بقوله بأن اخطر ما يواجه التعليم الامريكي الآن هو حالة الجهل والغباء التي حلت به ولم تخرج منه حتى الان، وتعليقا على التقرير العالمي لمستوى الدرجات التي حصل عليها الطلاب في المدراس والتي بينت أن مستوى الطلاب الامريكيين جاء في اخر القائمة بعد هونج كونج ، كندا، تايوان، استونيا، اليابان، وكوريا. قال البروفيسور (دانيال هومر) من جامعة بنسلفانيا: أعترف أنه بالرغم من أننا أعظم دولة في العالم إلا أن ترتيبنا في التعليم يصل في الأخير وانه ليس هناك شيء اكثر رعبا من ان يصبح الجهل مسيطرا على نظامنا التعليمي. تعليمنا يصدّر الجهل في مناهج مكررة وقوالب عتيقة لا تقود للابتكار او تساعد على بناء التفكير الحر المبدع لدى الطالب. الصيحات المقرونة بالانتقاد لنظام التعليم الامريكي وضعف القيادة التربوية باتت تسمع في كل مكان وقد أظهرت دراسة الكونجرس الامريكي لاستطلاع الرأي حول التعليم بأن نظام التعليم الأمريكي للمرحلة الابتدائية فشل في تقديم المستوى المطلوب لهؤلاء الطلاب بشكل يتلاءم مع تطلعات المجتمع واولياء الامور لضعفه وسوء إدارته وغياب القيادة الحازمة كما أن ثلث الطلاب في المرحلة الثانوية لا يتخرجون في الوقت المحدد مع اقرانهم واقل من المستوى الحالي في الدول الاخرى علاوة على أن التعليم الامريكي يعاني حاليا من وجود فجوة كبيرة بينه وبين دول العالم المتقدم في جميع مراحل التعليم) وأضاف البروفيسور Michell Rhee أستاذ التربية في جامعة كولمبيا بنيويورك أن معظم الطلاب الذين تخرجوا من الثانوية العامة رسبوا في امتحان القبول الجامعي وتبين حاجتهم الماسة الى كورسات تكميلية في مواد الثانوية العامة لسد النقص الذي يعانون منه ولكي يكونوا قادرين على الالتحاق بالجامعة واضاف البروفيسور ميشيل بان الامن القومي في خطر لان التعليم في خطر لأننا لم نوفر لكل تلميذ تعليماً عظيماً، واننا اذا لم نتدارك هذا الامر ويستيقظ النواب والشيوخ ويستشعرون فداحة هذا الوضع وان امننا القومي في خطر ويعملون على تداركه سريعا بإصلاح وضع التعليم واعلان حملة وطنية لإصلاح وضع تعليم القرن 21 وعقد الندوات وورش العمل على مستوى جميع الولاياتالامريكية وتصميم نظام تعليم يتلاءم مع معطيات القرن 21 وامداد الشباب بتعليم يتناسب مع طموحاتهم ورغباتهم واختيار معلمين اكفاء وقادة مخلصين يمكن نعتهم بالعظماء لتعليمهم وتدريبهم بما يسموا بمهنة التعليم ويلبي متطلبات الأمة الأمريكية وتطلعاتها. ويؤكد أخيرا بأن تحقيق هذا المطلب ليس عسيرا على امة اخذت دور الريادة بين جميع دول العالم. هذا وان لم تفعل فستأذن لغيرها بتولي دور الصدارة وتتقوقع حبيسة جزرها وموقعها الجغرافي البعيد. العالم الغربي جميعه مضطرب وتائه بين ما هو كائن وماذا سيكون؟ كان يفخر يوما ما بعلومه واكتشافاته وصناعته وها هو اليوم يصارع نحو البقاء في القمة ويوجه النقد لسياساته وخططه، واساليب تطبيقاته التعليمية. وكدليل على أهمية القيادة التربوية وأثرها في التحصيل فقد أنشأت السويد ابتداءً من عام 2007 معهداً للقادة التربويين والذي جعل ميزانيتها التعليمية اضخم ميزانية في العالم، كما وضعت نظاماً للقائد التربوي –يقوم باتباعه في اداء عمله هو الآتي: 1. تحقيق المرونة الكاملة للقائد التعليمي السويدي في أداء عمله بدون عوائق أو أوامر عليا. 2. إشراك التلاميذ في إدارة المدرسة. 3. مكافأة المتفوقين من الطلاب النابغين والطلاب العاملين في الإدارة المدرسية بجوائز قيمة. 4. وضع القادة التربوية في حالات التحدي لحل المشاكل المستعصية، واقتراح طرق وأساليب تطويرية لتحسين التعليم، اختراع وسائل علمية مبتكرة لتعميق الفهم والإدراك لدى التلاميذ. 5. تقويم عمل القادة وأدائهم في آخر العام بواسطة المفتشين الرسميين واشتراك نخبة من المواطنين معهم. تعميق مفهوم وثقافة القيادة التربوية والعمل على ترسيخ مبادئها وقيمها الموجهة نحو تطوير الجيل الناشئ وريادة المجتمع الإقليمي وتحسين تعامله مع البيئة واحتياجاتها المختلفة بصورة تشارك فيها المدرسة مع الأسرة – والإدارة المحلية في المدن والمقاطعات العامة. من واجبات القيادة التربوية إيجاد بيئة تعليمية تعمل على توفير جو من الحرية داخل الفصول الدراسية مما يساعد المعلمين على بناء وتصور عالم جديد في الفصول الدراسية بحيث يتمكن كل الطلاب والمعلمين – على قدم المساواة – من اظهار قدراتهم وإبداعاتهم علاوة على أن توفير مثل هذا الجو من الحرية داخل الفصول الدراسية يخلق مشاعر الاحترام المتبادل، والتجانس، وتبادل المعارف بين أطراف العملية التعليمية كما يحقق تجميع الطلاب المتفوقين في جانب خاص في الفصل المدرسي – سواء فترة من الوقت أو طول الوقت – للتدريب على ابداعاتهم، الى جانب تزويد الطلاب المتفوقين بمقررات دراسية اختيارية غير مقررة على باقي الطلاب. ويجب أن يراعى في إعداد المقررات الإضافية تنوعها بما يتماشى مع متطلبات إنماء شخصيات هؤلاء الطلاب المبدعين، وأيضا تجميع الطلاب المبدعين في موهبة واحدة ساعات معينة كل أسبوع، من خلالها يستطيع العاملون بالبيئة المدرسية توفير الجو المناسب للطلاب لإنماء الابتداع وإثراء فرصه بينهم وإتاحة المجال لهم بحضور حصص في الصفوف الأعلى تمييزا لهم بأنهم الصفوة. والله ولي التوفيق،،،