إن الكاتب هو الوحيد الذي يشعر بنزيف داخله بأمواج تهيج داخله وبأصوات تهمس نفسه لذلك يريد الهروب من هذا كله يبحث عن شيء يخلصه مما يشعر به فيكتب ليرتاح نفسياً لأنه يجد في عالم الكتابة هبوطاً وسكوناً وتنفسياً. إذن فالكتابة ليست شرطاً معاناة بل هي ترويح كبير للنفس وراحة كبيرة لا يعشقها سوى الكاتب ذي الحس المرهف وما هي إلا عملية تخلص يتخلص الكاتب فيها من شيء زائد في القلب وهي حالة ارتواء وشبع بل هي دواء لداء سري لا يعلمه إلا هواة الكتابة الصحفية وعندما تصاب الأقلام بالصدأ ويعجز العقل عن مواكبة الحدث تتلبد الأحاسيس وتنعدم العواطف لنعيش حالة الإغماء أو انعدام الوزن والتوقف عن الكتابة حتى إشعار آخر وعندما نتدخل في شيء ما لا يعنينا بشكل أو بآخر فإننا نلغي ملكة الإبداع المتأصلة في نفوس الآخرين ونصادر مشاعر الغير بل وندوس عليها أحياناً لنقع أخيراً في شباك النقد ونفتح على أنفسنا باباً من الجدل الذي يجعلنا نسارع دوماً على رصيف الإبداع لنجده أخيراً أمامنا وبذلك نغلق على أنفسناً ونظل ندور في محطة الركود والسأم، وهذا ما يتميز به رجال الصحافة التي تعتبر شجرة الحقيقة يغرد على أفنانها الكتاب الصادقون. فالكتابة لغة التخاطب ووسيلة التفاهم وسر اللقاء فيها نكشف عن الواقع وبها ننفث ما بوسعنا. فلكم أيها القراء وممن استمع القول وشاطر هموم القلم الدعوة للكتابة بروح صادقة أن تحسنوا بعرض مواقفكم وترسموا أفكاركم، فقد تلد منها الفائدة ونبني منها الموعظة فالكثيرون يتلهفون لسماعها ويريدونها على أسطر متواضعة لقراءتها فتجارب الحياة ومواقفها قد تتكرر فهلا استفدنا منها وعرضناها لينظروا إليها لكي يقرأوا ما تهمسون به ويستنشقوا ما تفوح به مساهماتكم.