مثلما كان متوقعاً انتهى حفل الأوسكار بلا مفاجآت تذكر، الفائزون كانوا متوجين قبل الحفل بأيام وكانت كل القراءات تشير إلى فوزهم المؤكد، وجاءت النتائج النهائية متوافقة مع ما نشرته "الرياض" يوم الأحد الماضي في تقرير الزميلة هناء العمير، حيث فاز فيلم "عبدٌ لاثني عشر عاماً" بأوسكار أفضل فيلم، كما استحوذ فيلم "غرافيتي" على جوائز التقنية إلى جانب أوسكار أفضل مخرج للمكسيكي ألفونسو كوران، وفاز الممثل ماثيو مكونهي بأوسكار أفضل ممثل، وفاز زميله في فيلم Dallas Buyers Club جاريد ليتو بأوسكار أفضل ممثل مساعد، فيما فازت كيت بلانشيت بأوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "ياسمين الكئيبة". ماثيو مكونهي إذن فقد كان الأوسكار هادئاً، فاز فيه الأحق في كل فرع من فروع الجائزة السينمائية الأهم على مستوى العالم، ولم يتبع الحفل الضجيج المعتاد حول "المظلومين"، بل كان الجمهور في أغلبه راضياً، لأن من فاز هو الأجدر، وكانت حكاية الأوسكار باختصار "قصة فوز مُعلن"، الكل يعرف من سيفوز لكنهم ينتظرون لحظة الإعلان فقط. فاز "عبدٌ لاثني عشر عاماً" بثلاثة أوسكارات من أصل تسعة ترشيحات؛ هي أوسكار أفضل ممثلة مساعدة لممثلة لوبيتا نيونغ، وأوسكار أفضل سيناريو مقتبس للكاتب جون ريدلي، والجائزة الأهم أوسكار أفضل فيلم في العام 2013، وهو الأفضل بلا منازع، كما أنه واضح ومباشر إلى حد القسوة في تناوله لقضية العبودية، وهذا –ربما- جعله الخيار الأكثر شعبية لدى أعضاء الأكاديمية "الأوسكار" حين فضلوه على الفيلم الآخر الذي لا يقل عنه جودة وقيمة؛ فيلم "غرافيتي". كيت بلانشيت لو فاز "غرافيتي" بجائزة أفضل فيلم فإنه يستحق ذلك أيضاً، فهو إلى جانب شكله التقني المبهر، والمدهش، يقدم فكرة عن الروح الإنسانية الوثّابة الشجاعة التي لا تقبل الانكسار أمام غموض الكون وضخامته، وذلك بلغة بصرية بديعة، تحدثت أكثر مما تحدث بطلا الفيلم ساندرا بولوك وجورج كلوني. لقد قدم المخرج المكسيكي ألفونسو كوران الإنجاز السينمائي الأهم في العام 2013، وأيضاً على المستوى الشخصي إذ الفيلم يعتبر أفضل أعماله حتى الآن، فنياً، وهو وإن خسر أوسكار أفضل فيلم فإنه استحوذ على سبع جوائز أخرى من أصل تسعة ترشيحات؛ أغلبها في الجانب التقني، صورة وصوت ومونتاج، وأهمها أوسكار أفضل مخرج لألفونسو كوران، صاحب فيلم "أبناء الرجال-Children of Men". كوران هو واحد من ثلاثة مخرجين مكسيكيين غزوا المشهد العالمي مع مطلع الألفية الجديدة، ولأنه يشعر بالانتماء لهذا الجيل السينمائي المكسيكي المبدع فإنه لم ينس في كلمته التي ألقاها في الحفل من توجيه التحية لرفيقيه المخرجين أليخاندرو غونزاليس "مخرج فيلم بابل" وغليرمو ديل تورو "مخرج فيلم متاهة بان". الحدث الأهم يوم أمس كان تتويج الممثل ماثيو مكونهي بأول أوسكاراته، فرغم أن ما قدمه من آداء ممتاز في فيلم Dallas Buyers Club يشفع له بالفوز بالجائزة، ورغم فوزه السابق بأهم جوائز النقابات الأمريكية إلى جانب الغولدن غلوب عن هذا الدور تحديداً، إلا أنه كان يخشى من ليوناردو ديكابريو منافسه القوي الذي تسربت شائعات قبل أكثر من شهر عن قرب فوزه بالأوسكار عن دوره في فيلم "ذئب وول ستريت"، وكان يبدو أن لجنة الأوسكار في صدد القيام بما تقوم به أحياناً من تكريم بعض المرشحين عن مجمل ترشيحاتهم السابقة، ومنحهم الأوسكار لا استحقاقاً إنما على سبيل التعويض، وبالنسبة لديكابريو فإنه يبدو خياراً مناسباً لعادة التعويض خاصة بعد خسارته لثلاث ترشيحات سابقة، لكن الأوسكار كان منصفاً هذه المرة ومنح الجائزة لمن يستحقها بالفعل. ألفونسو كوران ماثيو مكونهي يعيش هذه الأيام أزهى فترات حياته، قدم دوراً ممتازاً في فيلم Dallas Buyers Club بشخصية حقيقية لمناضل أمريكي مصاب بمرض الإيدز وقف ضد طغيان شركات الدواء الأمريكية ووفر للمرضى دواء أفضل بكلفة أقل وأخطار أقل، كما يظهر حالياً في مسلسل تلفزيوني ممتاز يحمل عنوان True Detective من إنتاج شبكة HBO ويؤدي فيه دور محقق متشكك ومتشائم يسعى لحل قضية ذات علاقة بعبادة الشيطان. حضوره الطاغي هذا العام أكده أيضاً بدوره الجميل في فيلم MUD، كما أعاده إلى طريق الأفلام الجادة بعد سنوات من الأفلام الكوميدية الخفيفة التي لا تعبر عن الموهبة التي يمتلكها والتي أظهر جانباً منها في بداياته؛ خاصة مع فيلم A Time to Kill عام 1996. أما الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت فقد فازت بأوسكارها الأول كأفضل ممثلة رئيسية عن فيلم "ياسمين الكئيبة"، وذلك بعد أن فازت قبل عشرة أعوام بأوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم The Aviator. في "ياسمين الكئيبة" تألقت بلانشيت بشخصية السيدة الأرستقراطية ياسمين التي فقدت كل ثروتها واضطرت للعيش مع عامة الناس في وضع مادي صعب وتحت ضغط نفسي رهيب. هذه الشخصية المتقلبة المرتبكة والمشتتة والتي تفضل العيش في وهم الثراء على الاعتراف بالواقع البائس، كانت من أعقد الشخصيات التي ظهرت في هذا العام، كما كانت أعقد شخصية أدتها بلانشيت في مسيرتها، وهي كذلك أيضاً بالنسبة لمخرج الفيلم وودي آلن حيث لم يسبق له أن ذهب بشخصياته إلى هذا المستوى من العمق، ومن التقلب في المشاعر، وكأنه يريد بهذا الفيلم مجرد تحدي الشخصية العظيمة "بلانش" التي قدمتها فيفيان لي في الرائعة الكلاسيكية "عربة اسمها الرغبة". سكورسيزي في حوار جانبي مع ديكابريو ميريل ستريب ويل سميث وبراد بيت في كواليس الأوسكار سورنتينو مخرج الفيلم الإيطالي «الجمال العظيم» لوبيتا نيونغ تحمل أوسكار أفضل ممثلة مساعدة