تباينت آراء وتوقعات عدد من محللي الأسواق النفطية حول مستقبل هذه الأسواق بين نضوب مصادر الطاقة على وجه العموم والنفط خصوصاً، وارتفاع معدلات العرض بالأسواق العالمية خلال الفترة القادمة، مما يدل على ضبابية القراءة لمستقبل هذه الأسواق، مبينين أن الاستهلاك العالمي للنفط يبلغ 90 مليون برميل يومياً خلال الوقت الراهن تستهلك منه ناقلات النفط العالمية ما يقارب ال 6%، كما أن حقول النفط التقليدي تفقد سنوياً أربعة ملايين برميل نتيجة النضوب الطبيعي، يرافقه توقعات بتقلص إمدادات الطاقة خلال العشر سنوات القادمة. ولفتوا إلى أن العوامل الجيوساسية القائمة تسببت في انقطاع 3 ملايين برميل يومياً من الأسواق العالمية، في الوقت الذي يبلغ فيه الطلب العالمي على نفط الأوبك قرابة ال 30 مليون برميل يومياً، وتوقعوا بانخفاض إمدادات النفط السعودي خلال السنوات القادمة ليصل إلى 8.1 ملايين برميل يومياً في 2018 م. وأكد عثمان الخويطر نائب رئيس شركة أرامكو سابقاً، يتميز الوضع العام بالنسبة للإمدادات النفطية اليوم وخلال المستقبل المنظور باحتمال حدوث شح كبير في مصادر الطاقة بوجه عام والمصادر النفطية على وجه الخصوص، وعندما نتحدث عن المصادر النفطية فنحن حتمًا نشير إلى مصادر النفط التقليدي الرخيص، ومنه نفط دول الخليج ففي الغالب نعتقد بأن إنتاجنا هو الأرخص بين النفط التقليدية على مستوى العالم، حيث تكون في حدود خمسة إلى ثمانية دولارات للبرميل مقارنة بأسعار ربما تصل ثلاثين دولارًا للبرميل، وتمثل النفط التقليدية ما يقارب 75% إلى 80% من مجموع الاستهلاك العالمي البالغ 90 مليون برميل والباقي من السوائل النفطية الخفيفة ومصادر النفط الصخري والرمال النفطية، والمصادر الأخيرة لا تكوِّن أكثر من خمسة ملايين برميل في وقتنا الحاضر بزيادة سنوية بسيطة. وأشار الخويطر إلى أن حقول النفط التقليدي تفقد سنويا قرابة الثلاثة إلى الأربعة ملايين برميل، إلى جانب الطلب العالمي المتزايد على مصادر الطاقة، ولا يوجد هنالك أي حراك ملموس ويلفت النظر حول إضافة مصادر طاقة متجددة تساعد على تعويض المفقود، ولذلك فمن المتوقع خلال العشر سنوات القادمة حدوث نقص في إمدادات الطاقة. من جانبٍ آخر بيّن المحلل النفطي الدكتور محمد الشطي، أن السنوات الماضية حملت في طياتها القلق لمتابعي الأسواق النفطية حول مدى كفاية المعروض من النفط وتوازنه مع متوسط الطلب العالمي، وهو الأمر الذي تسبب في رفع أسعار النفط خلال السنوات الحالية، مبيناً أن هذه الارتفاعات اتت نتيجة طبيعية لحالات التصعيد الجيوسياسية في مناطق إنتاج النفط الخام التي تسببت في انقطاع ما يربو على 3 ملايين برميل يومياً من النفط خلال الفترة الراهنة، وقد أصدر مصرف اوف أمريكا مؤخراً دراسة حول الأسواق النفطية بينت أن زيادة الطلب العالمي على النفط الخام خلال السنوات 2014 - 2018 لن تتجاوز 1.2 مليون برميل يوميا سنوياً، تأتي في مُجملها من الاسواق الواعدة والنامية، وبالمقابل فإن الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على النفط يقابلها زيادة مشابهة من امدادات النفط الخام وسوائل الغاز والمكثفات من خارج الاوبك تأتي في غالبها من الولاياتالمتحدةالأمريكية بمعدل 800 الف برميل يومياً على الاقل سنويًا، والباقي يأتي من كندا، والبرازيل، وروسيا، وكولومبيا وغيرها. كما أن ناقلات النفط تستهلك قرابة 6% من إجمالي الطلب على النفط أي 5.5 مليون برميل يومياً، ولكن خلال السنوات القادمة ومع تشديد مواصفات زيت وقود السفن فيما يتعلق المحتوى بالكبريتي انطلاقاً من عام 2015 فإن التوقعات تشير إلى أن هناك مجالاً للتوسع في استخدام الغاز الطبيعي المسال على حساب النفط، وأن ذلك سيؤثر في 50 الف برميل يومياً من الطلب العالمي، والذي سيذهب لصالح التوسع في استخدام الغاز الطبيعي المسال، ولذلك فإن الطلب العالمي على نفط الاوبك يدور حول متوسط 30 مليون برميل يومياً خلال هذه السنوات، ولعل تظافر توقعات الصناعة واجماع المراقبين والمختصين على هذا ياكد على أننا مقبلون على سنوات عجاف وصعبه تستدعي التعاون والتنسيق بأعلى درجاته لضمان استقرار الاسواق. وأضاف الدكتور الشطي، أشارت الدراسة إلى انتاج السعودية من النفط سينخفض من 9.7 ملايين برميل يومياً في عام 2013 إلى 9 مليون برميل يومياً في عام 2014، بالإضافة إلى أنه سينخفض إلى 8.1 مليون برميل يومياً في عام 2018 أي خفض ما مقداره 1.6 مليون برميل يومياً، ولعل هذا مؤشر على قناعة السوق النفطية أن اوبك ستظل تلعب دوراً ايجابياً تجاه تطورات السوق النفطية وبما يخدم استقرار الاسواق ودعم الاسعار من خلال ضبط الانتاج متى ما دعت الحاجه لذلك، وهذه اعتبارات يحتاجها كافه اللاعبين في السوق النفطية وتسهم في دعم صورة ايجابية لمنظمة الاوبك والتي اصبحت واضحه لكل مُنصف يدرس سلوك المنظمة وتطورات السوق. مشيراً إلى أن بوادر وفرة المعروض النفطي فقد بدأت فعلاً مع الإشارات التي تدل على قدوم إمدادات نفطية جديدة، حيث بدأ أسطول ناقلات النفط الإيراني يستعد لمزيد من العمل مع إبحار بعض السفن إلى أعالي البحار، كما أبحرت في الأسابيع الماضية ثلاث ناقلات نفط إيرانية عملاقة على الأقل إلى آسيا، بعد أشهر من بقائها راسية في إيران محملة بنفط غير مبيع، ولقد رفع المشترون الآسيويون وارداتهم من النفط الإيراني مقارنة بما قبل عام مع تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.