المجتمعات تمضي للأمام وتذكر الماضي لمقارنته بما وصلت له من تقدم وسلوك حضاري فقط، ومجتمعاتنا منكبة على إحياء الهزيل من الماضي ورفعه الى مستوى التمجيد والترسيخ في نفوس الأجيال ولا ندري لماذا هل هو.. الفراغ.. إفلاس.. ام عجز عن مسايرة المجتمعات الأخرى؟ وسائل وادوات نقل الفكر والحضارة متوفرة سهلت التواصل ووفرت الوقت واختصرت المسافات، يشاهد الشخص ويسمع ويقول ويقف على ما يريد ويحصل على المعلومة بكل يسر وسهولة في زمن من يملك المعلومة فهو يسير على الطريق الصحيح مع شعوب تتسابق على جمعها والاستفادة منها والفوز بالقيم العلمية وليس بالمنقية. تلك الوسائل استخدمت في مجتمعاتنا بطريقة سلبية جداً تنقل الى البيوت الغث وتنبش في الزوايا المظلمة عن التوافه من الاحداث والسيئ من الأعراف، وتحيي المفاخرة المقيتة وتوقظ النعرات المنتنة وتشعل وتشغل المشاركين، والمشاهدين لها بالمهاترات وهي تجمع ميزانياتها من جيوبهم. وليس هذا وحسب ولكن انتقلت تلك الظاهرة الى برامج الحفلات الخاصة والمناسبات المتواضعة التي يكون الهدف منها ترسيخ المحبة والألفة بين المجتمع الصغير واصبحت تلقى فيها خطب مرتجلة وقصائد مبتذلة تحول المناسبة الى مبارزة افراد تسرد احداثا بطريقة غير مسؤولة وأقاويل غير مفهومة ينقصها البرهان، وتصرف عليها مبالغ يدعى لها القاصي والداني ليشهد الحدث ويستقي التاريخ من منابعه. لقد وصلت هذه الظاهرة الى زوايا القرى الصغيرة. وما يحدث في المجتمع الكبير يحدث بنفس الطريقة في المتجمع الصغير حيث يتحدث الراوي عن اشياء هجينة على المجتمع وهو الشخص الوحيد الذي يحفظ الأحداث والعام الذي قد يقف فترة طويلة ويسجل احداثا كثيرة يُشبع بها عقول الجيل ويغالط بها الحدث الصحيح الصريح. إن هذه الظاهرة يجب ان تدرس وتعالج وتضبط من قبل المسؤولين وعلماء النفس والاجتماع في هذا الوطن الكريم ووضع برامج وقائية وانمائية للاجيال القادمة، وحفظ الله بلادنا من كل سوء ومكروه وأدام عليها نعمه ظاهرة وباطنة.