انزعج فئام من المجتمع الرقمي ممن يستخدمون تطبيق التراسل التواصلي الفوري "WhatsApp"؛ على إثر استحواذ شبكة "فيس بوك" عليه بمبلغ 16 مليار دولار، وجاء هذا الانزعاج نتيجة المخاوف من وجود ثغرات للتجسس على المستخدمين ينتج عنها تسريب محتوى المعلومات المتبادلة بين أطراف التواصل الشبكي مما يخترق خصوصيات عامة المستخدمين البالغ عددهم450مليون شخص حول العالم في هذا التطبيق. وبغض النظرعن بحث مصداقية مبلغ الشراء؛ أو الحديث عن تأييد الانسحاب من هذا التطبيق واستبداله بآخر كالتيليجرام أو غيره من التطبيقات التي تسوق لها شركات متعددة لاقتناص مشتركين جدد يتم التلاعب بهم في تنافسات تجارية واستخباراتية أجنبية في سوق العوالم الافتراضية الدولية التي دون شك لا تحترم مبادئ الخصوصية الإنسانية التي لها أهمية عظمى لدى الشعوب الإسلامية ولا سيما مجتمعنا السعودي الذي ضمن له صيانة خصوصيته المادة 40 من النظام الأساسي للحكم. ما يهمنا هنا هو التعاطي المتزن لجدل اختراق تطبيق "واتس آب" خصوصية الأفراد، كوننا نجد أن تلك المخاوف المبالغ فيها ليس لها ما يبررها منطقياً، لكون العلة الأساسية تكمن في بعض المستخدمين الذين يعانون من ثغرات نفسية أفرزت لهم التهاون في الحفاظ على خصوصياتهم الشخصية والأسرية والوظيفية فباتوا يحتفظون بمعلوماتهم في هواتفهم الذكية حتى غدت هذه الأسرار لقمة سائغة لكافة البرامج والتطبيقات الإلكترونية. وبحسب ما تعرضه الصحف بين الفينة والأخرى من أخبار تتعلق بفتيات يطلبن النجدة نتيجة ابتزاز عمالة أجنبية تعمل في محال بيع وبرمجة وإصلاح الهواتف الذكية قاموا بنسخ صورهن وفيديوهاتهن؛ مما يبين لنا أن التفريط والتهاون ولدا تسريب معلومات سرية شخصية باتت تهدد سمعة مجتمعية لضحية وضعت نفسها في فخ البلاء العظيم. ومن الثغرات النفسية للمجتمع الرقمي السعودي أيضا، ما يقع من التساهل في بث رسائل البدع الدينية؛ ورسائل الغيبة والسخرية وتسريب الوثائق والمستندات الحكومية؛ إلى غير ذلك مما يتنافى مع قيمنا وتعاليمنا الإسلامية؛ فلا تلوموا التطبيقات الذكية أيها الناقمون بل لوموا أنفسكم وعالجوا ثغراتكم النفسية التي اخترقت خصوصياتكم وخصوصيات غيركم وهددت وحدتكم الوطنية دون أن تستوعبوا ذلك جيداً. #ماذا_لو: قررت منظومة التربية التشاركية من أسرة وتعليم ومساجد وإعلام ومجتمع على أن تعيد صياغة مفهوم احترام الخصوصية الشخصية والخصوصية المجتمعية والخصوصية الوطنية وقبلها جميعاً الخصوصية الدينية لنخرج بممارسات إيجابية ترتقي بالوعي المجتمعي وتبني مفهوم المواطنة الصالحة بالشكل الصحيح للعيش بسلام أمني نفسي في العالمين الواقعي والافتراضي.