بينما كان الجميع يترقب آخر إحصاءات وأرقام بلاك بيري ماسنجر بعد أشهر قليلة من توفره على منصات أخرى غير بلاك بيري، ومعرفة ما اذا كانت هذه الإحصاءات تحمل بشائر خير للشركة التي رمت بآخر أوراقها الرابحة للبقاء على أقل تقدير في دائرة المنافسة أو الاستسلام لطلبات الاستحواذ والتي لطالما صمدت امامها الشركة الكندية .. فوجئ الجميع بإتمام صفقة (فيس بوك) للاستحواذ على تطبيق المحادثات الشهير (واتس اب) الذي يملك أكثر من 450 مليون مستخدم (أغلبهم نشطين)، وكمية رسائل متبادلة من خلاله وملفات ميديا مرسلة ومستقبلة بواسطته تقدّر بأرقام وأحجام خيالية، ويضم فريقا كاملا من مطورين وموظفين ومصممين. الصفقة أمر طبيعي وغير مستنكر يحدث كثيراً في عالم التقنية للمشاريع الناجحة أو المتعثرة والأمثلة كثيرة منها (يوتيوب)، (إنستغرام)، (فايبر)، و(سكايب) ..إلخ، ولكن بعد ساعات من إعلان الخبر رسمياً انتشرت اخبار على هيئة تسريبات أو استنتاجات مفادها أن (فيس بوك) تنتهك خصوصية مستخدمي (الواتس اب)، وان الشركة دفعت هذا المبلغ الكبير لقاء معلومات المستخدمين لإعادة استخدامها او بيعها لمخابرات الدول الراغبة في أي معلومة عن أي مستخدم، وانتشرت التحذيرات من استخدام (واتس اب) والدعوات لحذفه (بواسطة الواتس اب نفسه)، وغرد من وصف نفسه ب (الخبير الأمني) بمساوئ (الواتس اب) وأنه ينتهك خصوصية المستخدم وهو من نفى عنه هذه التهمة قبل أشهر، ولإضفاء شيء من الأهمية للموضوع كان ولابد من ذكر الجملة الشهيرة (ينتهك أعراض المسلمين)، وكرد على هذا الانتهاك انتشرت بين المستخدمين بدائل مشفرة ومحمية على حد وصف الناشر الأصلي ك(تيليغرام أولاين) حتى أن مطوري (تيليغرام) أعلنوا عن شبه توقف في الخدمة لكثرة طلبات التفعيل ( 100رسالة تفعيل في الثانية الواحدة)! الموضوع في ظاهره تحذير هذا ما يقرأه المستخدم البسيط، ولكن بنظرة اكثر عمقا ستجد الهدف الحقيقي وهو الإعلان المجاني واقتناص الفرصة الذهبية من مطوري التطبيقات الأخرى للحصول على اكبر عدد ممكن من مستخدمي الواتس اب والذين يبحثون عن الخصوصية(الوهمية) مما حدا بأحد المطورين بعد ان اخذه الحماس وبالغ بوصف تطبيقه بأنه مشفّر حتى عن الشركة المطورة!!! التحذير من (فيس بوك) (عدد مستخدميه تجاوز المليار مستخدم) يلزم التحذير من (انستغرام) المملوك من (فيس بوك) أيضاً، والتحذير من (جوجل) أيضاً التي حاولت الاستحواذ على (واتس اب) ب10 مليارات دورلا أمريكي، والتحذير من (مايكروسوفت) والتي استحوذت على (سكايب)، ولكن يبدو ان سوق تطبيقات المحادثات النصية مربح اكثر.. الأمر مثير للسخرية ولايعدو كونه استخدام أسلوب دعائي رخيص يعتمد على القدح والتقليل من المنافس بطريقةٍ قذرة..تماماً كطبيب الأطفال الذي ينصح والدي الطفل بأن الحليب المستخدم لا يناسب الطفل(وان كان طبيعياً)، وان الأفضل له هو ماسيصفه لهم من الشركة التي استقطعت نسبة معينة له مقابل بيع العبوة الواحدة. نقطة ختام: الخصوصية مكانها الخزانات الحديدية من وراء الأبواب المغلقة وليست على شبكات الانترنت التي لست فيها بمأمن من هجمات الأفراد ناهيك عن نقرة بسيطة على حسابك بواسطة الشركة المستضيفة او المطّورة .